هل فتح التوغل التركي في سوريا الباب أمام عودة دولة إسلامية؟

  • 2/24/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بعد سقوط "الدولة الإسلامية" المزعومة جغرافيا إثر دحرها في آخر جيوبها شرقي سوريا، غير داعش استراتيجيته، وبات يعتمد على تمرد تزداد شدته ويهدد الآن بتقويض الأمن في المنطقة، وفق ما جاء في مقال نشر على موقع "War on the Rocks".  وفي المقال تؤكد الكاتبتان دارين خليفة وإليزابيث تسوركوف المتخصصتان في الشأن السوري، أن عمليات التنظيم تتخذ الآن شكل هجمات موجهّة بما فيها تفجيرات على جانب الطرق واعتداءات يستهدف فيها الهدف ثم يفر المنفذ، إلى جانب عمليات قتل ينفذها منتسبون للتنظيم مندسون داخل مجتمعات قبلية. ويتسامح السكان المحليون مع وجود دواعش بينهم خشية من التعرض لعمليات انتقامية، وفق ما أفاد به هؤلاء للكاتبتين خلال زيارات قامتا بها إلى المنطقة.  أما قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي لعبت دورا جوهريا في هزيمة داعش في الباغوز- آخر معاقله، والتي تسيطر على المنطقة، فتجد نفسها غير قادرة على التصدي للمشكلة المتفاقمة، في حين تعتمد قدرتها ورغبتها في شن حملات ناجحة لمكافحة الإرهاب على استمرار الوجود الأميركي وإن كان ذلك بمستويات ضعيفة من جهة، وعلى توقف تركيا عن تنفيذ هجمات في المنطقة من جهة أخرى. وأدى التوغل التركي في شمال شرق سوريا في أكتوبر 2019 والانسحاب الجزئي للقوات الأميركية، إلى نزوح مئات آلاف المدنيين ومعاناتهم على الحدود وفي مناطق باتجاه جنوب البلاد. التطوران رفعا من التهديد بعودة داعش إلى المنطقة، وفق المقال.   وفيما تبقى قدرات التمرد الداعشي محدودة مع عدم وقوع أي انهيار أمني كبير، إلا أن عناصر التنظيم، وفق تصريحات مسؤولين عرب وأكراد وسكان محليين، قادرون الآن على التحرك بحرية أكبر وابتزاز أموال الحماية، والتحرك من دون عقاب في مساحات شاسعة من دير الزور شرقي سوريا. ويشير المقال إلى أن المقابلات التي أجريت في مناطق شمال شرق سوريا تكشف أن "الدولة الإسلامية" حافظت على عنف بمستوى منخفض في جميع أنحاء المنطقة، رغم هزيمتها جغرافيا وانكسارها تنظيميا.  وبينما تراجعت الاعتداءات التي تبناها داعش قبل الهجوم التركي على شمال شرق سوريا بنسبة 46 في المئة بين شهري أغسطس ونوفمبر، شهد نوفمبر ارتفاعا بنسبة 63 في المئة مقارنة بسبتمبر.  وتبقى الأوضاع الأمنية في مناطق منبج والرقة ذات الغالبية الكردية كما هي في المجمل، لكن الريف الشرقي لدير الزور، وهي منطقة حررت من داعش في 2018 و2019، شهدت أكبر ترد أمني متذ انطلاق الهجوم التركي. وبحسب المقال، يسيطر داعش على الطرق ليلا ويقيم نقاط تفتيش ويتحرك بحرية، أما السكان فلا يغادرون منازلهم إلا للطوارئ ويؤجلون أي حاجات طبية إلى حين طلوع الفجر. ويتجنب السكان المحليون استخدام الطريق الرابط بين الريف الشرقي لدير الزور بالحسكة حتى خلال النهار.  ويشير المقال إلى الانهيار الأمني الذي وقع في البصيرة في أواخر نوفمبر وفي ديسمبر، عندما أقام دواعش نقاط تفتيش داخل البلدة يومين متتاليين ثم دخلوها نهارا وكسروا محلات لبيع السجائر والنرجيلة وأجبروا السكان على التوجه إلى الصلاة. وأجبر  التوغل التركي قسد على التوصل إلى اتفاق عسكري مع النظام للسماح بدخول جيشه إلى مواقع معينة بهدف وقف الهجوم التركي، ما أثر سلبا على الوضع الأمني في دير الزور من خلال تعزيز المعتقدات القديمة بأن القوات التي يقودها الأكراد ستسلم مناطق إلى نظام الأسد. وبحسب مدنيين محليين ومسؤولين في قسد بدير الزور، يستغل كل من النظام وروسيا وإيران هذا التصور لتقديم ما يسمى بصفقات المصالحة للسكان، وغالبا من خلال شخصيات قبلية بارزة. وينظر إلى كل هذه القوات، بالإضافة إلى تركيا، على أنها تجند السكان المحليين لشن هجمات وزيادة عدم الاستقرار. وأشار المقال إلى أن صحفيا بارزا في المدينة قال إن "قائد فصيل مدعوم من تركيا" عرض على صديق له "ألفي دولار لزرع قنبلة في شاحنة نفطية". ويحذر المقال من أن الوضع الراهن الجديد في شمال شرق سوريا هش ويمكن أن يقلب في أي وقت، مشيرا إلى أن "سلسلة من القرارات الفوضوية والمكلفة اتخذتها الولايات المتحدة وتركيا أدت إلى معاناة إنسانية هائلة وفتحت الباب أمام عودة الدولة الإسلامية". وتمكنت قسد إلى حد كبير من احتواء الاضطرابات المتزايدة التي أعقبت التوغل التركي، لكن الانهيار الكبير للأمن في دير الزور يشير إلى أن قدرتها على معالجة مجموعة من المخاوف الأمنية في آن واحد محدودة، وفق المقال. وخلص المقال إلى أن المجتمع الدولي لن يكون بمنأى عن عواقب ترك قسد تتعامل لوحدها مع التحدي المستمر "للدولة الإسلامية". ونشأ تنظيم الدولة الإسلامية كفصيل تابع للقاعدة في العراق، لكنه استفاد من الحرب الأهلية في سوريا واستولى على أراض واسعة هناك وانفصل عن القاعدة. وأنهت هزيمة داعش في الباغوز شرقي سوريا، ما كان يطلق عليها التنظيم اسم "دولة الخلافة الإسلامية" التي أعلنها على أراض شاسعة في سوريا والعراق في عام 2014.

مشاركة :