يثبت اليافطة بقوة في منتصف الشجرة، عبر طرقها بالمطرقة، يقول أحمد إلى أخيه الأصغر عماد:- أتمنى أن تباع الأرض، فأنت السنة القادمة تحتاج الكثير من المال من أجل الجامعة، وأنا أيضا سوف أتخرج وأريد بعض المال لافتتاح مشروع لي.يحرك عماد رأسه علامة على الموافقة على ما يقوله أخوه أحمد:- نعم صدقت، لكن دعني أفكر بطريقة تجعل الأرض مرغوبة، فهي بعيدة عن المساكن.يتقدم أحمد نحو سيارته:- دعنا نعود لبيتنا ونفكر.يدخل كلاهما السيارة، ويعودان إلى بيتهما.تمر الأيام دون أي اتصال من مشترين للأرض، فيخرج أحمد صندوق ذهب لأمه الراحلة:- يا عماد لا تحزن، لكني سوف أبيع حصتي من ذهب أمي، فأنا وأنت عندنا مصاريف كثيرة.ترتسم ابتسامة على وجه عماد:- أفعل ما تشاء يا أخي، لكن أرجوك لا تبع السبائك الصغيرة، فلقد كانت عزيزة جدا على قلب أمي رحمها الله.يمد أحمد يده في الصندوق ويخرج السبائك الصغيرة ويعطيها لأخيه:- خذ يا أخي احتفظ بها، وأنا خارج وسوف أغيب عدة أيام، فبعد أن أبيع الذهب سوف أذهب إلى جامعتي، فكما تعلم هي في محافظة أخرى.- افعل ما تشاء، ودعائي لك بالتوفيق.خرج أحمد تاركا أخاه الأصغر لعدة أيام، وإذ في اليوم الثالث تفاجأ باتصالات لا تُعد ولا تُحصى من مشترين للأرض، فيعود إلى أخيه الأصغر مسرعا.- يا عماد افرح، لقد اتصل بي الكثيرون يريدون شراء الأرض.يرد عماد فرحا:- وما الذي تنتظره، هيا بعها.- كيف أبيعها؟ إن العروض تنهال عليّ كزخات المطر، ولقد وصل سعرها إلى نصف مليون، وأنا كنت قابل بالسابق بمائة ألف فقط.- بعها يا أخي أرجوك، ولا تتردد.- يا عماد، يبدو أن هناك مناطق سكنية سوف تُبنى هناك، دعنا ننتظر.- لا أرجوك بعها، اليوم قبل الغد.- كما تشاء، والآن وصلت وأردت أخذ رأيك، فادعُ لي، أنا ذاهب لبيعها.يصفق عماد فرحا:- اذهب يا أخي، الحمد الله على نعمته.يخرج أحمد من بيته وهو يكاد يقفز من شدة الفرح.تمر الساعات وعماد جالس على حاسوبه، يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي.يدخل أحمد إلى البيت، وهو ممسك بشيك بين يده:- لقد بعتها، لقد بعتها.ترتسم ابتسامة على وجه عماد:- وأنا نجحت خطتي أيضا.ينظر أحمد إلى أخيه:- أي خطة، لقد ضحك القدر أخيرا لنا؟- لا، أنا أعددت خطة، ولقد نجحت.- يا عماد ماذا تقول، أي خطة؟ - في يوم ذهابك، قرأت في الصحيفة أن هناك أراضي كثيرة مليئة بالآثار والكنوز.يرد أحمد وهو ما زال مبتسما:- نعم صحيح، وما دخلنا نحن.- لقد خطرت في عقلي فكرة، فأخذت سبائك الذهب الصغيرة ودفنتها في نقاط سهلة في الأرض.- تبا، ماذا فعلت يا عماد؟ - لم أفعل شيئا، لقد طلبت من عدة عمال تنظيف الأرض، وتركتهم لعدة ساعات.- وماذا حدث بعد عودتي لهم؟ لقد وجدتهم مختفين إلا واحدا فقط منهم، أخبرني أنهم وجدوا سبائك ذهب وهربوا.- يا الله ماذا فعلت، لقد أضعت ذهب أمك الراحلة..!!- لقد كان هؤلاء العمال وسيلة لنشر إشاعات لا تُعد ولا تُحصى على الأرض، حتى وصلت إلى مواقع التواصل الاجتماعي.يمد يده عماد نحو شاشة الحاسوب، وإذ يرى أحمد صورا للأرض عليها..!!يتقدم أحمد نحو الشاشة، وعيناه تكاد تخرج من رأسه:- اللعنة، مئات التعليقات، وعدة صور.يرد عماد، وهو يشعر بالانتصار:- أنا لم أفعل سوى أني وضعت عدة سبائك صغيرة من الذهب في الأرض، أما بقية الأحداث أنت الآن علمت بها، والنتيجة شيك بمبلغ ضخم ثمنا للأرض.حسين علي غالب
مشاركة :