التأسيس المستقل لمهارات «العربية» ضرورة ملحة

  • 6/7/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تعتبر اللغة العربية في أي مجتمع من المجتمعات العربية والإسلامية من أهم الروابط بين أبنائها، فهي وسيلة التخاطب والتفاهم، والعمل، والبناء، والأدب، والسياسة، والعلم، والفن، والحضارة، واللغة العربية إحدى أهم الركائز التي تجمع بين أبناء الأمة العربية، فضلاً عن كونها لغة الدين والعبادة. ولا يخفى ما للغة العربية من أهمية عظمى، في كونها لغة القرآن الكريم والسنة المطهرة، وكونها جزءاً من ديننا، بل لا يمكن أن يقوم الإسلام إلا بها، ولا يصح أن يقرأ المسلم القرآن إلا بها، وقراءة القرآن ركن من أركان الصلاة، التي هي ركن من أركان الإسلام. كشف بعض الأساتذة المختصين باللغة العربية، وجود سلبيات كثيرة في دمج فروعها المتعددة في منهاج واحد، خصوصاً في المرحلة التأسيسة، وإلغاء الاستقلالية في عميلة التدريس لكل من هذه الفروع على حدة، ولأهمية كل منها لتعلم مهارات اللغة بشكل دقيق ومفصل. تأسيس متين قال اختصاصي اللغة العربية عدنان علي نزهة إن الاستقلالية في تعليم تطبيقات اللغة العربية (النحو والصرف، البلاغة، الإملاء والكتابة) ضروري جداً، خصوصاً في المرحلة الابتدائية، وهي المرحلة الأهم لتقوية الأساس للطلبة في تعلم مهاراتها. وأكد أن دمج تطبيقات العربية في مادة واحدة له دور كبير في عدم التركيز على مهاراتها المتعددة، مبيناً أن المرحلة الأساسية بشكل خاص يجب أن تدرس فروع اللغة بشكل منفرد وباستقلالية تامة، أما المرحلة الثانوية فلا ضير في توحيد مادة العربية بمنهاج واحد وتكاملي لكافة المهارات، من خلال كيفية تحليل النص الواحد أدبياً ونحوياً في حال كان هناك تأسيس متين في معرفة مهارات اللغة. وأشار إلى أن فروع العربية تتطلب تفصيلاً لمضامينها في المراحل الأولى من الحياة الدراسية للطلبة كل منها على حدة، ليكون الطالب على دراية متكاملة في المراحل الدراسية المتقدمة ويملك خلفية واسعة في كيفة تحليل النص والكتابة الأدبية السليمة. ومضات بسيطة نعاني ضعف الطلاب في الكتابة والإملاء في الحلقة الثانية (الإعدادية) بسبب عدم دراسة مهارات العربية وتطبيقاتها بشكل مستقل لكل منها في المرحلة الحلقة الأولى (الإبتدائي) بحسب المتخصص في هذا المجال طلال عبد العزيز. وقال: ضياع قواعد العربية في طريقة التعليم التكاملي الذي يتبع نظام المنهاج الواحد سبب فارقاً كبيراً في تعلم اللغة الأم، وتقديم كافة التطبيقات بطريقة غير مفصلة لتلك المهارات التي يجب أن تقدم بشكل مستقل لطلبة الحلقتين الأولى والثانية، ليكونوا على معرفة تامة بها فيما بعد ذلك. وأضاف: منهاج العربية الذي يدرس الآن يقدم ومضات بسيطة فقط، عن مهاراتها كالنحو والصرف والإملاء من خلال شرح النص الواحد، وهو الذي يعتبر المحور الاساسي - أي النص - لدراستها في تحليله وشرح مضامينه الأدبية والنحوية والبلاغية، مشيراً إلى أنه يجب أنه تفصل تلك المهارات في البداية لإستيعاب الطالب قواعد اللغة السليمة والفائدة منها في البلاغة قبل تطبيقها على النصوص. وبين عبدالعزيز أن منهاج العربية الذي يعتمد على النظام التكاملي في تقديم المهارات بمادة واحدة تعتمد على اجتهاد الطالب نفسه في تعزيز قدرته للتعرف إلى تفاصل التطبيقات اللغوية وبلاغتها. واشترط ضياء الدين معلم اللغة العربية ألا تطغى مهارة على أخرى أو فرع من فروع اللغة على آخر في تعليم لغة الضاد من خلال المنهج التكاملي الواحد لمادة العربية للسير في النهج الصحيح، مبيناً أن المنهج يأخذ طريقة تحليل النص الواحد من جوانب مهارات اللغة وقواعدها كافة. وأشار إلى أن تدريس مهارات العربية على نظام مشروع تمعن والذي