أثارت الاحتجاجات التي انطلقت في العراق في أكتوبر 2019 للمطالبة بتغيير الطبقة السياسية، موجة من الأخبار الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتتعلق غالبيتها بصور ومقاطع فيديو تم تداولها على أنها توثق أحداث العراق، لكنها في حقيقة الأمر التقطت في دول أخرى. وعمل فريق تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس على التدقيق في عدد منها، وذكر أن إحدى الصور تداولها المئات من المستخدمين على موقع فيسبوك تظهر طفلا يمشي على أنبوب عريض ممدود أرضاً في منطقة بائسة على أنه طفل عراقي يبحث عن الطعام، للدلالة على تدهور الأوضاع المعيشية، لكن في الحقيقة كانت الصورة ملتقطة في الهند. وانطلقت الاحتجاجات في العراق في الأول من أكتوبر 2019 في بغداد ومدن جنوبية للمطالبة بإجراء إصلاحات واسعة و”إسقاط النظام” وتغيير الطبقة السياسية التي تحكم البلاد منذ 17 عاما، لاتهامها بـ”الفساد” و”الفشل” في إدارة البلاد وإهدار ثروات دولة تعدّ من أغنى دول العالم بالنفط. واستهدفت الكثير من الأخبار والصور المضللة التي انتشرت على الشبكات الاجتماعية، الطعن في مصداقية المتظاهرين، والإدعاء بأنهم مرتبطون بجهات خارجية. واستندت القصص الزائفة على أحداث حقيقية. وظهرت منشورات تتّهم المحتجين بالتضليل الإعلامي، منها مقطع فيديو يقول ناشروه إنه لمتظاهرين يصبغون وجوههم للادّعاء بأنهم تعرّضوا للضرب، لكنه في الحقيقة ملتقط أثناء تدريب ميداني في مستشفى في النجف بالتعاون مع منظمة أطباء بلا حدود. وانتشرت صور أيضاً على أنها تُظهر محتجّين يلوّنون وجوههم لاتهام قوات الأمن بضربهم، لكنها ملتقطة من مسرحية عرضت في ساحة التحرير في بغداد. انتشرت صورة على أنها تُظهر "مندسّاً سعودياً" بثياب امرأة في صفوف المتظاهرين، لكن الصورة في الحقيقة ملتقطة في مصر في العام 2017 وفي سياق اتّهام المحتجّين بالعمالة لجهات أجنبية، تداول الآلاف من مستخدمي مواقع التواصل صوراً على أنها تُظهر القبض على عملاء لإسرائيل أو لدولة الإمارات أو الأردن كانوا يحرّضون المحتجين ويقطعون الطرقات، لكنها في الحقيقة تعود لأحداث سابقة ولا علاقة لها بتظاهرات العراق. وفي السياق نفسه، انتشرت صورة على أنها تُظهر “مندسّاً سعودياً” بثياب امرأة في صفوف المتظاهرين، لكن الصورة في الحقيقة ملتقطة في مصر في العام 2017، والشاب الظاهر فيها أوقف بتهمة خطف أطفال في القاهرة. وسقط في الاحتجاجات قرابة 550 قتيلاً وثلاثون ألف جريح معظمهم من المتظاهرين. ويوجّه المتظاهرون أصابع الاتهام لقوات الأمن ومقاتلي الجماعات المسلحة المختلفة والعناصر التابعة لأحزاب سياسية، فيما تقول السلطات إن مسلّحين مجهولين يقفون وراء عمليات إطلاق النار. وانتشرت على مواقع التواصل صور على أنها تُظهر توقيف “شبكة إرهابية” هدفها “إشعال الفتنة” بين المتظاهرين وقوات الأمن، لكن هذه الصور ملتقطة في السابق ولا علاقة لها بالاحتجاجات. ويُندّد المتظاهرون بالتدخّل الإيراني في بلدهم، فانتشرت قصص زائفة تتعلق بهذا الجانب، حيث تم تداول صورة على مواقع التواصل على أنها تُظهر مسؤولاً عسكرياً رفيع المستوى يقبّل يد مسؤول إيراني، لكنها في الحقيقة تُظهر المسؤول العراقي يقبّل يد جريح في الحشد الشعبي. ويتألّف الحشد الشعبي المندمج في القوات الأمنية العراقية من مجموعات مسلّحة موالية لطهران منذ تأسيسه في العام 2014 لمواجهة تنظيم الدولة الاسلامية.
مشاركة :