دراسة الطب لا تستهوي الطلبة المواطنين المتفوقين

  • 2/23/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق إيمان عبدالله آل علي جهود كبيرة تبذل؛ لجذب طلبة المستقبل من المواطنين، أصحاب المعدلات العالية؛ للالتحاق بدراسة الطب، وتحسين فرصهم؛ لكن لا تزال هناك تحديات تواجه هذا القطاع، والتسرب من الكلية، فحسب الإحصاءات، فإن نسبة الخريجين من كليات الطب لا تتجاوز 25% من الطلبة الذين يلتحقون بها فعلياً، فما الأسباب التي تحول دون إقبال الطلبة المواطنين على دراسة الطب؟ وهل سنوات الدراسة الطويلة تشكل عائقاً؟ وهل ما يزال الأطباء يشتكون ضعف الراتب، مقارنة بسنوات الدراسة وطبيعتها؟أكد د. سهيل الركن، رئيس شعبة الأعصاب في جمعية الإمارات الطبية، أن ثمة برامج عدّة؛ لجذب الطلبة لدراسة الطب؛ منها برنامج الطب والعلوم التابع لهيئة الصحة، فضلاً عن ذلك، نشهد زيادة عدد الجامعات والكليات التي تدرس الطب، في حين كانت سابقاً مقتصرة على جامعتين بالدولة، إضافة إلى ابتعاث عدد كبير من الطلبة؛ للدراسة في الخارج. وقال: إن أسباب العزوف متعددة؛ نتيجة طبيعة الدراسة في كليات الطب، وطول سنوات الدراسة؛ حيث يستغرق الطالب 7 سنوات في الكلية وبعدها سنة امتياز، وبعدها هناك تدريب سواء داخل الدولة أو خارجها لسنوات عدة، حتى يتخصص، وخلال تلك الفترة راتب الطبيب يكون متدنياً، والتزامه العائلي صعباً، واستمرارية الدراسة والاطلاع وقراءة الأبحاث والدراسات للمحافظة على المستوى العلمي والمهني والأكاديمي يعد مطلباً ضرورياً. وحسب الإحصاءات، فإن نسبة الخريجين من كليات الطب لا تتجاوز 25% من عدد الطلبة الذين يلتحقون بكلية الطب فعلياً، فإذا التحق 1000 طالب يتخرج 250 فقط، وبقية الطلبة يتسربون من هذا المجال، فعدد التسرب كبير من كليات الطب، وهذا يعطي انطباعاً خاطئاً عن الكلية. تنوع ثقافي أكدت الدكتورة شمسة بن حماد، الرئيسة التنفيذية لشؤون العمليات لدى مستشفى «ميدكير» للنساء والأطفال، واستشارية طب الأسرة، أنه كان على الأطباء الإماراتيين سابقاً السفر وقضاء سنوات طويلة خارج الدولة؛ للتدرّب والتخصص؛ نظراً لتقدم المنشآت والكليات الطبية في أوروبا وأمريكا، إلا أننا نمتلك حالياً الكثير من الجامعات ذات التصنيف الرفيع في الإمارات، وشهدنا زيادة في اهتمام الطلاب الإماراتيين للتدرب والتخصص داخل الدولة. وسيتاح لهؤلاء الطلاب حالياً بدء مسيرتهم المهنية في وطنهم، ما يعني إسهامهم في تعزيز صحة مجتمعاتهم في مراحل مبكرة من مسيرتهم.وقالت: نتطلّع إلى زيادة عدد الإماراتيين العاملين في القطاع الخاص، وفي المجالات الطبية على وجه الخصوص، لا سيّما مع سعي مبادرات التوطين إلى تعزيز واستدامة قطاع الرعاية الصحية في الإمارات؛ لتأثيره الإيجابي في الاقتصاد، وتحسين نتائج المرضى، وتعزيز الفرص للمواطنين. ولا شك أن التطورات التكنولوجية والطبية، والعلاجات الرقمية، تجعل من دخول القطاع حالياً فرصة غير مسبوقة، وتمنح العاملين فيه الفرصة للتأثير على حياة عدد كبير من سكان المنطقة. وسيقدم تدريب الجيل المقبل من الأطباء الإماراتيين تنوعاً ثقافياً كبيراً في مستشفيات الدولة، ويحسّن فهمنا لاحتياجات المرضى الإماراتيين.