معرض بحريني يعيد الثقة للجسد الممتلئ

  • 2/28/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يعدّ التشكيلي محمد المهدي أحد أبرز الرسامين الشباب في البحرين، فقد عرض تجربته الفنية في العديد من المعارض الفردية والجماعية في البحرين والكويت وسوريا ولبنان والمغرب والسعودية وسويسرا. كما عرضت إحدى لوحاته تكريما لذكرى طفل اختفى في ظروف غامضة في البحرين في متحف البحرين الوطني. المنامة – في معرضه الأخير يحاول الفنان البحريني محمد المهدي أن يحاكي الفنان التشكيلي الكولمبي فرناندو بوتيرو (مواليد 1932)، وذلك من خلال إلقاء تحية خاصة له في معرضه الشخصي المقام في غاليري البارح بعدلية المنامة في البحرين، والذي انطلق في منتصف فبراير مستمرا حتى العاشر من مارس القادم. بعد تأمل طويل في تجربة فرناندو بوتيرو المهتمّة بشكل أساسي برسم ونحت الأشخاص، التي عرفت ببصمته الفنية من خلال إظهارها بأبعادها الضخمة، وببدانة الهياكل البشريّة والحيوانية فيها. مفسّرا استعماله للأشكال البدينة بأن الفنان يجذب إلى بعض الأشكال دون معرفة السبب. محمد المهدي: تعلمت من بوتيرو أن على الفنان أن يعكس محيطه في رسوماته محمد المهدي: تعلمت من بوتيرو أن على الفنان أن يعكس محيطه في رسوماته استطاعت الميديا العالمية أن تهيمن على ذائقة المتلقي وحكمه إزاء الجمال، وأن تسوّق له جمال الجسد في صورة جاهزة متضمنة قوالب بصرية لمعايير الكمال للمرأة والرجل، وكيف يجب أن تبدو عليه الأجساد في رشاقتها واكتمال عضلاتها وقوامها. حيال ذلك كله، وبوعي شديد من محمد المهدي، اختار أن يقترب بتجربته الفنية من عوالم بوتيرو الساحرة التي تنطلق من تحدي المعايير والسخرية منها، محطما كل الصور النمطية الجاهزة على المستوى التاريخي والديني والاجتماعي والسياسي أيضا. لكنه يلبس بعض شخوصه الحالة البحرينية وكأنه يعيد صناعة عوالم بوتيرو بعيون خليجية لها ارتباطها الخاص بالمكان والزمان والملابس التقليدية. وفي هذا الشأن يقول المهدي في المانفستو الخاص بالمعرض إن العام 2000 كان بالنسبة لتجربته بمثابة المسمار الأخير الذي ضربه في نعش علاقته بالرسم الواقعي للحياة، حيث بدأ بعدها في البحث عن الذات من خلال الرسم. وفي عام 2005 وجد الفنان البحريني نفسه في مفترق طرق بين تأثير الفنان فرناندو بوتيرو وتأثير الفن المتعلّق بالطفولة، الذي كان يشتغل عليه، فاختار التركيز على عالم الطفولة وأسرارها وفنونها وفتح مناطقها المغلقة في أعماله اللاحقة. اعتاد المهدي في تجاربه السابقة تقديم فكرته بصورة أفقية، حيث يعزّز في أعماله الفنية الفوارق بين اللعبة الحقيقية والألعاب الرقمية، وعلاقتها السيكلوجية والسيسيولوجية بالأطفال وبذويهم، من حيث القدرة على وعيها والانتقال بهم من عالم إلى عالم مرتبط بالطفل ونموّه الفكري، وبتصوّراته الأولى للتجربة. لكنه في معرضه الحالي الذي يلقي من خلاله تحيته الخاصه لبوتيرو نجده في منطقة اشتغال مختلفة ذات مضامين فنية مُغايرة عن تجاربه الفنية السابقة. الفنان البحريني يحاول من خلال أعماله أن يجعل الوعي البصري في حالة معلقة حيال الكون والجمال بصورة دائمة اشتغالات الفنان البحريني خارج سياق الزمان والمكان، هي محاولة لقراءة إبداعية مفتوحة للعالم المرئي، ومرحلة من السعادة الواضحة التي لا يُستثنى منها الشوق والذاكرة، حيث يحاول المهدي من خلال أعماله أن يجعل الوعي البصري في حالة معلّقة حيال الكون والجمال بصورة دائمة. ويقول محمد المهدي “حاولت في المعرض الرجوع إلى الماضي، إلى المُعلّم الذي ظهر متأخرا، الفنان فرناندو بوتيرو الذي وجد الجمال في الجسد الممتلئ، والذي غزا العالم بتماثيله الضخمة. لقد تعلمت منه بداياتي، وكيف أكون فنانا قادرا على أن يعكس محيطه، وأن يكون جزءا من بيئته”. ويتابع “في هذا المعرض لم أمنع نفسي من الخروج عن المألوف -ولو مؤقتا- لممارسة تجربة لطالما راودتني وسكنتني بعمق، فتارة أقدّم تجربة بوتيرو الفنية بصياغة الموضوع والمحافظة على طريقة الرسم التقليدية، وتارة أخرى أحاكي أسلوبه بصورة كلية. من خلال هذا المعرض أشيد باحترام وتقدير بمكانة هذا الفنان العظيم”. يذكر أن محمد المهدي فنان ومصمّم من مواليد البحرين عام 1976، ارتبطت علاقته بالفن منذ طفولته عبر اكتشافه للفحم في الشوارع، حيث بدأ يملأ جدران الحي برسوماته. وبعد سنوات، عندما بدأ في البحث عن أسلوبه الشخصي، وجد أن الرسم للأطفال هو ما يسكنه، فقرّر أن يتبنى هذا الأسلوب كأداة لرواية القصص، يروي من خلالها قصته الخاصة به، ثم يغامر في العالم باحثا عن لحظات الحياة اليومية التي تكتسب مظهرا يشبه الحلم ولا تسحب منه النظرة أبدا.

مشاركة :