تريليون دولار من الإنتاج الضائع عالميا بسبب وباء كورونا الصيني«من المتوقع أن تنخفض صادرات اليابان إلى الصين بنسبة 7 ٪ في هذا الربع من العام، مقارنة بالربع السابق» تارو سايتو- الخبير الاقتصادي بمعهد أبحاث إن إل آي في المرة الأخيرة التي اجتاح فيها فيروس سارس القاتل الصين عام 2003، ظهر الاقتصاد العالمي معافى نسبيا. والآن، بعد ما يقرب من عقدين من الزمن، تهدد آثار فيروس كورونا المثبطة للنمو بحدوث ارتعاش في الاقتصاد العالمي، الذي يشهد تحولات كبيرة بسبب مرض الصين.وتلقي تأثيرات الفيروس بظلالها على الاستهلاك الصيني، ونمو الطاقة الإنتاجية من آسيا إلى أمريكا الشمالية وأوروبا وخارجها، كما يتم ربط المصنعين في جميع أنحاء العالم بالصين، من خلال سلاسل التوريد العالمية، التي تعتمد على مصانع الصين في الحصول على العديد من السلع الوسيطة والنهائية الصنع.وبسبب المخاوف من انتشار العدوى يبقى العمال الصينيون في منازلهم، ما تسبب في انخفاض الإنتاج.وفي الولايات المتحدة، حذرت شركة جنرال موتورز من أن نقص الأجزاء المصنوعة في الصين قد يؤدي إلى إبطاء خطوط التجميع في مصانع السيارات الرياضية في ميشيغان وتكساس، وقالت الشركة إنها تعمل على تخفيف المخاطر. وتتكرر الشكوى نفسها في العديد من المصانع والشركات الأخرى، حتى في الأماكن التي قد تبدو بعيدة تماما عن الصين.ويقول مصطفيز أودين Mostafiz Uddin، وهو صاحب مصنع للسراويل الجينز في مدينة شيتاجونج بجنوب شرق بنجلاديش، إنه غير قادر على الوفاء بطلبية قدرها 100 ألف من سراويل الجينز لأنه لا يستطيع الحصول على النسيج، الذي يحتاجه من الصين. وقال: «أنا فقط أنتظر.. ليس لدينا خيار آخر».وبعد مرور شهر على الوباء الذي أجبر المصانع على مد عطلة رأس السنة القمرية المعتادة - حفنة قليلة فقط من المصانع أعيد فتحها- حذر المسؤولون والاقتصاديون من أن الإغلاق الصيني المطول قد يشل الصناعات التحويلية عالميا، ويكلف العالم ما يصل إلى 1 تريليون دولار من الإنتاج الضائع.وقال الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن Moon Jae-in مؤخرا: «الوضع الحالي أكثر خطورة مما كنا نظن.. نحتاج إلى اتخاذ خطوات طارئة في هذا الوقت الحرج».وقامت شركة هيونداي موتور Hyundai Motor، بعد إغلاق بعض مصانعها الصينية هذا الشهر، بتعليق أحد خطوط التجميع الرئيسية في أولسان، وهي مدينة كبيرة في كوريا الجنوبية، لأنها لا تستطيع الحصول على قطع غيار من الصين.وأعطت شركة الخطوط الجوية الآسيوية Asiana Airlines، ثاني أكبر شركة طيران في كوريا الجنوبية، موظفيها البالغ عددهم 10500 شخص إجازة غير مدفوعة مدتها 10 أيام على فترات متقطعة.أيضا أوقف كبار مصنعي الإلكترونيات الرئيسية التي تعتمد على الأجزاء الصينية الإنتاج بسبب تفشي المرض. والبعض الآخر يفكر في نقل أعماله. وحسبما يقول تارو سايتو Taro Saito الخبير الاقتصادي بمعهد أبحاث إن إل آي NLI، فمن المتوقع أن تنخفض صادرات اليابان إلى الصين بنسبة 7 ٪ في هذا الربع من العام، مقارنة بالربع السابق.وقالت شركة ألعاب الفيديو نينتندو Nintendo العملاقة هذا الشهر، إن بعض شحنات وحدة التحكم في الألعاب الرائدة تأخرت، لأنها لا تستطيع الحصول على قطع غيار من المصانع الصينية.على الجانب الآخر، تعاني الصين والولايات المتحدة منذ عامين من التوترات التجارية، وزاد الأمر سوءا تأثير فيروس كورونا الجديد، الذي أودى بحياة أكثر من ألفي شخص في الصين، وقد يزداد الأمر سوءا.ويقول بعض الاقتصاديين إن الدول الأكثر اعتمادا على الصين يمكن أن تصاب بتقلص في ناتجها المحلي الإجمالي بأكثر من نصف نقطة مئوية هذا العام.