وأوضحت: إن الأدلة تشير إلى الترابط الوثيق بين زيادة عدد الأطباء وتحسين نتائج المرضى وتعزيز جودة حياتهم؛ حيث أشارت إحصاءات هيئة الصحة في دبي، إلى نمو مطرد في أعداد الأطباء العاملين في قطاع الرعاية الصحية، سواء من المواطنين أو المقيمين، إلا أننا بحاجة إلى مواكبة الطلب بمستوياته المتزايدة دائماً؛ لنكون قادرين على المحافظة على الزخم الذي اكتسبناه، تماشياً مع رؤية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، لتوفير «طبيب لكل مواطن»، تطبيقاً لهدف البند الخامس من «وثيقة الخمسين»، وتشمل الخطة تحديث النظم والمعايير واستقطاب الكفاءات الطبية المتميزة. وقالت: شاركت عوامل عدة في زيادة الطلب على قطاع الرعاية الصحية، وارتفاع مستوى توقعات المرضى؛ منها: زيادة الإنفاق، والنمو الاقتصادي العام، وتحسّن الدخل. وحرصاً على تلبية الطلب المتزايد على القطاع، علينا أن ندرب ونوظف عدداً متساوياً من الأطباء والأخصائيين من دون التنازل عن معايير جودة الخدمات المقدمة. وأكدت أن حكومة الإمارات ووزارة التربية والتعليم استثمرتا في التعليم العالي؛ لتحسين فرص الجيل المقبل من الطلاب الإماراتيين، ما أدى إلى زيادة حماستهم لدخول كليات الطب، والعمل على تطوير مسيرتهم في هذا المجال؛ لمساعدة المرضى. ونقدم في «ميدكير» الكثير من الفرص لهؤلاء الطلاب، لمرافقة أطبائنا والتعلم من خبراتهم العملية، الذي يعدّ أحد أهم العوامل في التدريب السريري.وقالت: إن امتهان الطب ليس بالمهمة السهلة، ولكن نتائج النجاح فيه لا تقاس؛ إذ إن السعادة التي تغمر الطبيب عند مساعدته للمرضى في مجتمعه على الشفاء لا تفوقها أي سعادة، فضلاً عن الثقة والاحترام والمكانة المرموقة التي يحظى بها الأطباء. ونصيحتي لأطباء المستقبل أن يبذلوا قصارى جهدهم في متابعة مسيرتهم؛ للحصول على شهاداتهم، فضلاً عن اكتساب الخبرة العملية السريرية، التي ستكون سندهم الرئيسي في بداية مسيرتهم المهنية. والطب أحد أصعب مجالات الدراسة؛ لكنه من أكثر المجالات التي تكافئ من ينجح فيها؛ إذ قد يصعب التعامل مع المصطلحات الطبية المعقدة أو ساعات العمل الطويلة؛ لكن المعلومات السريرية والخبرة التي يكتسبها الطلاب، خلال دراستهم، ستحضّرهم لمسيرتهم المهنية المستقبلية في بيئة عمل سريعة الوتيرة. المستشفيات التعليمية وأكدت د. سامية وديع سامي، طبيبة عامة في مستشفى الزهراء الشارقة، أن سبب عزوف المواطنين عن دراسة الطب، يعود إلى سنوات الدراسة الطويلة، وتحضير التخصص بين ماجستير ودكتوراه، وهذا يتطلب أحياناً كثيرة السفر للخارج، ما يؤثر في الحياة الاجتماعية والأسرية، وعدد الأطباء المواطنين لا يوازي حاجة