عززت الحكومة الأردنية خطواتها في تحسين الخدمات الاجتماعية من خلال إعلانها لخطة لإدماج العائلات محدودة الدخل في نظام التأمين الصحي المجاني في خطوة اعتبرها خبراء تعكس رغبة السلطات في امتصاص الغضب الشعبي المتفاقم والمحافظة على السلم الاجتماعي رغم هشاشة الوضع الاقتصادي للبلد. عمان - أقرت الحكومة الأردنية نظام تأمين صحي شامل ضمن خطوات سيتم تنفيذها تدريجيا لتغطية الحاجيات الصحية لجميع المواطنين دون استثناء بحلول العام 2025. وبدأت عمّان منذ فبراير الجاري، في تنفيذ خطتها التي ستكون مجانية بنسبة مئة في المئة وكوجهة للعائلات المحلية الأقل حظا في المجتمع. ونسبت وكالة الأناضول لوزير الصحة سعد جابر، قوله إنه “سيتم السماح لغير المؤمّنين بدخول نظام التأمين الصحي، وتجميعهم في شبكة الأمان الاجتماعي”. ووفق النظام الجديد، سيتم منح تأمين صحي لكل من يقل دخله الشهري عن 300 دينار (حوالي 432 دولارا)، بينما من يتراوح دخله الشهري بين 300 إلى ألف دينار (1410 دولارات)، فسيتم دعم أقساط التأمين من الحكومة بنسب تتراوح بين 30 في المئة إلى 90 في المئة. وأكد جابر أنه كلما ارتفع الدخل تقل نسبة مساهمة الحكومة في أقساط التأمين ومن يزيد دخله عن ألف دينار سيدفع الأقساط المقررة دون أي دعم حكومي. وأشار إلى أن الهدف من هذا الإجراء أن يكون المواطن محميا صحيا، عبر حصول الجميع على بطاقة تأمين صحي، ما يجعل تأمين الخدمات أسهل وأسرع، خصوصا ما يتعلق بالأمراض الطارئة. ويرى خبراء أن من شأن توسعة مظلة التأمين الصحي في الأردن، المساعدة في تغطية عدد أكبر من المستفيدين من ذوي الدخول المحدودة. وقال الخبير الاقتصادي قاسم الحموري، إن “التأمين الصحي مسألة مهمة، لأن شريحة كبيرة من المواطنين في الأردن غير مشمولين تحت مظلة أي نوع من التأمين، ما كان يدفعهم إلى طلب إعفاءات علاجية من الصحة والديوان الملكي”. وأوضح الحموري أن هذه الخطوة ستزيد مخصصات التأمين في الموازنة الحكومية، إلا أنه في المقابل، ستخفف من تكاليف الإعفاءات الصادرة للحالات العديدة، التي كانت تتقدم للحصول عليها. سعد جابر: برنامج يتيح لغير المؤمّنين دخول نظام التأمين الصحي سعد جابر: برنامج يتيح لغير المؤمّنين دخول نظام التأمين الصحي وتؤكد الحكومة أن نظام الحوسبة والرقمنة الذي تعمل على تطبيقهما في الوقت الحالي، ستمكن من إعداد قاعدة بيانات متكاملة للمستحقين لهذا التأمين، مما يستوجب إنجازه بأقصى سرعة متاحة. ومع ذلك شكك رئيس اتحاد شركات التأمين الأردنية ماجد سميرات في قدرة الحكومة على تنفيذ هذا القرار. وقال إن “الحكومة تحدثت عدة مرات عن التأمين الصحي، إلا أنه لم ينجز حتى الآن”. ولفت إلى أن شركات التأمين بالقطاع الخاص، لن تتأثر بمثل هذا النوع من التأمين، لأن من سيغطيهم التأمين الحكومي هم ليسوا أساسا ممن يغطيهم التأمين الخاص. ودعا وزير تطوير القطاع العام الأسبق ماهر مدادحة، إلى التركيز على ألا يشمل التأمين الحكومي المستفيدين من تأمينات أخرى، خصوصا تلك التي يوفرها القطاع الخاص للعاملين فيه. وأوضح أن ذلك يتطلب وقتا لحصر المستفيدين خصوصا أولئك الذين لا يعملون في وظائف ثابتة، أو لديهم دخل ثابت، مثل العاملين في الأعمال الحرة والقطاع غير الرسمي. وقال إن “التأمين الصحي ليس مسؤولية القطاع الحكومي وحده، بل يجب أن يتحمل القطاع الخاص دورا بشمول منتسبيه في التأمين، وجعل ذلك إلزاميا في مؤسسات القطاع”. وجسدت الحكومة بهذا الإجراء تعهداتها السابقة بتخصيص 52 في المئة من الإنفاق الرأسمالي في موازنة 2020، والبالغة حوالي ملياري دولار، لدعم قطاعات النقل والصحة والتعليم. وبحسب بيانات وزارة الصحة، فإن الأردن ينفق نحو 8.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لصالح قطاع الصحة، وهي نسبة مرتفعة. وستدعم الحكومة اشتراكات التأمين الصحي بحسب الدخل الشهري للأسرة، فيما تنفق الوزارة نحو 3.5 مليار دولار سنويا، لتوفير خدمات صحية. ويشير محللون إلى أن السلطات الأردنية تحاول امتصاص الغضب الشعبي بإسناد حوافز اجتماعية خصوصا عقب ما عرفته السنوات الماضية من احتجاجات ومطالب اجتماعية. ويعكس تخفيف سقف الضرائب المفروضة على الأفراد والشركات في بعض القطاعات وعدم فرض أي رسوم جديدة في موازنة هذا العام، رغبة الحكومة في احتواء المواطنين رغم حاجتها لتعبئة موارد مالية إضافية لتغطية العجز وتوفير السيولة لتسيير شؤون الدولة. ويكافح الأردن من أجل كبح الدين العام الذي بلغ مستوى قياسيا عند 94 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وذلك ضمن إصلاحات هيكلية طال تأجيلها.
مشاركة :