حسان دياب ينتقل من التمايز الظاهري إلى الانصهار الفعلي في أجندة حزب الله

  • 2/29/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تقول دوائر سياسية لبنانية إن رئيس الوزراء حسان دياب الذي يواجه صعوبات كبيرة في فرض حضوره على الساحة اللبنانية وإقناع المجتمع الدولي بالتعاون معه، بدا وكأنه يبحث هذه الأيام عن شماعة لتحميلها مسؤولية الوضع الذي يجد نفسه محشورا به. وحرص دياب منذ تكليفه بتشكيل حكومة في ديسمبر الماضي على إظهار نوع من التمايز عن باقي القوى السياسية التي دعمته ومنحته ثقتها داخل قبة البرلمان (في فبراير الماضي)، والقول إنه على مسافة واحدة من الجميع لإدراكه بأنه سيكون أمام وضع ميؤوس منه دون وجود مظلة محلية جامعة، ودعم دولي. وتشير الأوساط إلى أن “لعنة” تسميته من قبل حزب الله وحلفائه جعلت الأمر معقدا بالنسبة لدياب خاصة وأن هناك حالة تحفظ واضحة من قبل قوى سياسية وازنة حياله، الأمر الذي دفعه على ما يبدو إلى الانتقال في الفترة الأخيرة من المستوى الدفاعي إلى الهجومي وما يفرضه ذلك من تخندق قولا وفعلا مع الأطراف التي ساندته. وبدا هذا التغير واضحا حينما شن دياب في اجتماع مجلس الوزراء الأخير انتقادات حادة على بعض القوى في الداخل غامزا خاصة باتجاه تيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، حينما قال إن هناك أطرافا محلية خلف انسداد الأبواب العربية والخليجية أمامه. ولم تبد الدول العربية أي حماسة للتعاون مع الحكومة اللبنانية الجديدة، كما لم يتلق رئيس الوزراء أيّ دعوة خارجية، فيما بدا أن هناك فيتو عربيا على هذه الحكومة التي تحسب على حزب الله. وهاجم دياب في نبرة غير مسبوقة ما أسماها بـ”الأوركسترا التي تعمل ضد لبنان”، مدافعا عن حكومته التي قال إنها “تحاول العبور بالبلد من النفق المظلم الذي حفرته هذه الأوركسترا نفسها”. وكان دياب قد مهد لهذا التصعيد قبل أيام من خلال الإشارة إلى أن الأزمة التي يتخبط فيها لبنان هي وليدة 30 سنة من التراكمات في هجوم غير مباشر على “الحريرية السياسية”. مواقف دياب الأخيرة استفزت تيار المستقبل الذي سارع إلى الرد عبر بيان معتبرا أنها تصب في إطار الحملات التي لطالما استهدفت الرئيس الشهيد رفيق الحريري و”الحريرية السياسية”. وذكر البيان “أن انضمام رئيس الحكومة إلى فريق المسوقين لتراكمات السنوات الثلاثين الماضية وتحميلها مسؤولية تفاقم الدين العام، دون تحديد الجهة الأساسية المسؤولة عن الدين منذ عام 1992، ونصف الدين العام الذي نشأ عن الهدر في الكهرباء”. وأكد المستقبل في بيانه أن “الكلام الذي نقل عن رئيس الحكومة مرفوض ويصب في إطار الحملات التي تستهدف الرئيس الشهيد رفيق الحريري والسياسات الحريرية التي انتشلت لبنان من حال الدمار الذي تسببت به الحرب وسياسات المماطلة والتعطيل التي تناوبت عليها حكومات وعهود وأحزاب لا تخفى عن اللبنانيين الشرفاء”. وأضاف “إذا كان هناك في دوائر الحكم وبعض الدوائر الحزبية التي تتلطى وراء التوجهات الحكومية من يعمل على تزوير التاريخ والوقائع والأرقام ورمي المسؤولية على السياسات الحريرية، فقد كان حريا برئاسة الحكومة أن تنأى بنفسها عن تلك الحملات المكشوفة الأهداف، فلا تستنسخ العبارات التي درج على استحضارها أزلام زمن الوصاية وورثتهم في العهد الحالي والعهد الذي نظمت فيه جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري”. ولطالما حمل حزب الله والتيار الوطني الحر المسوؤلية عن الهدر والفساد وما انجر عنهما من أزمة مالية واقتصادية يجد لبنان صعوبة في مواجهتها إلى عهد الرئيس الراحل رفيق الحريري. ويقول محللون إن مواقف دياب لا تحمل بين طياتها فقط تبنيا كاملا لخطاب داعميه، بل وأيضا هي محاولة استباقية منه للترويج في الداخل بأن فشله في مهمته الإنقاذية يعود إلى وجود قوى شد عكسي تحاول النيل منه وتقف حجرة عثرة أمام تحقيقه لأيّ منجز، مع أنه سبق لتيار المستقبل وزعيمه سعد الحريري أن أكدا عدم نيتهما تعطيل مسار الحكومة وأن نهجهما سيقوم على أساس “المعارضة البناءة”. ويلفت المحللون إلى أن تلميح دياب إلى دور للحريري في رفض الدول العربية التعاطي معه، ينطوي على مغالطة كبيرة، خاصة وأن هذا الأخير في وضع صعب داخليا وخارجيا، كما أن علاقات رئيس الوزراء السابق مع المحيط الخليجي أساسا لا تزال فاترة رغم بعض الاختراقات. ويشير هؤلاء إلى أن رئيس الوزراء يتغافل عن عمد عن الأسباب الحقيقية خلف هذا الفيتو العربي، ولعل أهمها أنه وخلال الفترة القصيرة من عمل الحكومة ثبت بالكاشف أن حزب الله هو صاحب القرار الفعلي ومن يدير دفة القيادة، وليس أدل على ذلك من الموقف حيال صندوق النقد الدولي. وهناك توجسات عربية وخليجية حيال إمساك حزب الله المدعوم إيرانيا بمفاصل القرار في لبنان، وعلى ضوء ذلك فإنه من غير الوارد أن تقدم أي دولة على منح دعم مالي سيكون الحزب وراعيته المستفيدين منه.

مشاركة :