لم أكتب عن بلد زرته أو جماعة في بلد ويمكن أني كتبت أو أكتب عن زيارة رسمية أو شخصية لبلد وأثر في نفسي ذلك البلد أو استرعى انتباهي تطور أو أي أمر من ذلك القبيل، لكنني اليوم مدفوع بحب دولة الكويت أن أكتب عنها بكل مصداقية.دولة الكويت الشقيقة التي بعثت إليها سفيرا فأعطتني حبها فبادلتها حبا بألف حب فصارت لي أشبه بقصة قيس وليلى أو عنتر وعبلة وقصص الحب في التاريخ كثيرة، وعنتر بن شداد العبسي قال في حب عبلة:وما حب الديار سكن قلبيولكن حب من سكن الديارأما أنا فلست عنتري الهوى فقد كان عنتر يحب عبلة فقط، أما أنا فحبي لشعب الكويت وأرض الكويت الشقيقة.كنت سعيدا في دولة الكويت ومبتهجا ومتفاعلا مع كل الكويت ككل شعبا وأرضا وحكومة.تعرفت على القيادة، وعلى المسؤولين، وعلى شيوخ الكويت الأفاضل, ولست مبالغا في شيء إذا قلت إني رأيت وسمعت وشعرت بحبهم للبحرين بصدق وأصالة لا وهما ولا خيالا وإنما حقيقة ثابتة رسختها العلاقات التاريخية، بل قل الأسرية عبر الأجيال بين آل خليفة وآل صباح الكرام.كنت هناك خلال المرحلة التي كان فيها سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح أميرا لدولة الكويت، كانت فترة النقلة للتطور الثقافي والعمراني وتوطيد العلاقات مع كل الدول العربية والدول الإسلامية قاطبة، وإذا كنت سوف أذكر مآثر هذا الأمير لدولة الكويت فإني لا بد أن أذكر فوق كل جهوده الطيبة لبلاده ما بذله مع إخوانه آل صباح الأوفياء والشعب الكويتي الشقيق.ما يطلق عليه التحرير من الغزو الصدامي الذي كان غلطة العصر التي وقع فيها الرئيس الراحل صدام حسين أقول رحمه الله، وبالمناسبة فهو رجل شجاع وقائد جريء، إلا أن غزوه لدولة الكويت لا يمكن أن يوصف إلا بأنه نكبة ليس للكويت فحسب بل للعراق ذاته.الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله وأخوه سمو الأمير الحالي لدولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أطال الله في عمره وجميع أفراد العائلة الحاكمة والشعب بتكاتفهم ووحدتهم والتنسيق مع بعض الدول العربية ودول الخليج العربية والقوى الكبرى الغربية صمموا على أن تتحرر الكويت، وتم ذلك بعون الله وعادت الكويت إلى أهلها. ويحتفل الكويتيون بالعيد التاسع والعشرين للتحرير وأعيادهم أعيادنا نحن البحرينيين حكومة وشعبا، بل لكل العرب، فهنيئا للكويت أعيادها وهنيئا لسعادة سفير دولة الكويت في مملكة البحرين احتفالاته بهذه المناسبة المباركة، وهنيئا لنا البحرينيين أن يكون في بلادنا سفير لدولة الكويت الشقيقة رجل بهذه الروح السامية وبهذه المشاعر النبيلة تجاه البحرين حكومة وشعبا، وما وضع علمي البلدين الشقيقين على أعلى بطاقة الدعوة الموجهة الى كل مدعو لحضور الحفل بالعيد الوطني إلا تعبيرا عما يكنه هذا السفير سمو الشيخ ثامر بن الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح للبحرين من حب وتقدير.والمقام لا يتسع للكتابة عن دولة الكويت في مواقفها العروبية الجليلة منذ أن أفاء الله عليها بالنعمة والرخاء، حيث أوجدت صندوق الكويت للتنمية فاستفاد منه عدد من دولنا العربية وأولها على سبيل المثال اليمن ما قبل الثورة، أي الإمامية والجمهورية وكذلك الصومال والسودان وحتى الإمارات العربية المتحدة قبل ظهور النفط وتطور اقتصادها الذي تنعم به اليوم.ناهيك عن دور دولة الكويت السياسي الذي عرفت به خلال مراحل الحكم لأسرة آل صباح الكرام، وأعني دورها التصالحي بين الدول العربية لرأب الصدع الذي تخلفه الخلافات البينية، وخاصة في السبعينيات والثمانينيات، وكم كانت الكويت تمثل رسول السلام ليعم التآلف والوئام ربوع المنطقة العربية.