تايبيه عاصمة التصميم العالمي لعام 2016

  • 6/6/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تعكس عاصمة تايوان وجهاً نابضاً بالحياة، يليق بالقرن الحادي والعشرين، ومع وفرة معالم الجذب العمرانية وانتشار مطاعم الذواقة فيها، فإن أحياءها التقليدية وثقافتها الداخلية لا تزال مغرية بتجربتها، مثلما كانت عليه الحال في أي وقت مضى. شكل تتويج تايبيه بوصفها عاصمة للتصميم العالمي في عام 2016 اعترافاً نهائياً بتطور التعبير الشهير صُنع في تايوان إلى وضع تصميمه في تايوان، وفي حين أضحت معظم المصانع معطلة، بعد سنوات رفعت خلالها صناعة الإلكترونيات المزدهرة مستويات معيشة السكان، فإن صورة تايوان بوصفها سوقاً للتصنيع واسع النطاق بقيت عصيّة على التغيير. في واقع الأمر أسفر ظهور تايوان عضواً كامل الأهلية في النادي الديمقراطي منذ تسعينات القرن العشرين الماضي، إلى جانب الاقتصاد القوي، عن ظهور موجة عارمة من المصمّمين والفنانين والمهندسين المعماريين ومصمّمي المجوهرات والموسيقيين في المدينة. وأتبعت ذلك موجة المطالبة بإنشاء بنيات أساسية ثقافية جديدة، مثل مركز الفنون الاستعراضية الذي تولت تصميمه شركة ريم كولهاس/ ديفيد غينوتين، ومن المنتظر افتتاحه هذا العام، قرب برج تايبيه 101 الشهير؛ وتعود موهبة ولدت في تايوان لترك بصماتها هي الأخرى، حيث وضع المصمّم توني تشي تصاميم ثلاثة من المطاعم الفاخرة في فندق تايبيه ماندارين أورينتال، الذي افتتح في عام 2014؛ وتعتزم مصمّمة المجوهرات الشهيرة آنا هو، فتح أول متاجرها في المدينة؛ وأطلق الطاهي أندريه شيانغ، مبتكر مطعم أندريه في سنغافورة المتوّج مرات عدة، مطعمه الجديد راو، مضيفاً بذلك مستوى جديداً من الفخامة، مع متعة الطعام الفاخر لشوارع العاصمة التايوانية. المشهد الفني ومع كل ذلك، فربما يكون المكان المناسب لكي تبدأ منه، هو مشهد الفنون المعاصرة المزدهر في تايبيه التي حازت أخيراً خصوصيتها، في مقابل ما يتوافر في الجهة المقابلة عبر مضيق تايوان، وقد ظلت قاعة آكي تقوم بدور فعّال في دعم الفنانين المحليين الناشئين، مثل لو تشان بينغ وكو تشي هونغ اللذين أصبحت أعمالهما للمناظر الطبيعية الجريئة الآن في دائرة الضوء. وبالمثل فقد عززت قاعة تينا كينغ الوجود الفني التايواني على الساحة العالمية، بعرضها الأعمال المؤثرة التي صنعها الرسام الصيني زياوباي سو، وآخر الرسوم المظللة المعكوسة من أعمال الموهبة المحلية لين جو، وقد توسّعت القاعة في السنوات الأخيرة، لتصبح قاعة تينا كينغ بلاس، لتصنع منصة لفنون التركيب والفيديو والتصوير الفوتوغرافي. ومن الناحية الأخرى يجري عرض إنجازات التصميم العالمي في متحف ريد دوت ديزاين تايبيه، الذي افتتح في عام 2013 ويُعدّ أحد ثلاثة متاحف من نوعها فقط في جميع أنحاء العالم، ويعرض المتحف أعمال المصمّمين التايوانيين الحائزين على جائزة ريد دوت، كما يسلط الضوء أيضاً على الوجوه التي تقف خلف التصاميم