نـــبــــض: الشاعر الفلسطيني محمود درويش لازال ينتفض!

  • 2/15/2020
  • 09:20
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

لقد مرت في التاسع من فبراير الذكرى الحادية عشرة لرحيل الشاعر المبدع والكبير في المنهج النضالي والأدبي، الشاعر الفلسطيني محمود درويش، هذا الشاعر الذي رحل عن محبيه في التاسع من أغسطس عام 2008 ولد لينتفض مع القصيدة، ويرسم للشعر دربًا آخر في الحياة. كان لدرويش صرخة خرجت من مدار التعب اليومي والكدح في التوغل في مناسم وطن فتح عينيه ليرى إن وطنه لم يكن له، وإن ولادته لم تكن الا وجعا آخر كلفته عمرٌ طويل في الألم والتشظي. درويش شاعر المقاومة والنضال الفلسطيني، هز الشجر العاقر ليأتي بشجر آخر كثير الثمر عنيدٌ على الرياح القاسية، فهو الشاعر الذي يعد من اكثر الشعراء تطويرًا للقصيدة الحداثية واكثر الشعراء حضورًا.وكما اشار الدكتور رمضان عمر في دراسته المعنونة «السردية في شعر محمود درويش»إن «القصيدة الدرويشية لم تكن سردية التكوين فقط، بل عولجت بتقنيات متعددة؛ امتزجت امتزاجا لتشكل نصا حداثيا، اجتمعت فيه أكثر تقنيات الشعر الحديث من قناع ومفارقة ودرامية حوارية».وفي رؤية أخرى للناقد المصري صلاح فضل الذي وثقها كتابه المعنون: «محمود درويش حالة شعرية» يعتبر فضل أن مهارة درويش تظهر خاصةً في عدم تقييده لنفسه داخل إطار ضيق، فحداثته المميزة تكمن في قدرته على صياغة اللفتات التعبيرية الخاصة والإسنادات المجازية، والقدرة على بلورة الرؤية. في الصورة تسكن تلك العلاقة بين الواقع الذي فرض على محمود درويش، كونه ولد في ارض اغتصبت وبين اطار كبر في وجع هذا الاغتصاب ليفجر ولادة قصيدة لم تنم على عتبات الخطوات الأولى من ولادة القصيدة، بل تخطتها إلى مسافات ابعد في المشهد الشعري الذي وجد مع درويش ليكبر ويجتاز كل المسافات من عمر التجربة الشعرية لدى أكثر الشعراء، مدركًا من اين بدأت القصيدة وإلى اين تصل؟سؤال اعتقد، إن درويش لم يكمل إجابته لأن الموت أخذه لا لينتهي وينسى بل ليتجدد مع ما قدمه من قصيدة معاصرة اشتملت في عطائها على كل روافد الأدب العربي المعاصر الحديث، فهي غنائية وهي مسرحية وهي درامية وسينمائية، كل هذا الجمع شكله درويش في تجديده للقصيدة العربية المعاصرة.«ومن المعروف أن الشاعر محمود درويش ولد في قرية البروة قرب عكا في 13 مارس 1941, وعاش شبابه في أراضى 1948 وعرف آنذاك بشاعر القومية العربية، وتعرض للاعتقال على أيدي السلطات الإسرائيلية إلى أن اختار السفر إلى الاتحاد السوفيتي عام 1972 للدراسة، ومن موسكو توجه إلى القاهرة وأصبح منفاه عن فلسطين حقيقة واقعة حتى عاد مع القيادة الفلسطينية عام 1994.وشكلت عودة الشاعر درويش إلى فلسطين بداية مرحلة جديدة بالنسبة إليه، ولو أنه في بعض الأحيان اختار الاغتراب الطوعي في فرنسا لفترات يبتعد خلالها عن مكامن غضبه من الناس أو غضب الناس منه ربما لعدم قدرتهم على تحمل الجمال فيما قاله قبل رحيله».«هذا الاغتراب شكل في اعتقادي بعدا آخر استفاد منه درويش في تطوير المنهاج الشعري في تجربته التي حملت من المؤلفات التي دونت في وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني عام 1988»هذه التجربة الشعرية المتنوعة في عطاء درويش والتي بدأت بمجموعته الأولى «عصافير بلا أجنحة عام 1960 الأربعين مؤلفا كان أولها مجموعة «عصافير بلا أجنحة» وانتهت في الأربعين بمجموعته الأخيرة «أثر الفراشة» في العام الذي رحل فيه 2008 م.الظاهرة التي شكلها أدب درويش تعد استثنائية وإبداعية ذات رؤى خلاقة ومتفاعلة في القصيدة العربية الحداثية والمعاصرة. ظاهرة أكملت المشهد الفني الأدبي لتضيف أبعادا اعتقد لازال النقاد في رهان مع البحث في عناصر بناء القصيدة وتطورها في المنهاج الدرويشي.ومثل درويش، يكون الشاعر سميح القاسم، وشعراء كثر في الأرض المحتلة هو في الجراب من الفضول الذي يحرك رواكد كل آسن في المياه العكرة ويفتح نوافذ جديد في منهاج البحث عن أهمية ولادة القصيدة المعاصرة على أيدي شعراء يتقدمهم محمود درويش.وقد يسأل سائل: الا زال محمود درويش ينتفض؟، نعم لازال ينتفض شعرًا وحبًا وسلامًا لا يغادر قلبا أتعبه الضنى فتوقف عن البوح تاركًا للآخرين وهج الحب وصحوة القصيدة التي لا تنمو مع الفوضى.a.astrawi@gmail.com 

مشاركة :