أخفق وفدا الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة المنضوية تحت لواء «الجبهة الثورية»، في المفاوضات الجارية، بينهما بعاصمة جنوب السودان (جوبا) في الوصول إلى اتفاق بشأن تعيين ولاة مدنيين للولايات وتشكيل البرلمان الانتقالي، وهما آخر المؤسسات الانتقالية المنتظر تشكيلهما منذ شهور. وكان ينتظر تعيين الولاة وتشكيل البرلمان الانتقالي بعد 3 أشهر من انطلاق الفترة الانتقالية، لكن الجماعات المسلحة طلبت تأجيل الخطوة حتى يتم توقيع اتفاق سلام شامل ووقف الحرب، ومن ثم ضم بعض عناصرها في المناصب.وقال عضو مجلس السيادة، المتحدث باسم الوفد الحكومي المفاوض، محمد حسن التعايشي، إن الحكومة اتخذت قراراً بتعيين الولاة، دون انتظار التوقيع على اتفاق سلام نهائي مع «الجبهة الثورية». وأضاف في تصريحات لإذاعة أم درمان القومية أمس، أن «الفراغ الدستوري في حكومات الولايات يهدد الفترة الانتقالية، ما يستدعي التعجيل بتعيين ولاة مكلفين».وكشف التعايشي عن اتفاق بين قوى إعلان الحرية والتغيير ومجلسي الوزراء والسيادة على تمديد الفترة الانتقالية لاستيعاب عملية السلام.وقال التعايشي إن الوفد الحكومي فشل في التوافق مع الفصائل المسلحة المنضوية في تحالف (الجبهة الثورية)، على تعيين الولاة وتشكيل البرلمان الانتقالي. وأشار إلى وجود خلافات في مسار مفاوضات شرق السودان، وأرجعه إلى التعقيدات الاجتماعية في الإقليم، مؤكدا حرص الحكومة على أن يتم اتفاق شرق السودان من خلال مؤتمر يحقق المكاسب لكل مواطني الشرق.ومن جهة ثانية أكد مصدر سيادي، تعثر المفاوضات مع الحركات المسلحة، فيما يتعلق بالقضيتين، مشيراً إلى أن الحكومة حسمت الأمر وستشرع في تعيين الولاة فورا.وتواجه الحكومة الانتقالية، برئاسة، عبد الله حمدوك، ضغوطا سياسية وشعبية كثيفة، لإكمال مؤسسات السلطة الانتقالية. وتتمسك الحركات المسلحة بإعلان المبادئ الموقع مع الحكومة الانتقالية، الذي يقضي بإرجاء تعيين الولاة والمجلس التشريعي إلى حين الوصول إلى اتفاق سلام نهائي.وفي موازاة ذلك وصل إلى جوبا أمس عضو مجلس السيادة، شمس الدين كباشي، للانضمام لوفد الحكومة المفاوض.وأكد كباشي عقب لقائه رئيس حكومة جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، عزم الحكومة السودانية التوصل إلى اتفاق سلام شامل مع حركات الكفاح المسلح.ومن جهته قال عضو فريق الوساطة لمحادثات السلام السودانية، ضيو مطوك، إن الحوار مستمر بين وفدي الحكومة والحركة الشعبية بقيادة، عبد العزيز، حول علمانية الدولة وحق تقرير المصير لمنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. وأبدى تفاؤلا بحدوث اختراق كبير في هذه القضايا خلال الأيام المقبلة تؤدي إلى سلام عاجل وشامل في السودان.وأعلن عضو فريق الوساطة، استئناف جولات المفاوضات بين الحكومة والانتقالية والحركات المسلحة خلال الساعات المقبلة.وكان وفدا الحكومة وفصيل الحلو، توافقا على أكثر من 80 في المائة من ورقة إعلان المبادئ التي تقدمت بها الحركة الشعبية.ومن جانبه اعتبر المتحدث باسم حركة جيش تحرير، محمد حسن هارون، أي خطوة من الحكومة لتعيين الولاة قبل التوقيع على اتفاق سلام، خرقا لإعلان جوبا، وينسف كل ما تم الاتفاق عليه من قبل.وقال لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الاتجاه يؤكد عدم التزام الحكومة الانتقالية بالمواثيق والعهود، مجدداً في الوقت ذاته التزام الحركة بكل ما تم التوقيع عليه من اتفاقيات.وأشار إلى أن قوى إعلان الحرية والتغيير، المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية، تمارس ضغوطا مكثفة على وفد الحكومة لتجاوز الحركات المسلحة في إكمال مؤسسات السلطة الانتقالية.وأضاف أن تعيين الولاة المدنيين، قبل الوصول إلى السلام النهائي، هدفه تمكين بعض أحزاب قوى إعلان الحرية والتغيير في السلطة.وكانت الوساطة مددت إعلان جوبا لأسبوع لإتاحة الفرصة للتشاور بين قوى إعلان والحرية والتغيير والحركات المسلحة فيما يتعلق بمسارات عملية السلام.ومن جانبه قال القيادي بقوى إعلان الحرية والتغيير، أحمد حضرة، إن المشاورات مع الحركات المسلحة شهدت تقاربا كبيرا في كثير من القضايا.وأضاف «توافقنا على إعادة هيكلة مؤسسات السلطة الانتقالية ومشاركة الحركات في مجالس السيادة والوزراء والتشريعي».وأردف بالقول: «لا خيار أمامنا غير التعجيل بتعيين ولاة الولايات لما يواجهه المواطنون من أزمات معيشية وسياسية نتيجة لسيطرة منسوبي النظام المعزول على مؤسسات السلطة».وأضاف أن ملف تعيين الولاة المدنيين، يجد قبولا من بعض الفصائل داخل الجبهة الثورية وترفض مجموعات أخرى.وأشار إلى أن مرشحي الولايات 18 تم تسليمهم لرئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، قبل أسابيع.ومن جهة ثانية أكد اتفاق وفدي الحكومة والجبهة الثورية على تعديل المادة (70) في الوثيقة الدستورية، وإزالة أي تعارض، لتضمين اتفاق السلام النهائي في الوثيقة.ومن جهته قال القيادي بقوى (التغيير)، عادل خلف الله، إن هنالك إجماعا داخل قوى إعلان الحرية والتغيير على ضرورة تكليف ولاة مدنيين مؤقتين، لأن الأوضاع في الولايات لا تحتمل.وأضاف متى ما تم التوصل إلى اتفاق سلام، يتم استيعاب الحركات المسلحة في مؤسسات السلطة الانتقالية.وتشارك قوى إعلان الحرية والتغيير في مفاوضات جوبا بوفد يضم عددا من قيادات الكتل والأحزاب السياسية المكونة للتحالف.ووقعت الحكومة والحركات المسلحة في الجبهة الثورية على اتفاقيات حول عدد من القضايا، أبرزها ملف العدالة الانتقالية الذي قضى بمثول المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية.
مشاركة :