يسلط الضوء على التقويم المستمر عبر النصوص يكون إيجابياً وتجنى ثماره في الحلقة الثالثة من سلسلة التعليم في حال التأسيس السليم لذلك في الحلقات الأولى، مؤكداً أنه يجب أن تتبع هذه الحلقة تدريس مناهج العربية بطريقة مستقلة لفروعها للفصل بين مهارات اللغة وتمحيصها ومعرفة كافة جوانبها، بحيث لا تطغى كل واحدة على الأخرى، وبذلك تذوب تلك الفروقات في الحلقة الثانية (الإعدادية) وتتلاشى كلياً في الحلقة الثالثة (الثانوية) ليكون الطالب حينها قادراً على كيفية تحليل النص وشرحه أدبياً ونحوياً بحسب قواعد اللغة بشكلها السليم، لنتبع بذلك النظام التكاملي وننفذ مشروع تمعن التعليمي بكل جدية وتعاون ما بين الطالب والمعلم. من جانبها، قالت الدكتورة هدى الطنيجي المختصة باللغة العربية، هناك سجال دائم في تعليم اللغات بين تسليط الضوء على المعارف أو المهارات، ومازال تعليم اللغات موضع تنازع بين التربويين واللغويين، ففي حين يسعى التربويون لتطوير مناهج التعليم وطرائقه ويهتمون بمهارات اللغة، يتشبّث اللغويون بالمضمون اللغوي والكفاءة المعرفية. وأضافت: تتفاوت الإجابات دائماً في الطريقة المثلى لتعليم اللغات أو في أهمية محتوى من الآخر، وتخضع المدارس لنظريات واتجاهات مختلفة، حيث لا يوجد طريقة سحرية، ولا قول فصل في تعليم اللغات، فالرأي الأمثل يخضع للتجربة، وحاجات العصر وتطوّراته، وأحوال المعلمين والمتعلمين، لكنّه أيضاً يجب أن يستند إلى مبررات علمية، وأن يخضع للفحص والقياس. وتتابع: قد نختلف حول تعليم العربية بطريقة الموضوع أو الوحدة، أو بالاستقراء أو الاستنباط، وقد نختلف في الأولويات، لا أعتقد بوجود طريقة مثلى، لأن هناك طرائق مختلفة، قد تتناسب مع بعض الطلاب ولا تتناسب مع بعضهم الآخر. وكذلك طرق ينجح بها معلم، ولا ينجح زميل له. وأوضحت أن العملية التعليمية هي عملية متعددة الأبعاد من حيث، المعلم، الطالب، الكتاب، البيئة التعليمية، وسائل القياس، وغيرها، والمشكلة في كثير من الأحيان تكمن في التركيز على الكتاب التعليمي، أو البيئة الصفية، مع إهمال الأبعاد الأخرى. وتتساءل الطنيجي عن أهمية تطوير أي خطة تعليمية إذا استُبعد منها المعلّم أو الطالب مثلاً؟ فحين تُطوّر كتب التعليم، بمعزل عن المعلم، ولا يتجاوز دور المعلم إتباع إرشادات تدريس الكتاب المدرسي، من دون أن يكون واعياً بالمنهج المتبع أو مقتنعاً به، فأي إبداع أو مردود نتوقعه منه، وحين يدرس الطالب من دون أن يُعرّف بأهمية ما يدرس، وما الهدف منه، وما المتوقع تحصيله، فهو كالذي يجري في سباق لا يعرف أين الهدف فيه. واستطردت الطنيجي: قد أتفهّم أن يتعلم المرء لغات أخرى - غير لغته الأم - بالممارسة من دون أن يدرسها، لأن علاقة المرء بأي لغة غير لغته الأم هي علاقة حادثة مرتبطة بالحاجة أو المتعة، أما اللغة الأم فهي هويته، لها جذور تمتد إلى تاريخ الإنسان وثقافته، كما أن ثمة جانباً معرفياً في اللغة لا يمكن التفريط فيه، على نحو ما هو موجود في العلوم الأخرى. وتعود الطنيجي للتساؤل: لماذا يُفرّط في الجانب المعرفي من اللغة بحجج لا مبرّر لها إلا محاولة ستر اعوجاج في العملية التعليمية تخطيطاً أو تطبيقاً؟ وإذا كان من مشكلات أو تعقيدات في موضوعات اللغة، مثل صرفها ونحوها، فذلك أدعى أن يُعتنى بها بحثاً وتطويراً بما يتوافق مع حاجة أبناء اللغة والعصر، لا أن تحجب أو يسدل عليها الستار. إن دراسة نظام اللغة العربية، يخلق وعياً عند ابن اللغة بهذا النظام، فيزيد إدراكه لجمالها واستخدامها، لاسيما وأن غياب العربية الفصحى عن الاستعمال اليومي، وتضاؤلها في وسائل الإعلام، والتعليم والعمل، يفوّت على ابن اللغة فرصة الممارسة ويقلّص مساحة اللغة في وعيه.

مشاركة :