المبدعة للأشياء، وهو جزء من حديقة بارك سونغشان للثقافة والإبداع، التي حولتها المدينة قبل وقت قصير من أحد مصانع التبغ الذي يعود إلى ثلاثينات القرن العشرين وتمّ بناؤه أيام الحكم الياباني إلى مركز للفنون الإبداعية، وكذلك يمكنك أن تجد في هذا المكان متحف تايوان للتصميم، بمقتنياته من أعمال زخرفة الأواني الزجاجية المعاصرة الساحرة والفاتنة ليوليغونغفانغ، التي تستخدم طريقة بات دي فيري ذات الشهرة الهائلة. الإرث المعماري تحرص مدينة تايبيه على الحفاظ على تراثها المعماري المميّز، ويُعدّ مشروع سونغشان جزءاً من مبادرة أوسع لصناعة قلادة من اللآلئ الثقافية التي تمثل حديقة هوا شان الإبداعية مثالاً آخر عليها، وتقدم عروضاً فنية أنيقة في المنطقة الصناعية القديمة حالياً، مع انتشار محال تجارية مثل في في جي ثينكينغ التي تُعدّ مكاناً عظيماً للحصول منه على الإكسسوارات، مثل الشموع العطرية المحلية بروائحها النفاذة، وأقلام واي ستوديو المصنوعة من النحاس. تتميّز المنطقة المحيطة بشارع ديوا بالمزيد من الابتكارية مع النهج المحافظ، وهي إحدى أقدم مناطق المدينة مع أقسام منها، يعود تاريخها إلى أيام الحكم الهولندي في القرن السابع عشر، وتحيط المراكز الجديدة لبيع الأدوات المنزلية ومحلات طب الأعشاب الصيني التقليدي، بمعبد الإله في مدينة زياهاي، ويشتهر المعبد الصغير بألوانه الزاهية الذي يرجع تاريخه للقرن التاسع عشر، باعتباره مكاناً للالتقاء بزوج أو زوجة المستقبل وهو ما يفسر الحشود التي تتزاحم وسط غيوم من البخور. أين تتناول طعامك في تايبيه؟ في حين يمكن ان يكون التصميم هو الكلمة الطنانة في تايبيه في اللحظة الراهنة، لا تفتأ المدينة تذكيرك بالمثل الصيني القديم الذي يقول: الطعام هو الجنة بالنسبة للناس، وتبقى أسواق شارع الطعام في تايبيه، بعض أكثر الأسواق الآسيوية رفعة وغالباً ما يشار إلى تلك الأسواق بوصفها معدة تايبيه، حيث تغصّ بالتوفو المقلي جيداً، والبيض الحديد، وكرات الأرز وغيرها من الأطعمة. للحصول على تجربة جيدة يمكنك محاولة كيمين أورغانيك هوتبوت لطبق من الشابو-شابو، حيث يطهو الزبائن شرائح اللحوم الرقيقة التي يتناولونها، أو الأسماك المضغوطة، أو كرات الحبّار في المرق الصافي والمتبّل، وجميعها على الطاولة، حيث تروج المكونات هنا لفلسفة من المزرعة إلى المائدة.ولخطوة اخرى للأمام يمكنك التوجه إلى أديكشن أكوانتيك الجديدة، حيث يتجوّل الزوار بين أكشاك السوشي ومطاعم المأكولات البحرية، لتناول وجبة سريعة، ويمكنك الاختيار في سوق الأسماك الحية بين المحار وسرطان البحر أو الأسماك التي يطلق عليها السكان المحليون أسماك الأناناس، التي تحضّر وتطهى، ليتم تناولها بعد ذلك في إحدى طاولات الفريسكو الموضوعة في الهواء الطلق. للحصول على ألوان الطعام المحلي، وبعض الضوضاء كذلك، يمكن الذهاب إلى رامين ناجي التي هي الأفضل في تايبيه، حيث يجري جلب طحين الحنطة السوداء من اليابان لإعداد