مجدي يعقوب التلميذ الذي فاق أستاذه!

  • 2/25/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في عام 1986 خرج الأستاذ الدكتور حسونة السبع إلى المعاش بعد أن ظل 20 عامًا مديرًا لمعهد القلب القومى، أحد أهم إنجازات عبدالناصر لصحة المصريين، والذى صدر قرار إنشائه 1964..ذهبت إليه لأحاوره جريًا على عادة استنتها جريدة «الجمهورية» في تكريم أبطال الإنجاز في كل مجال.. الدكتور حسونة كان يشغل أيضًا منصب أستاذ جراحة القلب والصدر بقصر العيني.. دار الحوار حول صحة المصريين وإهمالهم في التغذية وعدم ممارسة الرياضة والتدخين.. سألته عن العملية الجراحية التى أجراها ومازال يتذكرها.. سرح قليلًا وقال إنها عملية لم أجريها أنا.. ففى عام 1957 أصيب رجل في حادث سيارة وحدث له نزيف داخلى وثقب في الرئة مع تضخم في عضلة القلب.. أدخلوه الطوارئ شبه منتهى، وكان نائب الامتياز د.مجدى يعقوب في بداية العشرينات.. أحجم الأطباء الأكثر خبرة منه على التقدم ولكنه برباطة جأش أجرى عملية في منتهى التعقيد وأتذكر أننى لم أجرؤ على جراحة مماثلة إلا بعد حصولى على الدكتوراة.. ويؤكد المرحوم حسونة السبع أن الجراح الماهر يكون موهوبًا بالفطرة مثل لاعبى الكرة.. ومجدى أو جاكوب كما كنا نناديه حريفًا جدًا.وُلد مجدى حبيب يعقوب في الشرقية في 16 نوفمبر 1935. كان والده جراحًا أيضًا، مما أعطاه إلهامًا أكبر لاختيار هذه المهنة.حصل على تعليمه الطبى في جامعة القاهرة وتأهل كطبيب في عام 1957، حيث قرر بأن يختص في جراحة القلب. وقيل إنه قرر التخصص في جراحة القلب بعد وفاة عمته الصغرى صوفى بسبب مرض في قلبها في أوائل العشرينيات من عمرها.انتقل إلى بريطانيا في عام 1962، ثم عمل كمدرسٍ في جامعة شيكاغو. أصبح مستشارًا في جراحة القلب في مستشفى هاريفيلد في عام 1973.بعد انتقاله إلى بريطانيا واجه مشكلة الروتين الطبى الذى لا  يعترف بشهادات أخرى، ومن ثم كان لا بد أن يحصل على زمالة الجراحين الملكية ليمارس الجراحة في المستشفيات الحكومية العامة.. هنا لعبت المصادفة دورًا في حياة الطبيب الشهير.. تغيب الجراح الرئيسى لمستشفى هارتفيلد واستعانوا بالشاب الجديد ونجح نجاحًا باهرًا..وخرج المستشفى عن الروتين.. وتم تسجيله كجراح.. غير أنه رفض الاستثناء وواصل التحدى فحصل على الزمالة الملكية قى الجراحة من ثلاث جامعات مختلفة هى لندن وأدنبرة واسكوتلاند في ظاهرة لم تتكرر من قبل. أصبح مستشارًا اختصاصيًا في أمراض القلب والصدر في مستشفى هارتفيلد في عام 1962. ثم أصبح بروفيسورًا في المعهد الوطنى للقلب والرئة عام 1986، كما شارك في تطوير تقنيات زراعة القلب والرئة. لقد أجرى السير مجدى يعقوب أكبر عدد من عمليات الزراعة الجراحية في العالم، وبفضله أصبح مستشفى هارتفيلد مركزًا رياديًا في الزراعة الجراحية حيث تجرى أكثر من 200 عملية سنويًا. ثم أصبح مديرًا للدراسات والأبحاث الطبية عام 1992 وهو العام نفسه الذى مُنح فيه لقب «سير». وللسير مجدى المئات من الأوراق البحثية المنشورة عن أبحاثه الخاصة.برنامج هارتفيلد لزراعة القلبتحت قيادته، بدأ برنامج الزراعة في مستشفى هارتفيلد عام 1980، وبحلول نهاية العقد، قام هو وفريقه بتنفيذ 1000 عملية، وأصبح مستشفى هارتفيلد المركز الرئيسى لزرع الأعضاء في المملكة المتحدة. خلال تلك الآونة، زادت معدلات البقاء على قيد الحياة بعد العمليات، وانخفضت فترات التعافى مما قلل من الفترة التى يقضيها المرضى في العزلة مقللًا بذلك التكلفة المالية. وبغية إزالة قلوب المتبرعين، كان يعقوب يسافر آلاف الأميال سنويًا في طائراتٍ صغيرةٍ أو طائرات هليكوبتر.