أكد محللون سياسيون بريطانيون أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان «يحصد حاليا في سوريا، ما سبق أن زرعه طيلة الأعوام الماضية» من عداوات مع مختلف القوى الدولية والإقليمية، ما جعله «معزولاً» من كل الجهات، وحرمه من الحصول على أي دعم خارجي لانتشاله من أزمته الراهنة في محافظة إدلب السورية. وقال المحللون إن «العزلة الكاملة» التي يعاني النظام التركي منها على هذا الصعيد، ناجمة عن أن «أردوغان، مثله مثل كل الزعماء المستبدين في العالم، يتسم بالغطرسة التي تجعله يتوهم أنه يعرف أفضل من الآخرين، وتدفعه لعدم التسامح بأي شكل من الأشكال، مع أي نقد أو مراجعة»، ما جعله يقود بلاده إلى «حافة الكارثة في سوريا، بعد 9 سنوات من التهديدات الطنانة، والحروب بالوكالة، ثم التدخل العسكري المباشر». وأشاروا إلى أن الرئيس التركي، الذي ينخرط حاليا في خلافات حادة مع كل اللاعبين الرئيسين في الملف السوري، «تجاوز مرحلة الحرب بالوكالة، التي كان يستخدم فيها المسلحين السوريين المتشددين الموالين له، ودخل في حرب مفتوحة مع القوات الحكومية السورية»، التي تواصل تقدمها الميداني في المعقل الرئيس الأخير للمعارضة المسلحة في البلاد. وكذّب المحللون الرواية الرسمية التي تروجها أنقرة عن الغارات الجوية التي وقعت يوم الخميس الماضي في إدلب، وكبدت الجيش التركي خسائر فادحة، بُعيد وقت قصير من تعزيزه لقواته في سوريا، بسبعة آلاف جندي مزودين بآليات مدرعة. ففي مقال نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية، قال المحلل السياسي المخضرم سيمون تيسدال إن لا صحة لما تردده الحكومة التركية ووسائل الإعلام الموالية لها، من أن هذه الغارات نُفِذَت من جانب القوات الحكومية السورية وحدها، مُشيراً إلى أن «من المرجح أن يكون غالبية القتلى الأتراك جراءها، سقطوا إثر قصف جوي روسي لاحق شُنَ عن عمد» عقب الغارة الأولى. وأبرز كذلك تقديرات محللين عسكريين موثوق بهم ووسائل إعلام محلية في تركيا، تؤكد أن من قتلوا في غارات الخميس ليسوا 33 جندياً فحسب، كما تزعم الحكومة التركية، وإنما يتراوح عددهم ما بين 55 و100 جندي تركي. وفسر تيسدال شن روسيا هذه الغارات بالقول إن «القادة العسكريين الروس الغاضبين، وربما الكرملين» أرادوا من خلالها معاقبة الجيش التركي على هجوم شنه في وقت سابق من يوم الخميس الدامي نفسه، على طائرة روسية كانت تحلق فوق جنوبي إدلب، وسعوا في الوقت ذاته لإنهاء تهديد تشكله القوة النيرانية التركية على قاعدة حميميم الروسية الاستراتيجية في سوريا. ولكي يكتمل العقاب الروسي لتركيا، رفضت موسكو طلبا تركياً بفتح المجال الجوي لإدلب، بعد الغارات لإخلاء العسكريين الأتراك الجرحى. وأضاف تيسدال أنه إذا كان ذلك بمثابة «درس قاسٍ» أراد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تلقينه لأردوغان، فقد «أتى أُكله بالفعل»، إذ إن الرئيس التركي بات يعلق كل آماله الآن على اللقاء المقرر غدا الخميس بينه وبين بوتين «للحيلولة من دون حدوث مزيد من الصدامات التي لا يمكن لبلاده إحراز النصر فيها، ما يجعله يسعى لإيجاد وقف لإطلاق النار، بعد أن وافق بوتين على منحه بعضاً من وقته لعقد اللقاء».
مشاركة :