أثارت مسألة وقف المعارك في محافظة إدلب السورية التي تشهد تصعيداً كبيراً بين الجيش السوري والفصائل الإرهابية المدعومة من تركيا، حراكاً دبلوماسياً مكثفاً، أمس، مع دخول كل من فرنسا وألمانيا على خط جهود احتواء الأزمة الإنسانية في المحافظة. وأبلغ زعيما فرنسا وألمانيا، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس، بأن الأزمة الإنسانية في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا تحتاج لحل سياسي، وأنه ينبغي للزعماء الثلاثة عقد اجتماع عاجل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية: «إن الرئيس إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عبرا عن قلقهما المشترك تجاه الوضع الإنساني الكارثي الذي يجد المدنيون أنفسهم فيه، فضلاً عن خطر حدوث تصعيد». ومن جانبه، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، في اتّصال هاتفي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان عن «قلقه البالغ إزاء الأعمال العدوانية» للإرهابيين في منطقة إدلب السورية، حيث يشن الجيش السوري هجوماً واسع النطاق. وأكد بيان للكرملين أن الرئيسين اتفقا خلال المحادثة الهاتفية على «تعزيز المشاورات الثنائية حول إدلب بهدف خفض التوتر، وإرساء وقف لإطلاق النار، والقضاء على التهديد الإرهابي». وفي موسكو، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: «إنّ احتمال عقد قمة رباعية قيد البحث»، موضحاً أنه «لا وجود لقرار واضح بعد». وبموجب اتفاق بين أنقرة الداعمة لفصائل مسلحة وموسكو، لدى تركيا 12 نقطة مراقبة عسكرية في المحافظة، غير أن عدداً منها بات في مناطق تخضع لسيطرة دمشق، منذ أن شنّت هجوماً في ديسمبر بدعم من الطيران الروسي لاستعادة آخر المعاقل الخارجة عن سيطرتها. وأعلنت أنقرة، أمس الأول، مقتل اثنين من جنودها في غارة جوية نسبت إلى الجيش السوري، وهو ما يرفع إلى 16 عدد العسكريين الأتراك الذين قتلوا في المنطقة منذ بداية فبراير. وتخضع إدلب لاتفاق «خفض تصعيد» جرى التوصل إليه سابقاً بين أنقرة وموسكو، غير أن أركانه اهتزت في الأسابيع الأخيرة. ولا تنفك النبرة ترتفع بين هاتين العاصمتين في وقت تبدو موسكو مصممة على مساعدة الجيش السوري في استعادة إدلب بأي ثمن، وهو ما يثير الخشية من اشتباكات ميدانية بين تركيا وروسيا اللتين تتعاونان منذ 2016 في الملف السوري رغم المصالح المتباينة. ودعا قادة الاتحاد الأوروبي الذين اجتمعوا، أمس، في بروكسل إلى وقف الهجوم العسكري «غير المقبول» في إدلب والذي «تسبّب بمعاناة بشرية هائلة». وأشارت وزارة الدفاع الروسية، أمس الأول، إلى تنفيذ ضربات لوقف هجوم قادته فصائل إرهابية مدعومة من أنقرة باتجاه نقاط يسيطر عليها الجيش السوري، ودعت تركيا إلى «الكف عن دعم أنشطة جماعات إرهابية والتوقف عن مدّها بالأسلحة». وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أفاد بأن فصائل متطرفة شنّت بدعم من القوات التركية هجوماً على مواقع قوات الجيش السوري في بلدة النيرب الواقعة في ريف إدلب. وبحسب موسكو والمرصد، فإنّ المدفعية التركية قصفت مواقع للجيش السوري دعماً للهجوم الذي تتعرض له. روسيا تنفي تقارير النزوح الجماعي وصفت وزارة الدفاع الروسية، أمس، تقارير تحدثت عن فرار مئات الآلاف من السوريين من إدلب باتجاه تركيا، بأنها غير صحيحة، وحثت أنقرة على السماح لسكان إدلب بدخول مناطق أخرى من سوريا. وجاءت تصريحات الوزارة في بيان، قالت فيه إنها تستخدم الطائرات المسيرة وموارد أخرى لمراقبة الوضع في إدلب. كما أضافت أن تركيا أدخلت كماً كبيراً من العتاد العسكري والذخيرة إلى إدلب في الأسابيع الأخيرة. دعوات أممية لوقف إطلاق النار فوراً دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، أمس، لوقف إطلاق النار فوراً في منطقة إدلب بسوريا «لإنهاء الكارثة الإنسانية، وأيضاً لتجنب تصعيد لا يمكن السيطرة عليه». وقال جوتيريس: «لنحو عام تقريباً شهدنا سلسلة من الهجمات البرية للحكومة السورية بدعم ضربات جوية روسية، وتكررت هذا الشهر الاشتباكات القاتلة بين القوات التركية وقوات الحكومة السورية». وحذرت الأمم المتحدة من أن القتال في شمال غرب سوريا قد «ينتهي بحمام دم»، وكررت دعوتها لوقف إطلاق النار.
مشاركة :