دعت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة «القلب الكبير»، المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حكومات العالم ومنظمات المجتمع إلى وضع رعاية الأطفال والتعليم في المجتمعات منخفضة الدخل أو التي تعاني تحديات؛ نتيجة لظروف محلية أو إقليمية، على رأس قائمة أولوياتها، وفي مقدمة برامجها، واعتبرت سموها أن كافة قضايا التنمية والتقدم التي ينشغل بها المجتمع الدولي اليوم، يجب أن تبدأ بصون كرامة الأطفال، وحفظ حقوقهم في التعليم، وفي حياة صحية طبيعية. وشددت سموها على أهمية مراعاة معايير عالية من الجودة عند تصميم البرامج التي تستهدف توفير التعليم والرعاية للأطفال، وأشارت إلى أن التعامل مع هذه المهمات وكأنها مجرد إرضاء للضمائر لن يساعد في تحقيق نتائج حقيقية، وستكون إدارة للأزمات الاجتماعية، وليس حلاً لها، ولن يحدث أي فرق جوهري في مسيرة العالم نحو التنمية. وجاءت تصريحات سموها، خلال زيارتها إلى جمهورية باكستان الإسلامية، يرافقها وفد من مؤسسة «القلب الكبير»، ومؤسسة «نماء للارتقاء بالمرأة»؛ حيث زارت سموها مجموعة من مؤسسات رعاية وتعليم الأطفال من ذوي الدخل المحدود، ومراكز دعم اللاجئين في العاصمة إسلام أباد ومدينة لاهور؛ حيث التقت خلالها بعدد من المسؤولين الباكستانيين والدوليين العاملين هناك.وكانت سموها قد وصلت إلى باكستان، لحضور الجلسة الافتتاحية ل«المؤتمر الدولي حول مرور 40 عاماً على وجود اللاجئين الأفغان في باكستان» على رأس وفد ضم.. الشيخة هند بنت ماجد القاسمي، رئيسة مجلس «سيدات أعمال الشارقة»، ونورة النومان، رئيسة المكتب التنفيذي لسمو الشيخة جواهر القاسمي، وإرم مظهر علوي مستشار أول في المكتب التنفيذي لسمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، ومريم الحمادي مديرة مؤسسة «القلب الكبير»، وريم بن كرم مديرة مؤسسة «نماء للارتقاء بالمرأة».واستمعت سموها خلال لقائها بمسؤولي عدد من المؤسسات والمنظمات الباكستانية إلى شرح حول الأوضاع المتعلقة بالرعاية والتعليم للأطفال والعائلات من ذوي الدخل المنخفض، وأيضاً لأوضاع اللاجئين واحتياجاتهم هناك، وناقشت معهم سبل الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لهم، والآليات المناسبة التي على المجتمع المحلي والدولي اتباعها؛ لتوفير الدعم بما يتناسب مع أهدافهم.وقالت سموها: «التعليم يعني الأمل للمجتمعات والأفراد، والقوة التي بها يواجهون تحديات واقعهم، والمدخل لتحقيق التكافؤ بين الأمم والشراكة في الإنتاج والعطاء، أما التعليم للأطفال بشكل خاص، فهو حق إنساني طبيعي يوازي الحق بالحياة؛ لأنه يمنح الأفراد حياةً تصون كرامتهم وكبرياءهم، ويمكنهم من الشعور بالأمن والاستقرار، وهو أساس التطور لأي أمة ويسهم في التعايش السلمي العالمي، كما أنه أداة بناء شخصية سوية متوازنة تؤمن بالعدالة وتنبذ الكراهية والتعصب، ما يعني أن تعليم الأطفال هو استثمار في المستقبل، ويسهم في تسريع الخلاص من مشكلات التفكك والصراع التي تعيشها الكثير من المجتمعات».العلم قوة للفتياتوشددت سموها على أهمية تعزيز جهود العالم بمنظماته ومؤسساته المدنية والرسمية لتوفير التعليم للفتيات في المجتمعات منخفضة الدخل، وقالت سموها: «تعليم الفتيات ليس مجرد حصول على معلومات جديدة؛ بل هو سلاحهن للمستقبل، وقوتهن في مواجهة كافة أشكال التحديات الاجتماعية والاقتصادية؛ لذلك يجب على الأسر والآباء على وجه التحديد أن ينظروا للتعليم؛ كونه أهم من الزواج المبكر؛ لأنه شرط لزواج ناجح ومجتمعات مستقرة ومتوازنة تنعم بقيم العدالة وتكافؤ الفرص والتنافسية». وأضافت سموها: «عند التعامل مع تعليم الفتيات في المجتمعات منخفضة الدخل، علينا أن نبدأ من تعزيز الثقة لدى الفتاة نفسها، وتشجيعها على التمسك بحقها في التعليم، وعدم التنازل عنه، علينا أن نغير مفاهيمهن حول أن الفتاة تأتي في الدرجة الثانية، وأن حقوقها قضايا ثانوية تقبل المساومة، نحن بحاجة للفتاة الواثقة حتى ننهض بالمجتمع، ونعزز تماسكه ونثريه بالمواهب والقدرات والطاقات». وتابعت سموها: «وعلى الرغم من أهمية التعليم للوصول إلى مجتمع أفضل من النواحي كافة، إلا أن الجهود الدولية لا تزال متواضعة أمام استحقاقات توفيره لكافة الأطفال في هذا العالم. لا يزال هناك الكثير من المحرومين من التعليم الأساسي، ما ينذر بأن الأهداف التنموية للألفية الثالثة لم تستوفِ الركن الأساسي من عوامل تحقيقها وهو التعليم والرعاية الصحية، بكل ما يعنيه هذان القطاعان من أمن وتقدم اجتماعيين». وبيّنت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، أنها التقت خلال زيارتها لباكستان مع أشخاص تفوقوا في العطاء؛ بتوفير التعليم للأطفال على الكثير من المؤسسات والمنظمات، واعتبرت أن هذه النماذج؛ تؤكد أن العالم يستطيع بذل المزيد، وأن كل فرد فيه بإمكانه المساهمة بحسب قدراته في توفير مستحقات الحياة للأطفال الفقراء.