بعد أن فتح طارق بن زياد شبه الجزيرة الأيبيرية وبدأت حملات الهجرة من شمال أفريقيا إلى الأراضي الغربية الجديدة في تزايد، لتكون مجتمعا أندلسيا مخضرما بالأعراق والأديان، ليكون فخرا للتاريخ الإسلامي والحضارات المتتالية من بعده. وبفضل الله امتد هذا التوسع عرضيا وأفقيا، ليصل بكلمة لا إله إلا الله إلى ارتفاع جبال طليطلة، مزيج من قحطانيين وعدنانيين وبرابرة وأمازيغيين جمعتهم كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله هاجروا من المشرق إلى المغرب الأوروبي، حاملين معهم كبرياء فتوحاتهم وانتصاراتهم ليشكلوا دولة إسلامية مقرها قرطبة. أمم ودول وتاريخ من المجد كتبت عنه الأقلام الإسبانية ودونه التاريخ، ولكنه اليوم أصبح غلافا لكتاب يسمى الحضارة الأندلسية. تساؤلات تتكرر اليوم عن مجد لم يبق منه سوى كلمة: لا غالب إلا الله، ثم تعاود التساؤلات مرة أخرى لتلوم نفسها عن أسباب سقوط هذا المجد المفاجئ، فتارة تنسبه إلى ضعف الوازع الديني، وتارة تنسبه إلى اللهو بشهوات الدنيا وملذاتها، ولكن ما دونته الكتب الأسبانية وكشفت عنه بين سطورها هو أن المفتاح الذي استخدمه الغرب لتضعيف شوكة المسلمين هو دس التعصب بينهم، وأن ذلك السر هو أساس تفريق وحدتهم، فبعد أن كانت كلمة لا إله إلا الله تجمع صفوفهم، أصبحوا يصنفون أنفسهم فيما بينهم إلى ألوان وأعراق، وكانت القبيلة والطائفية هي مفتاح تشتيت وحدتهم. نعم فنحن ما زلنا إلى اليوم نتناقش عن أصل طارق بن زياد إن كان عربيا أم بربريا أم فارسيا. تعصب انتشر بين المسلمين أدى إلى تشتت، وتشتت أدى إلى الزوال تلك هي نهاية القصة بل بدايتها. فتصنيف البشر إلى فئات هو ما يكون المجتمعات، وهو أيضا العامل الأساسي إلى تفريق وحدتهم. كل صور التعصب يمكن تجاهلها إلا التعصب الطائفي الذي نمر فيه اليوم، والذي يعود بنا من مجد الحضارات إلى عصر الجاهلية من جديد. قتل وهمجية، وفي نهاية المطاف تنسب إسلامية. تنظيما وليس دينا، أفكارا وليس اعتقادات، تلك الحفرة التي سقطنا بها مرة، وسنسقط فيها كل مرة، حتى نعلم بأن ديننا دين المساواة، وأن كلمة لا إله إلا الله هي ما تجمعنا وتوحد صفوفنا. باحثة في تراث العمران الإسلامي ــ مدريد
مشاركة :