الجزائر – قنا: أكد سعادة السيد حسن بن إبراهيم المالكي سفير دولة قطر لدى الجزائر، أن العلاقات بين دولة قطر والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة تسودها الأخوة والتعاون الوثيق، وهي علاقات متميزة ومتجذرة عبر محطات مضيئة منذ ملحمة ثورة التحرير الجزائرية ضد المحتل. ولفت سعادة السفير في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، بمناسبة زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى للجزائر، إلى أن الروابط الأخوية المتجذرة بين البلدين أثمرت تعاونا وثيقا زادته المواقف المشرفة للجزائر الشقيقة قوة ومتانة، حتى باتت قطر والجزائر تسيران في اتجاه واحد. وشدد على أن زيارة صاحب السمو أمير البلاد المفدى "حفظه الله" ستدفع بمسار التعاون مع الشقيقة الجزائر إلى مجالات أوسع، وقال "نحن نتوقع تكثيف الزيارات الرسمية سواء تعلق الأمر بالمسؤولين في الدولتين أو رجال الأعمال، لأن هناك الكثير مما يمكننا القيام به، والجزائر الجديدة تتيح فرصا كبيرة لتعزيز المصالح بين البلدين الشقيقين، ودولة قطر على استعداد تام لدعم العهد الجديد في الجزائر". وبين سعادته أن الروابط الأخوية بين البلدين ترجع إلى عقود طويلة مضت، مشيرا الى أن البلدين الشقيقين تجمعهما صفات مشتركة عديدة، تتمثل في تمسكهما القوي بسيادة قرارهما واعتزازهما بشخصيتهما الوطنية، وذلك عبر تمسكهما بمنهج السلم وعدم الاعتداء على أحد، في الوقت الذي لا تخضعان فيه لأحد، وتدعوان دائما إلى كلمة سواء. وشدد سعادة السيد حسن بن إبراهيم المالكي، على أن العالم العربي بحاجة إلى هذه الرؤية المتبصرة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه الجميع، من حروب ونزاعات وإرهاب وخلافات قاتلة وأطماع خارجية لا تنتهي، وهو ما يؤكد الحاجة إلى تقريب وجهات النظر لبلوغ المسار الصحيح، ومنح الشعوب الأمل الذي ينتظرونه، والمبادرة ببناء الدولة الوطنية المعتمدة على أبنائها وتعاون وتكاتف أشقائها. وحول توقيت الزيارة ودلالاتها، أوضح سعادته أن زيارة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى "حفظه الله"، تأتي في وقت تشهد فيه الجزائر الشقيقة تحولات جوهرية، ومسارا جديدا بدأه فخامة الرئيس عبد المجيد تبون منذ انتخابه رئيسا للبلاد في 12 ديسمبر 2019، بعد هبة ابتغاها الشعب الشقيق لبناء الجزائر الجديدة. وتابع قائلا "نحن في دولة قطر إذ نستبشر بكل خطوة تقوي أشقاءنا في الجزائر، لا نملك إلا أن نقف إلى جانب الجزائر قيادة وشعبا، بالكلمة والفعل، وزيارة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى تصب في هذا الاتجاه، للتأكيد على ثبات الموقف وصدق الأداء تجاه الشقيق في السراء والضراء، وفي كل الأحوال فإن مصلحة الجزائر من مصلحة دولة قطر، وأمن واستقرار الجزائر وكل ما يتعلق بمستقبلها يشكل أولوية بالنسبة لنا، لأن الهم واحد والمصير واحد، والأكيد أن دولة قطر ستكون دائما حاضرة بكل ما أوتيت من قوة إلى جانب الشقيقة الجزائر". ولفت إلى أن الرؤى بشأن الوضع السياسي العربي والإقليمي والدولي تكاد تكون واحدة في العديد من الملفات مثل الأزمة الليبية، مؤكدا ترحيب دولة قطر بالجهد الدبلوماسي القوي الذي تقوم به الجزائر لحل الأزمة الليبية وفق المنظور السياسي السلمي، في الوقت الذي يعمل فيه البعض لإشعال نار الفتنة بين الشعب الواحد في ليبيا، وإدامة الصراع عبر محاولات فرض طرف غير شرعي بقوة السلاح على الطرف الشرعي المتمثل في حكومة الوفاق الوطني. وأكد سعادته أن العودة القوية للجزائر "في هذه الملفات غيّر المعادلة تماما"، أعاد لها التوازن المطلوب، مضيفا أنه "نحن نستبشر