ودولة الكويت خلال مراحل الحكم كلها، أي حكم آل صباح الكرام كانت تقف مع شقيقتها دولة البحرين موقف الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وكل من البلدين الشقيقين يسعى لأمن واستقرار الآخر وكل يمد يد العون والمساعدة الى الآخر.وأنا هنا أكتب عن دولة الكويت حصريا وعن هذه الوشائج القوية التي تربطها بالبحرين وأنوه عن بعض الملامح من مواقفها، أي مواقف الكويت تجاه الدول العربية قاطبة، وإني أذكر ذلك لا يعني أن دول الخليج العربية الأخرى ليست بذات الروح والإخاء والعلاقات الحميمة، وإنما مقالي هذا عن الكويت بالذات، كما ذكرت سابقا.والحقيقة أن العلاقات الأسرية والودية الخليجية تكاد تكون بنفس الطابع في مجملها، حيث إنها تنعم بنسيج سكاني متماثل ومتشابه يفرض عليها المحافظة على التماسك والتعاون. وقد ذكرت سابقا أن دول المجلس حينما جاء دورها لتحرير دولة الكويت من الغزو العراقي في عام 1991 لم تتخلف أي منها للدفع بجيوشها لتقوم بواجب التحرير، وما ذلك إلا صورة واضحة لما يربط شعب دول الخليج العربية من مشاعر الود والاحترام.وإذا كانت هذه الروابط القوية بين دول مجلس التعاون الخليجي العربي تمر بأزمة معروفة هذه الأيام مع دولة قطر إلا أن الكل يعول على دور الكويت والوساطة المؤملة للسعي لإنهاء ما ران على هذه العلاقات من تباعد مع دولة قطر.وكنت أريد أن أوجز ما وسعني الإيجاز إلا أنني لا يمكن أن أكتب بعض خواطري عن الكويت بهذه المناسبة السعيدة وأغفل عن الناحية الاجتماعية المهمة جدا في حياة الشعب الكويتي والمجتمع، تلك هي المتمثلة في هذا الطابع وهذا النمط الاجتماعي المنحدر من عمق عادات العرب وتقاليدهم، والحقيقة الثابتة أن البلدين الشقيقين الكويت والبحرين هما اللذان ينفردان بين دول المجلس الخليجي العربي بهذه الظاهرة المعروفة (بمجالسنا مدارسنا).فالكويت تعج بالديوانيات التي يجتمع فيها أبناء الكويت بعد صلاة المغرب أو بعد صلاة العشاء للتزاور والتحدث عما يجري على الساحتين الداخلية والخارجية من أحداث سياسية وغيرها.والديوانيات الكويتية تختلف في أحجامها سعة أو ضيقا نسبيا بحسب الإمكانيات المادية لأصحابها، وهذا ينطبق على مجالس البحرين التي تفتح أبوابها بنفس التوقيت المتعارف عليه، وتجري في هذه المجالس تجمعات لمختلف الأحاديث السياسية والاجتماعية والدينية، ويقدم خلالها العشاء أو ما يمكن أن يجود به أصحاب هذه المجالس بحسب الإمكانيات.هذا التطابق في هذه العادات الجميلة التي تتميز بهما الدولتان الشقيقتان ملفت للنظر حقا، ومن يعرف الكويت ويزورها ولا يزور ديوانية لأحد معارفه أو أصدقائه يبقى في نظري لا يعرف الكويت جيدا، فحينما كنت في دولة الكويت كنت أزور بعض الديوانيات، ولا شك أن ديوانية الصديق العزيز سمو الشيخ ناصر محمد الأحمد الجابر الصباح رئيس الوزراء السابق بوصباح كانت أولاها، وفي سنة من سنوات رمضان المبارك كنت بمعية سموه فقمنا بزيارة ما يزيد على ثلاثين ديوانية في ليلة واحدة، وأي ظاهرة أعجب وأجمل من هذه الظاهرة العربية الفطرية التلقائية المتجذرة من ثقافة التعارف المميزة للحفاظ على الروابط الاجتماعية لهذا البلد.وأخيرا وليس بآخر.. كما يقال، أكرر تهاني القلبية كمواطن بحريني محب يرى أن الكويت دولة شقيقة لمملكة البحرين وشعبها شقيق لشعب البحرين نسعد جميعا بأعيادها وأفراحها ونتمنى لها ثبات سيادتها ورسوخ استقلالها دائما وأبدا ونرجو من الله لها النماء والتطور ولشعبها الخير والرفاهية في ظل حكومتها الرشيدة بقيادة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أطال الله في عمره، كل التقدم والازدهار.
مشاركة :