قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح آل طالب إن تنظيم «داعش في العراق والشام» هو «صنيعة استخباراتية إقليمية وعالمية» تهدف إلى النيل «والتنفير من الدين الإسلامي»، ولفت إلى أن الهجوم على المساجد في شرق المملكة من التنظيم كان محاولة «للإخلال بأمن هذه البلاد، ورغبة إلحاقها بركب الدول المضطربة حولنا لتزهق الأنفس بمئات الألوف ويكون التهجير بالملايين». وأكد إمام الحرم المكي في خطبة الجمعة أمس بالمسجد الحرام، أن «عصابات داعش التي نشأت في الشام وفي العراق قادتها ومؤسسوها مجاهيل ومن عرف منهم باسمه فإنه لا يعرف بسابقة في الإسلام، والشكوك والشبهات قائمة حول أدوارهم وعمالاتهم وإنشاء عصابات داعش هي النقلة الكبرى لأعداء المسلمين وأعداء العرب من التسلل للجماعات المسلمة إلى إنشاء كيان خالص مستقل مصنوع على أعينهم». وأضاف: «إن إنشاء التنظيم وراءه مخابرات إقليمية وعالمية، حيث تكونت مجاميعه من ثلاثة أصناف القادة والمحركون وهم أعداء خالصون، والثاني خوارج مارقون مغفلون، والثالث وهم الوقود مستغفلون انتهضوا لنصرة الدين سفهاء الأحلام حدثاء الأسنان خالون من العلم الشرعي»، مؤكداً أنه «لو تم جرد حساب (داعش) في عمرها القصير والمشؤوم على المسلمين لوجدنا أن لا هدف لهم إلا دماء المسلمين والاستيلاء على أراضيهم، أما أعداؤها المفترضون فهم سالمون منها عدا مناوشات يحيون بها صراعات طائفية وعرقية، ويوهمون بها الجهلة من أتباعهم، أو يحققون بها المقصد الأعظم من مشروعهم وهو التنفير من الإسلام وتشويه صورته واستعداء العالم على المسلمين»، مشيراً إلى أنه من مكائد «داعش» المكشوفة والمتكررة «استقطاب الصادقين المتحمسين من شباب المسلمين في كل مكان ليكونوا هم محراث النار الذي يحركون بهم جمرهم الذي أوقدوه». ولفت إلى أن «لا مصلحة للإسلام والمسلمين أفراداً ودولاً من الإساءة أو الاعتداء على أية طائفة أخرى، ولم تأمر به شريعة الإسلام، وأنه في اعتقاد المسلمين إن مجرد اختلاف الدين فضلاً على المذهب والمنهج لا يبيح الاعتداء أو الإساءة، ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ساكن اليهود في المدينة وجاورهم حتى مات». وشدد على أن الأفعال الإجرامية التي حدثت في المنطقة الشرقية الأسبوعين الماضيين، كانت «واحدة من سلسلة اعتداءات حدثت في بلادنا نتيجتها الوحيدة محاولة الإخلال بأمن هذه البلاد، ورغبة إلحاقها بركب الدول المضطربة حولنا لتزهق الأنفس بمئات الألوف، ويكون التهجير بالملايين، وأن المستهدف بما حدث هو الدولة والمجتمع كله، والمراد بتلك الدماء التي أريقت أن تكون الوقود الذي يطاول الكل بلا استثناء، وأن ألمنا على تلك الاعتداءات في شرق المملكة مستحق، وإنكارها واجب، ومدافعتها ومكافحتها فرض، والجريمة قد وقعت على الوطن كله لا على طائفة منها، وقد سبقت هذه العصابات باستهداف رجال الأمن في أنحاء بلادنا وقتل بعضهم واستهداف المنشآت العامة وغيرها، وأن ما سفكته عصابات الدواعش من دماء المسلمين هو بحر بالنسبة لدماء غيرهم، وما استلبته من أراضي السنة في الشام والعراق هو كل سلبها ولم تسلب سواهم، وعليه فإن من يقرر أن أولئك الدواعش هم نتاج عقائدنا ومناهجنا إنما هو يحقق مقاصد تلك العصابات ويتماها مع غايتها التي أنشئت لأجلها». وتساءل آل طالب: «عن أي جهاد في تفجير النفس في جمع من المصلين داخل مسجد وهم يصلون الجمعة وقد ورد النهي عن قتل الرهبان في الكنائس، فكيف بقتل المصلين في المساجد وبيوت الله تعالى محل الأمن لا الخوف؟». ورأى أن المملكة العربية السعودية بثقلها وتأثيرها «مستهدفة من أي تنظيم مستغل يمارس العنف والتطرف أو من أية دولة تتسم بالعدوانية والثورية وتصدير الطائفية والإرهاب أو من دول التسلط، وأن المملكة بما حباها الله تشكل عائقاً للمنظمات المتطرفة والدول الثورية التوسعية»، موضحاً أن «حوادث المساجد في المنطقة الشرقية طعم مسموم لجر قدم الطائفية وإغرائها بالنهوض لتقوم نيابة عنهم بمهمة تدمير الذات». وقال إن من «الفجور في الخصومة أن يستغل أهل الأهواء الحدث للنيل من عقيدة الأمة وثوابتها ومناهجها ونظامها الأساسي للحكم، وأنه لا بد من العدل والإنصاف والوسطية لدى العلماء والدعاة وأرباب الأقلام والإعلام والمفكرين عند تقييم الأحداث والخروج عن سنة الوسط في الخطاب مدحاً أو ذماً، مخالفة أو تأييداً».
مشاركة :