قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، إن تركيا تخطط لطرد قوات الحكومة السورية إلى ما وراء مواقع المراقبة العسكرية التركية في منطقة إدلب بشمال غرب سوريا بنهاية فبراير/شباط، وذلك رغم مكاسب القوات الحكومية المدعومة من روسيا. وقال أردوغان، في كلمة أمام أعضاء البرلمان عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، إنه يأمل في حل مسألة استخدام المجال الجوي في إدلب قريبا. وتتحكم روسيا في المجال الجوي وتقصف بشكل يومي المعارضة المسلحة، التي تدعمها تركيا دعما لهجوم القوات الحكومية. يذكر أن مسؤولون أتراك ومن المعارضة السورية، قالوا يوم الثلاثاء، إن المعارضة المدعومة من الجيش التركي سيطرت على بلدة النيرب في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا، وهي أول منطقة تستعيدها من القوات الحكومية السورية التي تتقدم في المحافظة. وتحاول قوات الرئيس السوري بشار الأسد المدعومة بقوة جوية روسية استعادة آخر معقل كبير للمعارضة في سوريا، وتسببت المعارك الأخيرة في الحرب المستمرة منذ تسع سنوات في نزوح ما يقرب من مليون سوري. وفي أنحاء أخرى من إدلب، استعادت قوات الحكومة السيطرة على بلدة كفرنبل ومناطق مجاورة لها على بعد نحو 30 كيلومترا جنوب غربي النيرب، حسبما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان ومصدر محلي ووسائل إعلام موالية للحكومة. وانتقد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، هذا الهجوم قائلا إن الحكومة السورية لم تتمكن من تحقيق نصر عسكري وإن واشنطن تعمل مع أنقرة على إيجاد سبيل لحل هذه الأزمة، دون أن يذكر تفاصيل. وأرسلت تركيا آلاف الجنود وعتادا إلى المنطقة لمساعدة المعارضة على مقاومة الهجوم. وقال الرائد يوسف حمود المتحدث باسم الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا لرويترز “بمساعدة أصدقائنا الأتراك.. أبطال الجيش الوطني السوري يستعيدون السيطرة على بلدة النيرب الاستراتيجية بوابة مدينة سراقب شرقي إدلب بعد دحر (طرد) المليشيات الروسية الإرهابية منها”. وقال مسؤول أمني تركي، إن الجيش التركي دعم هجوم المعارضة بالقصف، وإن فرق إزالة القنابل ومقاتلين من المعارضة يعملون الآن على تطهير البلدة الواقعة على بعد نحو 20 كيلومترا جنوب شرقي مدينة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة. وأضاف أن الهدف التالي هو السيطرة على مدينة سراقب الاستراتيجية التي يلتقي عندها طريق إم5 السريع، وهو الطريق الرئيسي الواصل بين الشمال والجنوب السوري والذي يربط دمشق وحلب، بالطريق الواقع غربي البحر المتوسط. وقال مقاتلون من المعارضة، إن السيطرة على النيرب تجعل طريق إم5 في مرمى نيرانها، وذلك بعد أيام من إعلان الحكومة السورية فتح الطريق تماما أمام حركة المرور للمرة الأولى منذ أعوام. وقال العميد الركن أحمد رحال، المنشق عن الجيش السوري، إن السيطرة على بلدة النيرب رفعت معنويات المعارضة، وإن هدف الحملة المقبل هو سراقب. وقال يحيى جابر، وهو أحد المنقذين العاملين مع الدفاع المدني، إن عشرة مدنيين لقوا مصرعهم على مسافة نحو 20 كيلومترا جنوبي الحدود، منهم سبعة أطفال، وذلك في ضربة جوية روسية أصابت ملاذا لعائلات نازحة في بلدة معرة مصرين التي تسيطر عليها المعارضة. وهوجمت أيضا مدينة إدلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة، وقال المرصد السوري، إن تلميذين واثنين من المعلمين لقوا حتفهم عندما أصابت نيران المدفعية مدرسة بالمدينة. دعم أمريكي منذ دفعت تركيا بقوات إلى شمال غرب سوريا لوقف حملة الحكومة السورية في إدلب، قُتل 17 من أفرادها. وعبرت الولايات المتحدة عن دعمها لموقف تركيا في إدلب، وقال بومبيو “هجوم النظام لا يسفر سوى عن زيادة مخاطر الصراع مع تركيا شريكتنا في حلف شمال الأطلسي، الحل في وقف دائم لإطلاق النار ومفاوضات بقيادة الأمم المتحدة بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”. وتسبب القتال في تأزم العلاقات بين تركيا وروسيا اللتين تدعمان أطرافا متقاتلة في الصراع السوري، لكنهما عملتا أيضا على احتواء العنف إلى أن اندلعت المعارك الأخيرة. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنه لا يوجد حتى الآن اتفاق على عقد قمة اقترحها في الخامس من مارس/ آذار مع روسيا وفرنسا وألمانيا تتناول الصراع في إدلب، لكنه قد يلتقي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ذلك اليوم. وأضاف أن من المقرر أن يصل وفد روسي إلى تركيا الأربعاء لبحث الوضع. كان أردوغان قد صرح يوم السبت بأن تركيا وضعت “خارطة طريق” لسوريا بعد اتصالات مع الزعماء الثلاثة. وقال الكرملين إنه يبحث إمكانية عقد قمة رباعية. واستقبلت تركيا 3.7 مليون لاجئ سوري، وتقول إنه لا يمكنها التعامل مع موجة لاجئين جديدة وأغلقت حدودها. وتقترب قوات الحكومة السورية من مخيمات النازحين بالقرب من الحدود التركية حيث يخشى النازحون من أن يصبحوا في مرمى النيران. وفي جنيف، دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأطراف المتحاربة في إدلب إلى السماح للمدنيين بالعبور الآمن هربا من الهجمات وذكّرت تلك الأطراف بأن المستشفيات والأسواق والمدارس محمية بموجب القانون. وقالت المتحدثة باسم اللجنة روث هيذرنجتون “نحث كل الأطراف على السماح للمدنيين بالتنقل بأمان سواء في مناطق تسيطر عليها تلك الأطراف أو عبر الخطوط الأمامية”. ويتكدس معظم النازحين في جيوب قريبة من الحدود التركية حيث زاد الطقس الشتوي القاسي من محنتهم وافترش كثير منهم الأرض على جوانب الطرق أو في الحقول لعدم توفر مأوى. وهجوم قوات الحكومة السورية قد يمثل الفصل الأخير من حرب أودت بحياة مئات الألوف وتسببت في نزوح الملايين ودمرت مدنا بأكملها منذ اندلاع الانتفاضة ضد الأسد عام 2011.
مشاركة :