أنقرة 28 فبراير 2020 (شينخوا) قال محللون أن التوترات بين تركيا وروسيا على الأرض السورية تصاعدت عقب مقتل 33 جنديا تركيا في غارة جوية أمس الخميس، في أفدح خسائر يتكبدها الجيش التركي منذ هجوم تعرض له من المتمردين الأكراد جنوب شرقي تركيا عام 1993. ورغم أن أنقرة تفادت اتهام موسكو بشأن الهجوم، إلا أن تلك الغارة الجوية دفعت تركيا، الدولة العضو بالناتو، إلى طلب الدعم العسكري من الغرب. وقال هاشم توركر، محلل بارز بمركز البوسفور لدراسات الهجرة، ومقره أنقرة، في مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) إنها "لحظة حاسمة في العلاقة التركية-الروسية ووضع خطير للغاية نظرا لطريقة وحجم الهجوم الذي أسفر عن مقتل الكثير من الجنود الأتراك". وأوضح توركر، ضابط سابق بالبحرية، أنه على يقين من أن روسيا، أكبر داعم لدمشق، هي الجهة التي تقف وراء الغارة الجوية على محافظة إدلب شمال غربي سوريا، معقل المتمردين الأخير الذي تحاول القوات السورية، المدعومة من روسيا، استعادة السيطرة عليه منذ ديسمبر الماضي. وتابع "هذا الهجوم أكد (عودة) تركيا إلى موضعها في الحلف الغربي التقليدي في إطار حرب باردة جديدة". لكنه أشار إلى أنه على الرغم من أنه ليس محتملا بالمرة أن يؤدي الحادث الأخير إلى نشوب حرب شاملة بين روسيا وتركيا، إلا أنه أعاد أنقرة مجددا إلى المحور الغربي. ونافيةً ضلوعها في الغارة الجوية السورية، قالت موسكو إن القوات التركية كانت موجودة "بين صفوف الإرهابيين" الذين استهدفتهم القوات الحكومية السورية. وردا على مطالبة المسؤولين الأتراك حلف الناتو، الذي تقوده الولايات المتحدة، بأن يتخذ إجراء في هذا الشأن، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن تشعر بقلق بالغ وإنها تساند "حليف الناتو، تركيا". وفي وقت سابق اليوم، عقد الناتو اجتماعا طارئا في بروكسل، ودعا بعده أمين عام الحلف ينس ستولتنبرج إلى تخفيف حدة التصعيد في سوريا، مؤكدا تضامن الحلف مع أنقرة. ومنذ بداية فبراير، قُتل أكثر من 50 جنديا تركيا في اشتباكات، ما دفع القوات التركية إلى الرد بهجمات شديدة على المواقع السورية. وقال مراد أصلان، محلل بمؤسسة الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في تقرير "في ضوء ما جرى... من المرجح أن تغير تركيا خارطة الطريق الخاصة بها في سوريا، وأن تصبح أكثر عدوانية تجاه القوات الحكومية السورية، الأمر الذي يعد خيارها الوحيد". وقال "هناك دائما احتمالية قائمة" بشأن حدوث مواجهة مباشرة بين القوات التركية والروسية. لكن أصلان لفت إلى أن الشراكة بين البلدين في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة، وهو التقارب الذي أثار استهجان الغرب، سيؤدي في النهاية إلى تخفيف حدة التصعيد العسكري. وجرت محادثة هاتفية اليوم بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن الوضع في إدلب، حسبما أفادت الصحافة التركية، ما يشير إلى إمكانية حدوث تهدئة. على الجانب الآخر، قالت وكالة ((إنترفاكس)) الروسية للأنباء إن الزعيمين قررا إعادة إطلاق محادثات ثنائية بشأن الأزمة، وهي المحادثات التي ثبت حتى الآن أنها لم تسفر عن نتيجة حاسمة، كما قررا السعي نحو ترتيب اجتماع رفيع المستوى في القريب العاجل. وبعد اجتماع أمني في أنقرة في أعقاب الغارة الجوية التي أودت بحياة الجنود الأتراك، قررت تركيا على نحو مباغت فتح الطريق أمام اللاجئين السوريين لدخول أوروبا، في خطوة تهدف إلى الضغط على الاتحاد الأوروبي لدعم العملية التركية في إدلب. وأظهرت مقطع مصور بثه التليفزيون التركي مئات المهاجرين السوريين- بعضهم كان يحمل أطفالا- وهم يتوجهون في الساعات المبكرة من صباح اليوم نحو النقاط الحدودية بين تركيا وكل من اليونان وبلغاريا. وأوضح توركر "سياسة الابتزاز (التركية) للاتحاد الأوروبي لن تحقق نتائج"، قائلا إنها يمكن أن تأتي بنتائج عكسية في وقت تحتاج فيه تركيا إلى الدعم من حلفائها في الغرب. /نهاية الخبر/
مشاركة :