قرى الأطفالوزارت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، مركز قرى الأطفال في باكستان (SOS)؛ وهي منظمة عالمية تعنى بشؤون الأطفال وعائلاتهم في حالات الكوارث والصراعات أو الأزمات الاجتماعية، وتعمل على ضمان حصول الأطفال على خدمات التعليم والرعاية والدعم النفسي، إلى جانب توفير مقومات الإيواء والمعيشة والرعاية للأطفال الأيتام. والتقت سموها، خلال الزيارة، مع إدارة المركز والمشرفين على قرى الأطفال، واستمعت منهم إلى شرح حول آليات عمل المركز، وكيفية التنسيق بين الفروع، والتحديات التي تواجه مساعيهم نحو توفير التعليم والرعاية ومقومات الحياة الطبيعية للأطفال الفقراء والأيتام. وأشارت سموها، في حديثها خلال اللقاء، إلى أن ما تقوم به إدارة المركز إلى جانب المشرفين والعاملين، يتجاوز مجرد العمل من أجل الأطفال؛ بل هو استثمار في جيل كامل عبر تعويضه عن مشاعر العطف والحنان والاهتمام التي اعتبرتها سموها في غاية الأهمية؛ لبناء مجتمع حيوي متعاون ومنتج. وبحثت سموها مع إدارة المركز أهم التحديات التي تواجههم خلال العمل في بلد لا يزال يعاني تبعات الصراعات والأزمات الإقليمية، ودعت المجتمع الدولي إلى إطلاق وتبني المزيد من المبادرات ذات الأثر الاجتماعي المستدام، ودعم المبادرات القائمة؛ للتمكن من مواصلة أعمالها.التعليم الجيد للجميعوتضمّن برنامج زيارات سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، مدرسة تابعة لمؤسسة سيتيزن في إسلام أباد، The Citizens Foundation التي تضم تحت مظلتها أكثر من 1600 مدرسة، وكان في استقبال سموها الرئيس التنفيذي للمؤسسة، إلى جانب عدد من الإداريين والطاقم التدريسي. وتتركز المدارس التابعة للمؤسسة بشكل خاص في المناطق الأكثر فقراً في المدن والقرى الباكستانية، ويدرس فيها نحو 250 ألف طالب وطالبة، من الصف التأسيسي حتى الصف العاشر. وانطلقت مؤسسة «سيتيزن» في باكستان بتاريخ 1995 بخمس مدارس فقط، وكانت تضم وقتها 700 طالب؛ وهي مؤسسة خيرية معنية ببناء وإدارة المدارس المخصصة للفقراء وذوي الدخل المنخفض.وتعد المؤسسة بأنها أكبر مصدر لوظائف النساء الباكستانيات؛ حيث تعمل فيها أكثر 12000 معلمة ومديرة. وتحرص المؤسسة على إقناع الأهالي بإرسال أبنائهم وبناتهم للتعليم، ووفرت في سبيل تحقيق ذلك طاقماً متخصصاً يقوم بزيارة الأهالي وطمأنتهم على مصير أبنائهم في المدارس التابعة لها.وتحدثت سموها أثناء الزيارة عن أهمية التعليم في تحقيق التقدم الاجتماعي وتصحيح المفاهيم والأفكار السلبية التي تنشأ بفعل الحرمان، وغياب التعليم، وأشادت سموها بقدرة المؤسسة على تحقيق المنجزات، وتوفير التعليم على الرغم من الظروف الصعبة التي تعمل في إطارها، وحثت سموها الشباب والفتيات على مواصلة التعليم؛ لدعم تقدم بلدهم، وتحقيق طموحاتهم المشتركة.رعاية المرأة في لاهوروتضمن برنامج زيارات سمو الشيخة جواهر القاسمي، زيارة ل«مركز تنمية المرأة» في إسلام أباد، وكان في استقبال سموها مسؤولين عن مجلس إدارة المركز، إلى جانب ممثلي المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، وعدد من الفتيات والنساء المتدربات، ومشرفات ومدربات في المجالات المختلفة التي يقدمها المركز للباكستانيات واللاجئات الأفغانيات في باكستان. وكان المركز قد تأسس في عام 1973، وبعد اندلاع الصراعات في أفغانستان استقبل ودرب عدداً كبيراً من اللاجئات؛ لمساعدتهن على تخفيف معاناة الظروف الصعبة لعائلاتهن، وعلى الاندماج في المجتمع المحلي، وبلغ عدد منتسبات المركز من اللاجئات الأفغانيات 3500 لاجئة، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 5000 خلال المرحلة المقبلة من التدريب المهني. ويقدم المركز دورات تدريبية وتأهيلية في أكثر من 25 مهارة وحرفة مختلفة، إضافة إلى دورة دراسية لمدة عام في دبلوم تصميم الأزياء والتجميل وتكنولوجيا المعلومات. وتجولت سموها في قاعات المركز وأقسامه، والتقت مع المشرفات والفتيات المتدربات، وأبدت سموها خلال حديثها معهن إعجابها بالمستوى المهني المتطور الذي وصلن إليه. وأثنت سموها على إصرار الفتيات على التعلم. وفي نهاية الزيارة شكرت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، الحكومة الباكستانية على احتضان اللاجئين الأفغان لمدة 40 عاماً، وعلى رعايتها لهم ومعاملتهم بدون تمييز
مشاركة :