وتمثل الصين الآن ما يقرب من ثلث نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بارتفاع من حوالي 3 ٪ في عام 2000. وبين عامي 2000 و2017، تضاعف التأثير الاقتصادي الصيني على العالم ثلاث مرات، وفقا لتقديرات معهد ماكينزي العالمي، وهذا الاعتماد المتزايد على الصين يثقل كاهل آسيا.وحسبما ذكر البنك الدولي، ففي عام 2000، شكلت الصين 1.2 ٪ فقط من إجمالي التجارة العالمية، وتضاعف نصيبها بسرعة كبيرة ليصل إلى ثلث إجمالي التجارة العالمية في عام 2018.أما على الصعيد القاري، فارتفع نصيب الصين من الناتج الإجمالي الآسيوي من ٪16 إلى 41 ٪ خلال الفترة بين عام 2000 و2018. لذلك فتأثير التراجع الاقتصادي الصيني بات محسوسا في كل مكان.وقالت شركة أبل Apple إنها لن تفي بتوقعات الإيرادات للربع الأول، لأن الوباء يتسبب في غلق مصانعها في الصين. وفي أوروبا، يعد مشغلو سفن الحاويات تحذيرات بشأن الأرباح، حيث تم إلغاء عشرات الرحلات خارج الصين.ويعد وقف الولايات المتحدة للزائرين من الصين بمثابة ضربة للفنادق وتجار التجزئة الذين يعتمدون على إنفاقهم.أيضا فالاقتصادات الآسيوية التي نما اعتمادها على الزوار الصينيين والتجارة آخذة في التراجع، حيث خفضت سنغافورة الأسبوع الماضي توقعاتها للناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي 0.5 ٪، بانخفاض من 1.5 ٪. وتقدر تايلاند أن الوافدين من السياح قد ينخفضون بنسبة 13 ٪ هذا العام مع تراجع السياح الصينيين.وأظهرت بيانات رسمية أن الصادرات في فيتنام، وهي اقتصاد صغير يعتمد بدرجة كبيرة على سلاسل التوريد الصينية، انخفضت بنسبة 17.4 ٪ في شهر يناير الماضي إلى ثاني أدنى مستوى لها منذ بدء الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وانخفضت الواردات بنسبة 13.7 ٪، بسبب تراجع الواردات من الصين بنسبة 16 ٪.وفي العديد من القطاعات الصناعية بداية من الصلب ووصولا إلى الأثاث، كانت فيتنام تعتمد في جزء كبير من اقتصادها على استيراد المواد نصف المصنعة من الصين، ثم تصدير المنتجات النهائية إلى الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة.وصرحت غرفة التجارة الأمريكية في فيتنام مؤخرا بأن أكثر من 50 ٪ من الشركات المصنعة تواجه صعوبة في الحصول على إمدادات، بسبب تأثير فيروس كورونا.ولم تنج أستراليا، التي يبلغ اقتصادها ستة أضعاف اقتصاد فيتنام، هي الأخرى من تأثيرات كورونا.وقبل عقدين من الزمان، كانت الصين بالنسبة لأستراليا بمثابة شريك تجاري هامشي نسبيا لا تقارن مع دول مصدرة أخرى، مثل: الولايات المتحدة واليابان وكوريا كوجهات تصدير، ولكن مع استثمار بكين على نطاق واسع في الصناعة، سحبت الشهية الصينية المفتوحة شحنات أسترالية أكبر بكثير من خام الحديد والفحم متفوقة على منافسيها في البلاد القارية. وفي العام الماضي وحده، شكلت الصين ما يقرب من 40 ٪ من صادرات أستراليا.وقالت شركة بي إتش بي بيليتون المحدودة BHP Billiton Ltd. الأسترالية، وهي أكبر شركة مناجم في العالم، إنها تتوقع تراجع توقعاتها لنمو الطلب على السلع إذا لم يتم احتواء وباء كورونا، بحلول نهاية شهر مارس الحالي.وفي سياق متصل، امتد الانكماش إلى الصناعات الثانوية، حيث خفضت شركة وايز تك العالمية المحدودة WiseTech Global Ltd.، ومقرها سيدني، والتي توفر برامج قائمة على الحوسبة السحابية لتتبع المنتجات، توقعات أرباح عام 2020 مؤخرا. مؤكدة، أن الإغلاق الصيني أجبر الشركة على تأخير ميزات المنتج الجديدة التي كانت تأمل من خلاله في رفع الإيرادات. وقال ريتشارد وايت Richard White، الرئيس التنفيذي للشركة: «هذه المأساة تحدث مرة واحدة في العمر كله».* ساهم تيموثي دبليو مارتن، وستيوارت كوندي، وميجومي فوجيكاوا في هذا المقال.
مشاركة :