الدولة إلى الأطباء، وهذا يحتاج إلى تكثيف تشجيع الدولة للراغبين في هذه المهنة، وما نزال بحاجة إلى المستشفيات التعليمية، ومنشآت البحث العلمي. وقالت: من الأفضل لأصحاب المعدلات العالية، أن يلتحقوا بدورات استكشافية عن الكليات العليا وتخصصاتها المختلفة، ما يفتح المجال للإقبال على دراسة الطب، فضلاً عن ذلك، يشكل السفر للخارج للدراسة تحدياً كبيراً أمام الطلبة. من الطب إلى الهندسة وأكد سالم الحمادي أن كلية الطب تعد من أصعب الكليات، وأنه التحق للدراسة فيها، ولكن لم يتمكن من المواصلة؛ نتيجة سنوات الدراسة الطويلة، وصعوبة المنهج الدراسي، وقلة الحوافز، والضغط الكبير على الأطباء الممارسين للعمل والمناوبات، فتلك عوامل جعلتني أترك دراسة الطب، وألتحق في كلية الهندسة. في حين أكد زميله علي البلوشي، أن الطبيب لم يعد راتبه محفزاً، وبإمكان الطالب أن يلتحق بدراسة تخصص أكثر سهولة، ويحصل على امتيازات وحوافز أعلى، وهذا ما دفعني لترك الكلية والالتحاق بتخصص آخر، فالسنوات الطويلة للدراسة تشكل عائقا كبيراً، إلى جانب أن الوصول إلى التخصص أكثر صعوبة. طبيبات في سجل العاطلين في المقابل نجد أن هناك مواطنات التحقن بكلية الطب وتحديداً تخصص طب الأسنان، ويشتكين عدم وجود شواغر لهن، فقد تخرجن منذ سنوات طويلة، وإلى الآن ينتظرن وظيفة سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، على الرغم من اجتيازهن سنة الامتياز بنجاح، وحصولهن على شهادة مزاولة المهنة، وعرضن شكواهن مراراً وتكراراً؛ لكن دون أن يستجيب لهن أحد؛ فهل لدينا اكتفاء في تخصص طب الأسنان؟ وهل يعقل عدم وجود شواغر لطبيبات مواطنات؟ بحسب رواية الخريجات، فإنهن اجتزن سنة الامتياز بتقدير امتياز، وهناك عدد كبير منهن لا توجد شواغر لهن حسب الجهات الصحية الحكومية، وأكدن أنه لا يعقل أن تتحول الخريجات الطبيبات إلى أرقام في سجل البطالة، أو أن يخترن العمل في أي قطاع إداري، ويتركن مهنة الطب. تسرب المبتعثين وفي عام 2014، نشرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، دراسة تحليلية متخصصة عن الطلبة المبتعثين إلى الخارج بين عامي 2005 و2012؛ بهدف مساندة الوزارة في تحديد معايير الابتعاث إلى الخارج، وربط التخصصات التي يبتعث الطلبة إلى دراستها بالأجندة الوطنية، وأظهرت الدراسة أن 56.6 % من الطلبة المبتعثين على درجة البكالوريوس، و45.17 % من المبتعثين على درجة الماجستير ألغوا بعثاتهم خلال سنوات الدراسة.وبحسب الدراسة، مثلت نسبة الطلبة المبتعثين على البكالوريوس؛ لدراسة الطب والعلوم الصحية، خلال سنوات الدراسة في جامعات الدول العربية 32.6 %، و12.8 % لدراسة الهندسة والعلوم الإدارية، و7.8 % لدراسة الشريعة والقانون، فضلاً عن تسعة تخصصات أخرى رئيسية، أما في جامعات الدول الأجنبية، فتصدر تخصص الهندسة 31.77 %، تلاه تخصص العلوم الإدارية 18.86 %، والعلوم المالية والمصرفية 15.55 %.

مشاركة :