اكتفاء وزارة الصحة بنفي تسجيل أي إصابة محلياً (بفيروس كرونا) - بحمد الله- وهو الذي أطل برأسه علينا من خلال إصابة مواطنين سعوديين في دول خليجية مجاورة، يذكرني كثيراً بفنون خطابة وفصاحة قدماء السعوديين (جنوب البلاد) التي كانت تناسب ذاك الزمن الجميل بمستجداته وتحدياته ونقاشات أهله البسيطة والبدائية، وتبادلهم للأخبار والاهتمامات، عندما يلقي من يتوقع أن يملك المعلومة أو (يجيب العلم والخبر) السلام على الآخر كونه القادم من بعيد ليقول له في أسلوب قصصي وسجعي: (الديرة والسيرة واحدة، لا واردة ولا شاردة، الأرض غبرة وعند الله الشبرة، لا مريض ولا عريض، عايشين في وادينا والله هادينا ..إلخ) أي ليس هناك مريض ولا ما يستحق عرضه أو يعترض من الأحداث والأمور الطارئة. ما ننتظره من وزارة الصحة تجاوز مرحلة وبيانات (النفي اليومي) على الطريقة التقليدية (لا مريض ولا عريض)، لتبدأ بالخطوة الاحترازية والتوعوية والعلمية اللاحقة بالاستعداد للمواجهة، وتكثيف الإرشادات للمواطنين والمقيمين بحملة توعوية شاملة في المدارس والمستشفيات والتجمعات، وعبر وسائل الإعلام، ومن خلال اللوحات الإعلانية في كل مكان، وحتى الاستعانة بخطباء الجوامع، ليأخذ الناس الحذر والحيطة اللازمة، ليكونوا جاهزين للسيناريو الأسوأ لو حدث -لا سمح الله- فنحن دولة أشبه بقارة، حدودنا مفتوحة، ومطاراتنا تعجُّ بالمُسافرين والقادمين ليل نهار للعمل والسياحة والزيارة، نختلف عن غيرنا بوجود المقدسات الإسلامية التي يقصدها المسافرون من كل أرجاء الدنيا، لذا لا يجب انتظار تسجيل الإصابة مثل غيرنا، حتى نبدأ بالخطوة التالية، كما حدث في الدول التي سجلت إصابات وكان تحركها مُتأخراً بانتشار المرض مع عدم فهم الناس وتخوفهم. التحرك بعد تسجيل الإصابة -لا سمح الله- سيكون ثمنه أكبر وكلفته أعلى، كل دولة حول العالم اليوم تُدير الأزمة بالاعتماد على (الوعي المُجتمعي)، وفهم المواطنين والمُقيمين للدور الذي يجب القيام به للحماية من الإصابة، والحد من انتشار الفيروس عند اكتشافه، وهو (شرط الجواب) الذي يسأله المُضيف لضيفه في (فن الخطابة الشعبية)، إذا ما تأخر الأخير ولم يُبادر بإبلاغ الأول بالمُستجدات على طريقة (علومك ولو عجلنا عليك) يا وزارة الصحة؟!. وعلى دروب الخير نلتقي.
مشاركة :