الجزائر تكافح لتحويل أعباء المناطق الصحراوية إلى فرص اقتصادية

  • 2/29/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تترقب الأوساط الاقتصادية والشعبية الجزائرية تدشين الحكومة لمخططها الزراعي لتحويل المناطق الصحراوية من حجر عثرة أمام التنمية إلى فرصة لتعزيز الاستثمار وفتح فرص جديدة في سوق العمل. وتشكل الصحراء في البلد النفطي أكثر من 80 في المئة من مساحته الإجمالية، وهو ما يعني أن السلطات ستدخل مغامرة صعبة لتنميتها مع تقلص إمكانياتها المادية نتيجة انحسار عائدات صادرات الطاقة. وخصصت الحكومة في موازنة العام الحالي نحو 400 مليون دينار (3.33 مليون دولار) لدعم صغار المزارعين ومربي الماشية في 16 ولاية بالجنوب. وهذا المبلغ سينضاف إلى نحو 400 مليون دولار لمخصصات القطاع في تلك المناطق، فضلا عن 380 مليون دولار من أجل تطوير صناعة الثروة الحيوانية. ويرى البعض أن تقديم المساعدات ليس كافيا لتحقيق هدف الحكومة المتمثل في زيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من معدلاته الحالية والمقدرة بحوالي 12 في المئة، طالما أن الشباب غير مهتمين بالأرض ويبحثون عن وظائف في مجالات أخرى. وخلال جلسة أمام البرلمان أكد وزير الفلاحة والتنمية الريفية شريف عماري أن المحاصيل في المناطق الصحراوية شهدت ارتفاعا ملحوظا رغم العديد من الظروف. وقال إن “ثروة النخيل التي تمتد على مساحة قدرها 164 ألف هكتار حققت مستويات إنتاج عند قرابة 11.2 مليون قنطار من التمور فيما بلغ إنتاج الخضروات التي تمت زراعتها على مساحة 60 ألف هكتار، 35 مليون قنطار”. وأوضح أن قرابة 600 ألف مستثمر يعملون في قطاع إنتاج الحبوب في مساحة قدرها 3.5 مليون هكتار أي ما يعادل 41 في المئة من المساحات المخصصة للفلاحة. وأظهرت بيانات حديثة لمركز الإحصائيات الزراعية أن قيمة إنتاج المحاصيل ارتفعت متحدية بذلك التقلبات المناخية التي تضرب شمال أفريقيا منذ سنوات، حيث قفز الإنتاج العام الماضي بنسبة 6.1 في المئة قياسا بالفترة المقابلة قبل عام لتصل إلى نحو 29.1 مليار دولار. 21.6 مساهمة الزراعة الصحراوية من مجمل الإنتاج الزراعي في الجزائر، وفق التقديرات وأدت الطفرة الزراعية إلى ارتفاع صادرات المنتجات بنسبة 12 في المئة، وبزيادة وصلت إلى 38.6 مليون دولار. وأوضح عماري أن الوزارة قررت رفع التجميد على الموارد المالية المخصصة لقطاع التنمية الريفية والمقدر بنحو مليوني دولار. ورغم طبيعة المناطق الصحراوية، التي تفتقد عادة إلى المياه، فقد كشف عماري أن عدة دراسات أثبتت وجود مخزون مائي هائل في الصحراء التونسية بسعة تدفق عالية. ويؤكد مختصون أن مياه الصحراء في الجزائر تتميز بأنها تساعد على إنتاج الخضار والفواكه بطريقة مبكرة وتساعد لاحقا على تصدير المنتوجات الزراعية قبل أوانها ولاسيما إلى أوروبا. ولم تكتف وزارة الفلاحة بذلك فحسب، بل اعتمدت محفزات لدعم قطاع تربية المواشي وخاصة الإبل والماعز في إطار سياسة الدعم، فضلا عن توفير العلف. وقال الوزير إن “من بين الإجراءات التحفيزية توفير التغطية الصحية للحيوانات من خلال تعزيز قدرات مصالح المراقبة وإنشاء المراكز البيطرية”. وتشير التقديرات الرسمية إلى أن نسبة مساهمة الزراعة الصحراوية في الإنتاج الإجمالي للقطاع تبلغ نحو 21.6 في المئة، أي ما يقارب 6.3 مليار دولار سنويا. وتقول السلطات إن خططها ستتيح توظيف الفرص التنموية التي توفرها المساحات الصحراوية الشاسعة، لإطلاق أنشطة زراعية جديدة وتوفير فرص عمل للآلاف من المواطنين وخاصة الشباب في بلد يتجاوز تعداد سكانه حاجز الـ41 مليون نسمة. وتأمل الجزائر، التي تمر بأزمة اقتصادية منذ خمس سنوات، في توسيع المساحة المزروعة في الصحراء لتصل إلى 700 هكتار بحلول 2035. وتواجه المالية العامة ضغوطا شديدة، حيث تم إلغاء مبادرات عديدة، لكن الحكومة تؤكد أن الإنفاق الزراعي الذي يقدر بملياري دولار سنويا لن ينخفض. وتخطط الحكومة لتوسعة المناطق التي تعتمد على مياه الري إلى مليوني هكتار، من 1.3 مليون هكتار من خلال سدود جديدة، وهو ما يساهم في تقليص اعتماد الأراضي الزراعية على مياه الأمطار نتيجة موجة الجفاف. وفي إطار جهودها لدعم القطاع، تعكف السلطات على تشييد 15 سدا جديدا تضاف إلى 80 سدا قائما لري أراض مزروعة بالحبوب ستغطي مساحة 600 ألف هكتار، ارتفاعا من 60 ألف هكتار فقط حاليا. ويشكك خبراء في جدوى السياسات الاقتصادية المعلنة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء رغم أن الحكومة بقيادة عبدالعزيز جراد تشدد على أنها ستكافح كل مظاهر البيروقراطية والفساد. ويختزل البعض أسباب المشكلة الغذائية بالبلاد في عوامل تتعلق بالاستراتيجيات الحكومية وعدم توفير استثمارات كافية في القطاعين الزراعي والصناعات الغذائية، فضلا عن قضية الاحتباس الحراري. وتعتبر الجزائر، عضو منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، بلدا مدمنا على النفط والغاز، إذ تمثل صادرات الطاقة نحو 60 في المئة من إيراداتها.

مشاركة :