المعكرونة الطازجة في كل يوم، في حين تُسلق شرائح اللحم المقدّد ببطء، لذا تعرف هذه الوجبة هنا باسم الطعام السريع البطيء. في الآونة الأخيرة أصبح بعض الطهاة مثل أندريه شيانغ يحاولون صنع الأطباق الأوروبية المعتادة بالطريقة التقليدية، أي التي يتمّ تناولها بالشوكة والسكين، مع وجود قائمة الأطباق (المينيو)، والتي تعتمد على المكونات التايوانية المحلية من الأبالون إلى الأسباراغوس، وهي تجربة حسية تزاوج بين القديم والجيد، وتعكس بصورة صادقة الطابع الديناميكي للمدينة حولها. غراند حياة تايبيه تشكل الفنون والتصميم المعماري أكثر مميّزات فنادق تايبيه،، مثلما هو الطوب والبلاط، وقد خضع فندق غراند حياة لعملية تحديث ضخمة، طالت غرفه وعددها 853 غرفة بأكملها، حتى هيكلها الأساسي، وووضع ديدييه غوميز تصاميمها الجديدة، لتصبح خفيفة وأكثر معاصرة، مع ممرّات من عقد الأخشاب والغرف المملوءة بلوحات الفن التجريدي للرسام سوين تشو. التسوق في تايبيه في تايبيه ستجد أنك قد انتقلت بين غمضة عين وانتباهتها، من الأمس إلى ناطحات السحاب من المستقبل، في متاهة مثيرة من التضاد بين القديم والجديد، ويمكنك العثور على مصمّمي الأزياء في كلا المكانين، وعليك أن تجرب جامي تشن الذي يُعدّ جيداً لاختيار الفساتين وحقائب اليد الجلدية؛ أو امتياز متجر إسلايت سونغ يان الموجود في الطابق الأرضي، وهو كنز للعثور على الهدايا التي ليس أقلها ملايين الكتب التي هي بضاعته الرئيسية؛ ومن بين المتاجر الأخرى لاكتشافها، هناك صوفي كونغ الذي حريره الطيني منحوتة من الياقات العالية اللافتة، والأشكال البسيطة المبتكرة في الوقت نفسه. وتنتشر تصاميم شياتزي تشن المعروف باسم شانيل تايوان، بما فيها الفساتين المرصّعة بالجواهر والمطرزة بأشكال معقدة، بين ستة طوابق خلف واجهة المتجر الذي وضعت تصميمه لايان. الخبر الكبير في عالم المجوهرات في تايبيه، هو وصول آنا هو جين تاو هوت جوايليري التي افتتحت محلها في مركز ماندارين أورينتال للتسوّق في ديسمبر/كانون الأول، ويعرض البوتيك إبداعات هو جين تاو الرقيقة التي تبدو أنها تثير غرام شخصيات مثل غوينيث بالترو و أوبرا وينفري، ولكنها متوفرة الآن فقط في تايبيه. فندق ماندارين أورينتال يميّز التصميم الجميل هذا الفندق، حيث المناطق الداخلية الرائعة التي صمّمتها مجموعة من المواهب المتألقة في ذلك الفن، من يابو بوشيلبيرغ الذي تنضح الألوان الرمادية المسالمة التي وضعها للمنتجع الصحي بالهدوء، إلى المطاعم الأصيلة للغاية من تصميم توني تشي، ومن بينها يتزين كانتونيس ياقي بنباتات البونساي الخضراء اليانعة، والمطبوعات الخشبية البارزة من إبداعات تشو وي المشهور، في حين يبدو مطعم بينكوتو الإيطالي أكثر بساطة، مع الثريات المصنوعة من الزجاجات الفارغة، وفي الوقت ذاته، نجد مقهى آن دو تخوا الذي يجسّد الأناقة مع سقفه المعكوس وأزهار الأوركيد الصفراء ورأس وحيد القرن المزروع في الحائط.

مشاركة :