سجلت إيران أكبر عدد من الوفيات بسبب فيروس كورونا المستجد خارج الصين، وتكافح الآن لاحتواء المرض. هذا يثير مخاوف من أن ينتشر المرض في الدول المجاورة، من شأنها أن تجعل مكافحة المرض المميت أكثر صعوبة. كم عدد الحالات المؤكدة في إيران؟ ثبتت إصابة ما لا يقل عن 139 شخصا في إيران بفيروس كورونا المستجد حتى الآن، بما في ذلك نائب وزير الصحة في البلاد الذي تم تصويره وهو يتعرق بشدة، ويمسح وجهه مرارا وتكرارا في مؤتمر صحافي حول فيروس كورونا المستجد يوم الإثنين الماضي. من بين تلك الحالات، توفي 19 شخصا في الأسبوع الماضي، وذلك وفقا للأرقام الرسمية. تم تتبع الحالات الأولى إلى مدينة قم المقدسة، على بعد 140 كم جنوب طهران وموطن 1.2 مليون نسمة. تستقبل مدينة قم المسافرين من رجال الأعمال والزوار من جميع أنحاء العالم، وتضم أكبر عدد من طلاب رجال الدين الشيعة في العالم. يعتقد أن بضع مئات من أولئك الطلاب مواطنون صينيون. لم تحدد السلطات الإيرانية بعد هوية المريض الذي جلب فيروس كورونا المستجد أول مرة إلى إيران. منذ الحالات الأولى في مدينة قم، تم اكتشاف فيروس كورونا المستجد الآن في 19 محافظة من أصل 31 محافظة في إيران، بما في ذلك المناطق التي يعيش فيها معظم سكان البلاد البالغ عددهم 80 مليون نسمة. هل يمكن الوثوق بتلك الأرقام؟ بعد أسابيع من نفي تشخيص إصابة أي إيراني بفيروس كورونا، أكد مسؤولو وزارة الصحة أنه ثبتت إصابة شخصين بفيروس كورونا المستجد Covid-19 في مدينة قم يوم الأربعاء الماضي. في وقت لاحق من اليوم نفسه، أكد المسؤولون وفاتهما. الوقت القصير بين تأكيد الإصابة والوفيات أثار حيرة كثيرين في إيران، وأثار الشكوك العامة بأن المسؤولين أخفوا عن عمد وجود الفيروس لبضعة أسابيع. جاء تفشي المرض في الوقت الذي كانت فيه ثقة الجمهور بالنظام في أدنى مستوياتها، بعد أن إسقاط طائرة ركاب أوكرانية في كانون الثاني (يناير) الماضي، ما أسفر عن مقتل جميع الأشخاص الـ176 الذين كانوا على متن الطائرة، بما في ذلك كثير من الإيرانيين، وحاولت طهران التستر على الحادثة. تنفي وزارة الصحة بشكل قاطع أنها أخفت حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد Covid-19، وتصر على أن صحة الناس هي أولويتها القصوى. أحد أعضاء البرلمان من مدينة قم ادعى أن ما لا يقل عن 50 شخصا لقوا حتفهم في المدينة وحدها، ما أثار تحقيقا من أعلى هيئة أمنية في إيران، وهي المجلس الأعلى للأمن القومي. هل تستطيع إيران احتواء الوباء؟ لدى إيران قطاع صحي يستقطب عادة الذين يبحثون عن العلاج الطبي. منذ الثورة في عام 1979، امتدت الخدمات الطبية لتشمل حتى القرى النائية. لديها أيضا تجربة حديثة في السيطرة على تفشي المرض. تزعم أنها نجحت العام الماضي في منع انتشار مرض إنفلونزا من النوع ب، وفقا لمسؤولي الصحة، بعد أن قتل أكثر من 100 شخص. قدرتها على احتواء فيروس كورونا المستجد Covid-19 أقل تأكيدا. تكافح إيران في ظل التأثير الاقتصادي للعقوبات الأمريكية، ويشعر الإيرانيون بقلق متزايد من أن القيود ستؤدي إلى نقص الإمدادات الطبية الحيوية. منحت إيران أولوية قصوى لقطاعي الغذاء والطب، في حين أن شركات الأدوية الأوروبية لديها إعفاءات من الولايات المتحدة لتزويد إيران بالدواء. منذ الإعلان عن الوفيات الأولى، شعر الإيرانيون بالهلع وأخذوا في شراء المواد الغذائية وأقنعة الوجه والمعقمات، ما أدى إلى نقص في رفوف الصيدليات. أي الجيران هم الأكثر عرضة للخطر؟ في الوقت الذي قطعت فيه العقوبات الأمريكية صلات إيران بكثير من الاقتصاد العالمي، أصبحت الجمهورية تعتمد بشكل متزايد على التجارة مع العراق والصين وتركيا وأفغانستان وباكستان وروسيا. كثيرا ما يسافر رجال الأعمال الإيرانيون إلى هذه الدول. العراق هي أكثر الدول عرضة للخطر، فهي تشترك في حدود طولها 1500 كيلومتر مع إيران، ولها تسعة معابر حدودية تشهد حركة مرور ثابتة للأشخاص والبضائع كل يوم بقيمة 12 مليار دولار في العام. قال علاء القيسي، مسؤول الحدود العراقية، إن المعابر الجنوبية مغلقة أمام الإيرانيين منذ يوم السبت الماضي، لكن تم تشخيص إصابة خمسة أشخاص حتى الآن بفيروس كورونا المستجد Covid-19 في العراق، وجميعهم من إيران. يقول مسؤولو الصحة إن تفشي المرض في العراق سيكون مدمرا، لأن عقودا من العقوبات والعنف وعدم الاستقرار تركت مستشفيات البلاد تعاني نقص الموارد وقلة العاملين. قال الدكتور سيف بدر، المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية: "بصراحة، لدينا مشكلة في نظام الرعاية الصحية في العراق. لذلك نحن نركز على الوقاية". حددت أفغانستان سبع حالات مشتبه بها في مقاطعة هيرات المتاخمة لإيران، وحالة واحدة مؤكدة لفرد عاد أخيرا من قم. وأغلقت باكستان حدودها مع إيران، لكنها تقول إنها لم تحدد أي حالات حتى الآن. المسؤولون الإيرانيون لديهم مخاوفهم بشأن الدول المجاورة. قال أحد المسؤولين: "هل تصدق أن خسائر أفغانستان والعراق وباكستان أقل من إيران؟ هذا مستحيل. لدى جيراننا إما أسباب تجارية لعدم الكشف عن وفياتهم مثل تركيا، أو ليست لديهم القدرة المختبرية على اكتشاف الفيروس". ما ردود أفعال الدول الأخرى؟ أبلغت البحرين عن 26 حالة من المسافرين الذين عادوا من إيران عبر دبي والشارقة في الإمارات، ما أدى إلى فرض حظر على جميع الرحلات الجوية من تلك المطارات. لا توجد في البحرين رحلات مباشرة إلى إيران، لكن كثيرا من سكانها يسافرون بانتظام إلى مواقع في إيران عبر الإمارات، حيث تخدم شركات الطيران منخفضة التكلفة خمس مدن إيرانية مختلفة. دبي، أكثر المطارات ازدحاما في العالم من حيث حركة المرور الدولية، وهي مركز للتجارة والسفر إلى الصين وإفريقيا وآسيا والشرق الأوسط. بعد الإبقاء على الرحلات الجوية إلى طهران في البداية، أوقفت الإمارات جميع الخدمات من وإلى إيران يوم الثلاثاء الماضي، ما أثار مخاوف بشأن تأثير ذلك في إيران. الإمارات أعلنت عن 13 حالة حتى الآن، معظمها لدى زوار من إيران والصين. تستقبل قم المسافرين من كل أنحاء العالم وأكبر عدد منهم طلاب من الصين لم تحدد سلطات إيران هوية المريض جالب فيروس كورونا المستجد لأول مرة إليها برلماني تحدث عن مقتل 50 شخصا في قم وحدها ما أثار تحقيقا من أعلى المستويات
مشاركة :