متابعة - صفاء العبد :
كما هو الحال في كل المجالات الأخرى، دخلت كرةُ القدم في صراع حقيقي مع فيروس كورونا الذي بات يهدّد كل البطولات والمسابقات، سواء على مستوى الأندية أو المُنتخبات، وفي كل مكان بحيث تناثرت مواعيد العديد من المباريات لتتناثر معها برامج الإعداد أيضًا وبطريقة تبدو وكأنها تشكّل سابقة لم تشهدها اللعبة من قبل.
ومع أن الأمر لم يتوقف عند حدود جغرافيا معينة بسبب اتساع رقعة انتشار هذا الفيروس في مختلف أنحاء العالم إلا أننا نركّز هنا على هذا الذي يحدث في آسيا التي تشهد اليوم ارتباكًا واضحًا على مُستوى بطولاتها الكُروية، وفي مقدمة ذلك دوري أبطال آسيا الذي بات مهددًا فعلًا بحكم مسلسل التأجيل الذي يطال مبارياته بدءًا من الجزء الذي يخص أندية شرق القارة التي تبدو وكأنها الأقرب إلى بؤرة الفيروس وَفقًا للأرقام والمؤشرات التي تتحدث عن أعداد كبيرة من الإصابات والوفيات في الصين والمناطق القريبة منها.
الوضع الاستثنائي هذا كان قد فرض على الاتحاد الآسيويّ لكرة القدم عقد سلسلة من الاجتماعات بمُختلف لجانه بحثًا عن السبل المُمكنة لمُجابهة ما يحدث على أرض الواقع، غير أن كلّ الحلول والمعالجات تبقى وكأنها قابلة للتغيير أيضًا وَفقًا لطبيعة الظرف الصعب الحافل بالتحديات.. وليس من شك في أنّ مثل هذا الحال سينعكس سلبًا على الكثير من التفاصيل الفنية سواء بالنسبة إلى الأندية التي تُشارك في بطولات الاتحاد القاري، دوري الأبطال وكأس الاتحاد الآسيوي، أو على مُستوى المُنتخبات التي تنتظرها مبارياتٌ مهمة في التصفيات الآسيوية لبطولتَي كأس العالم 2022 وكأس آسيا 2023.
ففي إطار التفاصيل الفنية هذه نجد أنّ الجانب النفسي سيكون له أثره الفاعل والمهم على طبيعة استعدادات الفرق أو المنتخبات، إذ ليس من السهل طبعًا أن نطالب اللاعبين بتقديم أفضل ما لديهم في مباريات تجري في أجواء غير طبيعية بل ومهددة لحياة الإنسان في بعض الأحيان.. وكذا الحال مع المُنتخبات التي يمكن أن تُواجه منتخبات أخرى قادمة من بلدان يتفشّى فيها هذا الفيروس بطريقة مثيرة للقلق.
ولهذا السبب سيكون من الضرورة بمكان أن يُؤخذ الأمر بالكثير من الاهتمام من قبل الاتحاد الآسيوي ما دام شعار الجميع هو صحة الإنسان قبل كل شيء.. وهنا يصبح منطقيًا جدًا أن يصار إلى تأجيل بعض المباريات أو ربما الكثير منها، لا سيما أن حتى الاستعدادات من خلال الوحدات التدريبية يمكن أن تتأثر سلبًا في برامج إعداد هذه الفرق في العديد من بلدان القارة، كما هو الحال أيضًا مع المنتخبات الوطنية التي لم تعد تعرف بالضبط إن كانت ستخوض هذه المباراة أو تلك أم لن تخوضها ما دام الأمر يرتبط بالظروف التي يمكن أن تتغير نحو السلب لا سمح الله أو نحو الإيجاب بإذن الله.
وتأسيسًا على هذا الواقع الاستثنائي غير المسبوق نرى أنه ليس أمام الجميع غير القَبول بالمعالجات الآنية التي يمكن أن يتخذها الاتحاد الآسيوي ولجانه العاملة والتي يُصار من خلالها إلى محاولة احتواء أو مواجهة هذا الظرف الصعب بمواقف جماعية وقرارات ربما تكون قاسية بعض الشيء على واقع اللعبة وبطولاتها، ولكنها مطلوبة جدًا في الوقت الراهن على أقل تقدير.
علميًا هناك من يتحدث عن إمكانية انزواء هذا الفيروس أو تراجعه في الأيام القليلة المقبلة بحكم تصاعد درجات الحرارة مع اقتراب فصل الصيف، وعند ذاك يمكن أن تتراجع كل القرارات الصعبة لتعود الأمور إلى نصابها إن شاء الله، أما في حالات أخرى فسيكون علينا أن نقبل ليس بتأجيل هذه المباراة أو تلك، وإنما حتى بتأجيل أو إلغاء بطولات هذا الموسم على مُستوى الأندية، وتحديد مواعيد أخرى للتصفيات القارية بالنسبة إلى المنتخبات، أو أن يصار إلى إقامتها بنظام التجمع في أماكن آمنة، وفي ذلك يكمن الحل الأمثل في الوقت الحاضر على أقل تقدير.
في كل الأحوال نقول إن صحة الجميع، من جمهور ولاعبين وإداريين، هو ما يهمنا في المقام الأول، وهو ما يجب أن يكون شعار المرحلة الصعبة هذه التي لابد أن نتكاتف جميعًا في مواجهتها، ليس في آسيا فقط بل وفي كل مكان، لا سيما أن المؤشرات تذهب إلى أن الأوضاع تزداد صعوبة في أوروبا أيضًا، بحيث بات الصوت يعلو في إيطاليا مثلًا لتأجيل مباريات الكالتشيو، أو إلغائها، وهو أمرٌ يمكن أن يحدث فعلًا ليس في إيطاليا فقط وإنما في دول أخرى إذا ما تصاعدت خطورة تفشّي هذا الفيروس اللعين الذي نأمل في أن نرى نهايته بأسرع وقت مُمكن بإذن الله.