خيرا للحضور القوي للجزائر في الملفات العربية والإقليمية والدولية الشائكة بالنظر إلى المبادئ التي تقوم عليها السياسة الخارجية الجزائرية، القائمة على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة ورفض الحلول العسكرية ورفض التدخل الأجنبي واعتماد الحوار كسبيل وحيد لحل الأزمات مهما ثقلت". وفيما يتعلق بملف الحصار الجائر المفروض على دولة قطر منذ يونيو 2017، وموقف الجزائر منه، قال سعادة السيد حسن بن إبراهيم المالكي سفير دولة قطر لدى الجزائر"إنه لا غرابة في أن الجزائر اتخذت موقفا مشرفا من الحصار الظالم الذي فرض على دولة قطر، حيث كانت أول دولة عربية تصدر بيانا يدعو لحل الخلافات بالحوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ورفضت من حيث المبدأ أي مسار يؤدي إلى عداوات بين الدول العربية ويزيد من الانقسام الحاصل". وأشار سعادته في تصريحه لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إلى أن دولة قطر ترى الجزائر باعتبارها دولة كبيرة ومؤثرة،هي القادرة على لعب دور في حل الخلافات سواء العربية منها أو الإقليمية أو حتى الدولية، مشيداً بموقفها الأخير القوي من القضية الفلسطينية، والذي يؤكد بأن لديها ثوابت في سياستها الخارجية بما يتوافق مع سياسة دولة قطر، قائلاً "وهذا ما يجعلنا نعوّل على الجزائر كثيرا في قيادة مبادرات حل الخلافات، ولم شمل الصف العربي المتبعثر حاليا في ظل سياسة الاصطفاف والمحاور التي يعتمدها البعض في منطقتنا، والتي وصلت حد العداء واستهداف سياسة وكيان ومستقبل الدول والشعوب". ونوه سعادته بأن كثافة الزيارات المتبادلة بين المسؤولين في البلدين، تعكس حجم المجالات ذات الاهتمام المشترك، والتي تميزت بالتنوع والتوسع، والمستوى العالي من التنسيق، لتعزيز علاقات التعاون في إطاره الثنائي والمتعدد الأطراف، لافتاً في ذات السياق إلى التحضير لانعقاد الدورة السادسة لاجتماع اللجنة العليا المشتركة القطرية ــ الجزائرية التي عقدت دورتها الأخيرة بالدوحة في 2014. وحول المشاريع المشتركة بين البلدين، قال سعادته "لقد أنهى البلدان إنجاز مشروع مشترك على درجة كبيرة من الأهمية، وهو مصنع الحديد والصلب بمنطقة بلارة بمحافظة جيجل الساحلية شمال شرق البلاد، بطاقة إنتاج تقدر بـ 5 ملايين طن سنويا، باستثمار بلغت قيمته 2 مليار دولار، فضلا عن التعاون القائم بين الجانبين في مجال المحميات الطبيعية ". وفي مجال الاتصال أشار الى ما حققته شركة "أُريدُ" القطرية للهاتف المحمول من أرباح بقيمة 350 مليون دولار في النصف الأول من 2019 في الجزائر، وهي في تطور ونجاح مستمر، حيث بلغ عدد مشتركيها 14 مليون مشترك جزائري من أصل 43 مليون نسمة. وعلى صعيد التنسيق والتشاور السياسي المستمر بين البلدين، أشار سعادة سفير دولة قطر لدى الجزائر، الى أن البلدين قاما في العام 2016 بالتصديق على اتفاقية لتبادل الخبرات والتجارب والتنسيق بين البلدين في المجال الأمني، تشمل مكافحة الجريمة المنظمة والعابرة للأوطان. وشدد سعادته على موقف البلدين الشقيقين الرافض لأي وصاية على سياستيهما الخارجية، بالإضافة إلى رفض التدخل في شؤونهما الداخلية، مضيفا أن "الجزائر الغيورة على سيادتها وحرمة ترابها المقدس وقرارها السيد ومبادئها الثابتة في نصرة المظلوم، ودولة قطر الرائدة بإعلامها الحر واستقلالية قرارها ودفاعها عن الشعوب المظلومة بالكلمة والفعل، ومشاريعها الإنسانية عبر العالم، ستنجحان بفضل جهودهما الصادقة وإرادتهما القوية في إعادة تصويب المسار العربي بما يحقق طموحات الشعوب في الحرية والتقدم، فالأنظمة إلى زوال، أما الشعوب فهي الأبقى".
مشاركة :