باريس - (أ ف ب): حذّرت الأمم المتحدة في تقرير نشر أمس الأربعاء من أنّ صحة الأطفال في العالم أجمع تواجه «خطرًا محدقًا» بسبب عوامل عدّة مثل التغيّر المناخي والوجبات السريعة وتسويق التبغ، مشدّدة على أنّه ليست هناك أيّ دولة تحمي مستقبل أطفالها كما ينبغي. وقال معدّو التقرير الأممي الذي نشر في دورية «ذي لانسيت» الطبية البريطانية إنّه «على الرغم من التحسينات التي طرأت على صحة الأطفال والمراهقين على مدار العشرين عامًا الماضية، إلا أنّ التقدّم وصل إلى حدّه، ومن المتوقّع أن يتّخذ اتجاهًا معاكسًا»، محذّرين من أنّ «جميع الأطفال في العالم يواجهون حاليًا أخطارًا تهدّد حياتهم بسبب تغيّر المناخ والضغوط التجارية». وأعدّت التقرير وعنوانه «توفير مستقبل لأطفال العالم» مجموعة من 40 خبيرًا مستقلا في مجال صحة الطفل من جميع أنحاء العالم شكّلتها منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونسيف»، وقد خلصت في نهايته إلى هذه النتيجة من خلال بناء مؤشّر جديد يقيس إمكانيات ازدهار الأطفال. وهذا المؤشر العالمي الجديد المستند إلى بيانات (الوفيات، الصحة، التغذية، مؤشرات التعليم.. إلخ) من 180 دولة «يقارن الأداء فيما يتعلّق بازدهار الأطفال، بما في ذلك قياسات متّصلة ببقاء الطفل ورفاهه، مثل الصحة والتعليم والتغذية، والاستدامة، مع إيجاد بديل لانبعاثات غازات الدفيئة، والإنصاف، أو الفجوات في الدخل». ولفت التقرير الذي نشرته منظمة الصحة العالمية على موقعها الإلكتروني إلى أنّه في حين «يتعيّن على البلدان الأكثر فقرًا أن تبذل المزيد من الجهود لدعم قدرة أطفالها على العيش في حالة صحية جيّدة، فإن انبعاثات الكربون المفرطة -الناجمة عن البلدان الأكثر ثراءً بشكل غير متناسب- تهدّد مستقبل جميع الأطفال». وحذّر التقرير من أنّه «إذا تجاوز الاحترار العالمي 4 درجات مئوية بحلول عام 2100، تماشيًا مع التوقّعات الحالية، فإن ذلك سيؤدّي إلى عواقب صحية مدمّرة للأطفال نتيجة ارتفاع مستوى المحيطات وموجات الحر الشديد وانتشار أمراض مثل الملاريا وحمّى الضنك، فضلاً عن سوء التغذية». وكما هو متوقّع فإن المؤشّر أظهر أنّ الأطفال في الدول الغنية وفي مقدّمتها النرويج فكوريا الجنوبية ثم هولندا وفرنسا «لديهم أفضل فرص للبقاء والرفاهية، بينما يواجه الأطفال في جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد والصومال والنيجر ومالي أسوأ التوقعات». لكنّ المفاجأة في التقرير أنه «عندما أخذ المؤلّفون في الاعتبار نصيب الفرد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، تَبيّن أن البلدان التي كانت في صدارة القائمة أصبحت تحتل المراكز الأخيرة: احتلّت النرويج المرتبة 156 وكوريا الجنوبية المرتبة 166 وهولندا المرتبة 160». وأوضح التقرير أنّ «كل بلد من هذه البلدان الثلاثة تجاوز الغاية المحدّدة لعام 2030 من حيث نصيب الفرد من ثاني أكسيد الكربون بما نسبته 210%». وأضاف أنه «في حين أنّ بعض أشدّ البلدان فقرًا لديها أضعف نسب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فإن العديد منها يتعرّض لأقسى الآثار المترتّبة على التغيّر السريع للمناخ». كما سلّط التقرير الضوء على «الخطر الواضح الذي يشكّله التسويق الضار للأطفال»، مشيرًا إلى أنّ «تعرّض الأطفال للتسويق التجاري للوجبات السريعة والمشروبات المحلاة بالسكر ينتج عنه شراء أغذية غير صحية وفرط الوزن والسمنة، حيث إن التسويق المجحف مرتبط بزيادة مفزعة في معدلات السمنة لدى الأطفال».
مشاركة :