تلقى معظم مرضاه العلاج تحت إشراف دائرة الصحة الوطنية، ولكن تم أيضًا علاج بعض المرضى الأجانب الخاصين. وفى عام 1983 قام بعملية زرع قلب لرجلٍ إنجليزي يدعى جون ماكفيرتى ليدخل بسبب تلك الجراحة موسوعة جينيس كأطول مدةٍ يعيشها شخص بقلبٍ منقول وذلك لمدة 33 عامًا حتى توفى عام2016.. وكان أول طبيب يجرى زراعة قلب في العالم الجنوب أفريقي كريستنيان برنارد عام 1967 بفريق من 30 طبيبًا لرجل في الخمسين ولكنه توفى بعد 18 يوما فقط. عُين يعقوب أستاذًا في المعهد الوطنى للقلب والرئة في عام 1986، وشارك في تطوير تقنيات زرع القلب والقلب والرئة.سلسلة الأمل‏أسس السير مجدى يعقوب «سلسلة الأمل» في المملكة المتحدة عام 1995، والتى هى مؤسسةٌ طبيةٌ خيرية ‏تهدف إلى مساعدة الأطفال الذين يعانون من أمراضٍ قلبيةٍ خطيرة تهدد حياتهم وذلك بتقديم العلاج الطبى والجراحى مجانًا. وقد سميت هذه المؤسسة الخيرية بهذا الاسم، لأن سلسلة من الأشخاص المشتركين في هذا المشروع يتبرعون بالمال، وبالمساعدة الطبية وغيرها. ففى طفولته شاهد السير مجدى يعقوب أطفالًا يعانون من أمراضٍ قلبية تهدد حياتهم وأوجاعٍ جمة يعانون منها حتى يستطيعوا العيش، عندها قرر بأن يصبح هو أملٌ لهؤلاء الأطفال عن طريق تأسيس سلسلة الأمل. ولقد استطاعت سلسلة الأمل تشخيص حالة آلاف الأطفال وإجراء أكثر من 600 عملية قلب مفتوح حتى الآن.‏وكانت الخطوة الأولى التى قامت بها «سلسلة الأمل» للبدء في علاج الأطفال هى تعيين طبيب محلى في بلد الطفل المريض حتى يتم توصيف مرضه، حيث تتم معاينة حالته والقيام بكل الإجراءات المطلوبة لإحضار الطفل إلى المملكة المتحدة لعلاجه. ويتم حاليًا استقبال طفلين إلى ثلاثة أطفال من الدول النامية في لندن شهريًا. وعندما يُرسل الطفل يتم إرسال أحد أفراد عائلته معه لمرافقته.‏إن الأشخاص الذين توظفهم سلسلة الأمل هم متطوعون للعمل كمضيفين للعائلات، بالإضافة إلى تقديم الخدمات للطفل. أما الخطوة الأخيرة في سلسلة الأمل فهى الفريق الطبي، الذى تطوع بتخصيص كل وقته وجهده لمساعدة الأطفال.‏ولقد أدخل المركز أيضًا العديد من التحديثات لتحسين معايير خدمات المركز ولمساعدة الأطفال بطرقٍ متطورةٍ أكثر. لقد بدأت السلسلة بورشة عمل لتدريب الطواقم الطبية داخل وخارج المملكة المتحدة. كما تم إنشاء وحداتٍ طبيةٍ كلية حتى يستطيع الأطفال الحصول على العلاج في دولهم. وترسل «السلسلة» طواقم طبية متطوعة إلى مراكز متخصصة بالقلب في جميع أنحاء العالم، مثل مصر، وإثيوبيا وغيرها لإجراء العمليات للأطفال في هذه الدول. ويوجد في فريق مجدى يعقوب 75 عالمًا يعملون بشكلٍ مستمر في الأبحاث وصولًا إلى طرقٍ جديدةٍ لتحسين عمليات زراعة القلب ولمداواة القلوب المصابة.‏أجرى السير مجدى يعقوب آلاف العمليات الجراحية القلبية بشتى أنواعها، مثل عمليات قلب الكبار بأنواعها وجراحات قلب الأطفال إضافةً إلى جراحات استبدال القلب والرئة والتى تطورت على يده منذ بدئها. ويعتبر يعقوب من الأطباء الذين أجروا أكبر عددٍ من الجراحات على مستوى العالم. وكعالمٍ، فإن اهتمامه بالآليات الأساسية لبنية ووظائف القلب السليم والمريض قد حسنت الزراعة الجراحية ورعاية المرضى. وبعد اعتزاله إجراء العمليات الجراحية في سن الــ65، لا يزال السير مجدى يعمل كمستشارٍ رفيع المستوى وكسفيرٍ لدعم عمليات الزراعة الجراحية.وفى عام 2006 عاد السير مجدى يعقوب عن اعتزاله بشكلٍ مؤقت حيث حصل على فرصةٍ ليكون موجهًا في عمليةٍ معقدةٍ تطلبت إزالة قلبٍ مزروعٍ لمريضٍ عاد قلبه الأساسى للعمل من جديد حيث إنه لم تتم إزالته عندما تمت زراعة القلب الثانى منذ عشر سنوات.وهو حاليًا مؤسس ومدير أبحاث في معهد مجدى يعقوب في لندن وميدلسكى، والمؤسس الراعى لسلسلة الأمل الخيرية في المملكة المتحدة.السير مجدى يعقوب متزوج من ألمانية توفيت عام 2012، وله منها ثلاثة أطفال هم أندرو وصوفى وليزا.

مشاركة :