ابدى البابا فرنسيس السبت في ساراييفو قلقه من "مناخ الحرب" السائد في العالم ودعا الى السلام والمصالحة في هذه المدينة التي لم تندمل جراحها بعد عقدين على الحرب بين مجموعاتها لكنها تعتبر رمزا للتعايش بين الثقافات والديانات. واقلعت طائرة البابا عائدة الى روما في الساعة 18,40 ت غ اثر زيارة استمرت نحو عشر ساعات وجرت من دون حوادث رغم اجواء امنية اعتبرها الخبراء حساسة. فقد دعا متطرفون اعلنوا انتماءهم الى تنظيم الدولة الاسلامية الى الجهاد في البلقان في شريط مصور اشارت اليه الصحافة المحلية عشية الزيارة. وصباح السبت، قال الحبر الاعظم امام نحو 65 الف شخص احتشدوا في الملعب الاولمبي الفسيح في العاصمة البوسنية، "انها اشبه بحرب عالمية ثالثة تشن +بشكل متفرق+ وفي سياق عولمة الاتصالات نشعر بمناخ حرب"، مضيفا "هذا المناخ هناك من يريد خلقه وتأجيجه عمدا وخصوصا اولئك الذين يسعون الى (اثارة) الصدام بين مختلف الثقافات والحضارات، وايضا اولئك الذين يراهنون على الحروب لبيع اسلحة". لكن الحرب كما قال تعني ايضا "الدمار والكثيرين الذين تحطمت حياتهم. تعلمون ذلك جيدا لانكم اختبرتم ذلك هنا فعلا، كم من المعاناة وكم من الدمار والالم". واكد الرئيس البوسني ملادن ايفانيتش من جهته ان السلطات البوسنية المتعددة الاتنيات "مستعدة للعمل من اجل الحد من النزعات القومية" وطلب من الحبر الاعظم "دعمه التام" لمساعدة البوسنة والدول الاخرى في البلقان في سعيها للانضمام الى الاتحاد الاوروبي. ورد الحبر الاعظم بقوله ان البوسنة "جزء لا يتجزأ من اوروبا" داعيا المجتمع الدولي وبخاصة الاتحاد الاوروبي الى مساعدة هذا البلد في مساره الاوروبي. وقال ان هذا التعاون "اساسي". واوقعت حرب البوسنة (1992-1995) نحو مئة الف قتيل اضافة الى اكثر من مليوني نازح ولاجئ، اي اكثر من نصف التعداد السكاني للبلاد. وبعد مرور عشرين سنة على توقيع اتفاقات دايتون (الولايات المتحدة) التي وضعت حدا لتلك الحرب بين الصرب الارثوذكس والكروات الكاثوليك والمسلمين البوسنيين، باتت المدينة تعيش في سلام لكنها تبدو في حالة جمود بدون مصالحة حقيقية بالرغم من الجهود الكثيرة المبذولة في صفوف الشعب. وقال البابا للصحافيين اثناء الرحلة "ساراييفو المسماة +قدس الغرب+ مدينة عانت كثيرا في التاريخ وباتت على طريق صحيح للسلام. لذلك اقوم بهذه الرحلة كمؤشر سلام وللصلاة من اجل السلام". وقالت كاترينا دزريك وهو كرواتية بوسنية جاءت لتستقبل البابا "ان البوسنة بحاجة لرسالة السلام التي سيوجهها البابا نظرا الى استمرار انعدام الثقة بين اطياف هذا البلد". وكتب البابا في رسالة وجهها الاثنين الى سكان ساراييفو "آتي اليكم (...) لاعبر عن دعمي للحوار المسكوني والحوار بين الاديان وللتشجيع خاصة على تعايش سلمي في بلدكم". وتوجت هذه الزيارة الخاطفة بلقاء بين الاديان مع ممثلين للمسيحيين الكاثوليك والارثوذكس والمسلمين واليهود. وخلال اللقاء، استمع البابا الى شهادة الكاهن الكاثوليكي زفونيمير ماتيجيفيتش الذي روى باكيا كيفية اعتقاله من جانب القوات الصربية خلال الحرب. ثم نهض البابا ليقبل يديه وخاطبه "لا يحق لك ان تنسى تاريخك، ليس للثأر بل لصنع السلام". وتشعر الاقلية الكاثوليكية بانها مهمشة في البوسنة حيث تتعايش مع المسلمين البوسنيين في اطار الاتحاد الكرواتي المسلم الى جانب الجمهورية الصربية. لكن البابا حض البوسنيين الكاثوليك على البقاء في بلادهم رغم رحيل اكثر من 300 الف منهم منذ التسعينات. وقبل ان يختتم زيارته، عدل الحبر الاعظم عن القاء آخر خطاب له واختار ان يرد على اسئلة الشباب مشددا على ان هؤلاء يمثلون "الجيل الاول في مرحلة ما بعد الحرب" ويجسدون الامل بمستقبل من السلام والانسجام بين كل مجموعات هذا البلد. والمسلمون غالبية في البوسنة ويمثلون نحو 40% من تعدادها السكاني. ويأتي بعدهم الارثوذكس الصرب (31%) ثم الكاثوليك وجميعهم تقريبا من الكروات (10%). اما اليهود فباتوا اقلية صغيرة. وب/ام-ب ق
مشاركة :