300 فنان في مهرجان موسيقى «كناوة» في المغرب

  • 6/6/2015
  • 00:00
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

احتضنت مدينة الصويرة المغربية مهرجان موسيقى «كناوة»، الذي جمع هذه السنة 300 من أبرز الفنانين والموسيقيين من أربع قارات، في سهرات تمازجت فيها الإيقاعات الأفريقية والمدائح النبوية والأهازيج المغربية، بمختلف أنماط الموسيقى العالمية التقليدية والمعاصرة. وشارك في هذه الدورة 20 معلماً كناوياً مغربياً، مثل عمر حياة، ومحمد كويو، ومصطفى باقبو، ولمْعلم حسن ومحمود كينيا، إلى جانب وجوه أجنبية، بينها الفنان الأميركي كيني كاريت وطوني ألن من نيجيريا، والدنماركي ميكيل نوردسو باند، والجزائري كريم زياد، في عروض فردية أو عبر عروض مشتركة مع فنانين تتمازج فيها الأنماط الموسيقية وتنصهر في لوحات فنية عابرة للثقافات والقارات. افتتح المهرجان بلقاء بين أفريقيا وآسيا عبر حميد القصري والأفغاني حوميون خان، برفقة المالي باسكو كوياتي صاحب الآلة الموسيقية التقليدية «نكوني». وتضمن البرنامج العام لهذه الدورة تنظيم منتدى المهرجان الذي استحدث قبل ثلاث سنوات بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والذي ناقش هذه السنة موضوع «نساء أفريقيا الإبداع والاستثمار»، بمشاركة أكثر من 30 متحدثاً من أفريقيا وأوروبا وأميركا وآسيا. واختير موضوع «نساء أفريقيا» للاحتفاء بالمرأة الأفريقية التي أصبحت في السنوات الأخيرة فاعلة رئيسة في الاقتصاد، إضافة إلى وجودها بكثرة في كل مجالات الإبداع، من الآداب إلى الفنون التشكيلية والموضة. وكانت مديرة مهرجان كناوة وموسيقى العالم نائلة التازي عبدي، كشفت أن من أبرز مستجدات هذه الدورة التي اختتمت أخيراً، قبول منظمة اليونيسكو طلب تصنيف موسيقى كناوة كتراث عالمي غير مادي في 30 آذار (مارس) الماضي. وقالت: «ستشرع لجان تابعة لمنظمة اليونيسكو في القيام بأبحاث ودراسات حول هذا التراث، والتي على أساسها ستقرر المنظمة تصنيف فن كناوة تراثاً عالمياً، هذه الإجراءات ستأخذ وقتاً لكننا متفائلون بأننا سنحتفل بعد سنتين بتصنيف اليونسكو بالتزامن مع الذكرى العشرين لانطلاق المهرجان»، مشيرة إلى أن الدراسة الأنطولوجية التي أعدتها جمعية الصويرة وموغادور ونشرتها السنة الماضية، وتضمنت جمع التراث الموسيقي العريق لكناوة في 9 أقراص مدمجة، سيكون لها وزن كبير في قرار اليونيسكو. وأبرزت الدراسة أن كل درهم يستثمر في تنظيم المهرجان يعود بالنفع على المدينة بما يعادل 17 درهماً مغربياً كمداخيل سياحية وتجارية. وأثمر البحث التوثيقي الذي بذلته أخيراً جمعية «يرمى كنـــاوة»، إصـــدارها أول عمل أنطولوجي متكامل حول هذه الموسيقى بعنوان «كناوة: إضاءة ثلاثية في التاريـــخ والأنـــثــربــولوجيا والتــــحليـــل الموسيـــقـــي». وتشمل الأنطولوجيا كتاباً يضم مختارات من النصوص المغناة ودراسات علمية تتناول الجوانب المختلفة لـ «كناوة»، إضافة إلى سبعة كتيبات تضم ملاحق مختلفة، و9 أقراص مضغوطة تشتمل على أغاني «كناوة» بأداء «المعلمين» المشهود لهم بتجاربهم الغنية في هذا المجال. وإلى جانب تركيزهم على الأبعاد التاريخية والطقوسية والموسيقية لهذه الظاهرة، فإن القيّمين على هذا الإصدار توخّوا أن يتحوّل إلى مرجع أساسي للباحثين والطلاب والموسيقيين الباحثين في خبايا هذا اللون الموسيقي وثرائه الإيقاعي واللحني والأسلوبي. وتركز الدراسة على دور البعد الطقوسي في العلاج التقليدي. ويعتمد الاستشفاء في «الليلة الكناوية» أساساً على»جوّ من الاحتفال والاحتضان الجماعي للمريض. كما تلعب الموسيقى والإيقاع وما يصاحبهما من طقوس وألوان وأبخرة، دوراً مهماً في تخليص الجسد من أعبائه». وإذا كانت موسيقى «كناوة» في إرهاصاتها الأولية تحكي آلام الاغتراب والعبودية، فإنها، بعد امتزاجها بالزوايا والطرق الصوفية، اتخذت منحى روحانياً أشبه بالسحري. وبالنسبة إلى البعد الموسيقي التقني في «كناوة»، ركز الباحث والناقد الموسيقي أحمد عيدون على العناصر الموسيقية التي تؤثث «الليلة الكناوية». وأفرد فصلاً خاصاً للآلات الموسيقية المستخدمة، مثل الكنـــبري وتــنـــويعاته المختلفـــة من «هجــهـــوج» و «سنتير»، وأوتاره الثلاثة، الوسطية والتحتية والفوقية. ومثل القراقب، أيضاً، وهي صنوج حديد تأخذ شكل رقم 8، وتُستعمل باليدين بتصادم الجزءين، تضاف إلى الطبول بأشكالها المختلفة التي تُقرع من الجهتين بواسطة قضيبين أحدهما مقوس. وتناول الباحث أيضاً المقامات والإيقاعات وأساليب الأداء وكــــفـاءة المعلميـــــن، مشيراً إلى أن التعاون الوثيق بين الطقوس والموسيقى المصاحبة أظهر «المزج المعقد بين الحركة واللفظ والصوت». ومَيّز الباحث بين ثلاثة مظاهر مترابطة تشكل عصب الظاهرة «الكناوية»، وهي الموسيقى الآلية، والغناء، والرقص، فالموسيقى «الكناوية» هي في أساسها «خماسية المقام رغم وجود مجموعة من التنويعات النغمية. أما الإيقاع فيستغل كل إمكانات التداخل بين التقسيمات الثنائية والثلاثية».

مشاركة :