تحليل إخباري: التصعيد العسكري الأخير جنوب العاصمة الليبية يكشف هشاشة الهدنة

  • 3/2/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

طرابلس أول مارس 2020 (شينخوا) كشف التصعيد العسكري الأخير جنوب العاصمة الليبية طرابلس، حجم ومستوى هشاشة الهدنة التي قبلها طرفا النزاع في يناير الماضي، والتي بالرغم من صمودها طوال هذه الفترة، إلا أن الهجوم على العزيزية أعلن بشكل واضح عدم جدوى الهدنة أو أهميتها. قوات "الجيش الوطني" بقيادة المشير خليفة حفتر شنت أمس السبت، هجوما واسعا على مدينة العزيزية (40 كلم) جنوب العاصمة وتقع تحت سيطرة قوات حكومة الوفاق، واستمر الهجوم الذي استخدمت به جميع الأسلحة الثقيلة وطائرات بدون طيار، حتى ساعات الصباح الأولى اليوم، وأسفر عن مقتل وإصابة العشرات في صفوف الطرفين، وانتهى بصد قوات الوفاق الهجوم. يرى العميد أحمد الحسناوي، وهو عسكري متقاعد، أن الهجوم على العزيزية، أوضح بدون شك أن الهدنة بين طرفي النزاع لا قيمة لها أو معنى، وأمر يؤكد صعوبة تطبيقها بنجاح على أرض الميدان. وأوضح الحسناوي، في تصريحه لوكالة أنباء (شينخوا) اليوم (الأحد)، "شن قوات الجيش هجوما واسعا على مدينة العزيزية، المنطقة الاستراتيجية التي تربط العاصمة طرابلس بمدن الجبل وبقت قصير عبر طريق معبد، كان بهدف السيطرة عليها كونه يمثل مكسبا كبيرا من الناحية العسكرية". وتابع "الشراسة من قبل قوات الوفاق أظهرت أهمية العزيزية بالنسبة لها، لأنها خسارتها ستقطع خط إمداد مهم لقواتها في الجبل، وبالتالي لا ينبغي التفريط فيها بأي ثمن". وحول أسباب الهجوم وتوقيته، أشار الحسناوي "قوات الجيش حاولت خلق عنصر المفاجأة وإحراز نصر بكسب جزء كبير من المواقع جنوب طرابلس، خاصة وأن المشير حفتر ألمح على الرغم من التزامه بالهدنة، بأن المعارك لن تتوقف حتى يسيطر الجيش على طرابلس". وجاءت الهدنة ضمن وقف إطلاق النار المؤقت في الـ 12 من يناير الماضي، تلبية لدعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، ودعوتهما إلى وقف إطلاق النار، إلى جانب تحقيق تسوية سياسية شاملة في ليبيا والعودة إلى الحوار. أما فرج التكبالي، المحلل السياسي، فيرى في حديثه لـ(شينخوا)، أن "الهدنة بين قوات حفتر والسراج، لا تمثل هدنة حقيقية، بل هي فقط ضغوط دولية تفرضها الدول المتورطة في الشأن الداخلي، لمنح فرصة أخيرة للمجتمع الدولي لإمكانية تنفيذ حل سياسي شامل للأزمة في ليبيا". ومضى في حديثه "الهدنة عادة وفي أي بؤرة للصراع العسكري، تكون لها شكل عام وثوابت رئيسية، تلزم الطرفين بالوقت المؤقت لأي عمليات وتحركات مسلحة، إفساحا للمجال أم الساسة لتطويرها إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار(...)، في ليبيا في أي وقت تتبادل المدفعية القصف والأسلحة الثقيلة تخرق الهدوء الذي يخيم على طرابلس في بعض الأيام". وختم قائلا "ما يحتاجه أي وقف إطلاق النار في ليبيا، هو فرق مراقبة من دول إقليمية أو دولية، تفصل بين المتنازعين جنوب طرابلس، وتحدد خطوط واضحة يعاقب أمميا أي طرف في حال خرقها ولم يلتزم بها". بدروه، أكد ميلود الحاج، الأستاذ الجامعي، في تصريح لـ(شينخوا)، أن "الهدنة الهشة" تسببت في حرج دولي كبير، وجعلت الوضع الليبي من الصعب التكهن في مستقبله. ومضى قائلا "لقد حاول المجتمع الدولي بطلبة من الدول الداعمة لطرفي الصراع، بأن تكبح جماح آلتهما العسكرية، ونجح الأمر إلى حد ما، لكن مع فشل التقدم في المحادثات العسكرية في جنيف، والبطء في وضع خارطة طريق شاملة لوقف إطلاق نار دائم، تشعر الأطراف الدولية الداعمة سواء لحفتر أو السراج، أن الحل السياسي مضيعة وقت ولا سبيل إلا الحرب". وتجرى بضيافة جنيف، اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر برلين الأخير حول ليبيا، بعد اختيار خمسة عسكريين من قوات حفتر وخمسة من قوات حكومة الوفاق، للاتفاق على تثبيت وقف إطلاق النار في طرابلس خاصة وعموم ليبيا. ويشكل عمل اللجنة العسكرية أحد المسارات الثلاث التي تعمل عليها الأمم المتحدة إلى جانب المسارين الاقتصادي والسياسي، استناداً إلى قرار مجلس الأمن (2510) للعام 2020، الداعي إلى التوصل إلى اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار. ولم يبد الأستاذ الجامعي، أي حماسة أو تفاؤل اتجاه اجتماعات جنيف العسكرية، قائلا "لقد اجتمع ممثلو حفتر والسراج لسنوات، ولعل اجتماعات القاهرة الخاصة بتوحيد الجيش الوطني الليبي خير دليل، بعد فشلها في التوصل إلى اتفاق لتوحيد المؤسسة العسكرية، نظرا للفجوة الواسعة بين مواقف الطرفين، وارتهان كل طرف إلى دول بعينها تجعله يشعر بانه قادر على الحسم لصالحه". وطالبت الأمم المتحدة ودول غربية، التزام الأطراف المتصارعة في ليبيا، بالهدنة المعلنة في غرب البلاد، وإفساح المجال أمام البعثة الأممية لاستكمال عملية الحوار وتطبيق مخرجات مؤتمر برلين الأخير. ويقترب هجوم قوات حفتر للسيطرة على طرابلس مقر حكومة الوفاق من إنهاء عامه الأول. وتسببت المعارك منذ اندلاعها في ابريل الماضي، بمقتل 1093 شخصا وإصابة نحو 6 آلاف آخرين، إضافة إلى نزوح قرابة 120 ألف شخص من مواقع الاشتباكات، بحسب الأمم المتحدة. ومنذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في العام 2011، تعاني ليبيا من فوضى أمنية وصراع على السلطة بين حكومة في طرابلس تحظى بدعم المجتمع الدولي، وأخرى في الشرق غير معترف بها يدعمها مجلس النواب وقوات "الجيش الوطني".

مشاركة :