قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن القوى الخارجية لعبت دورًا سلبيًا فاقم من النزاعات، في كل من سوريا واليمن وليبيا.. وأدى إلى إطالة أمدها.. وفتح جبهات إضافية فيها.. حيث زرعت هذه القوى جرثومة الميليشيات التي تُحارب بالوكالة وتتبنى أجندات غير متسقة، بل حتى معادية للدولة الوطنية من حيث المبدأ، مضيفا "لقد آن لهذه القوى أن ترفع أيديها عن الأراضي العربية.. ففي نهاية المطاف، لن تستطيع هذه القوى غير العربية أن تحفر لنفسها وجودًا دائمًا على الأراضي العربية.. وكل مشروعاتها ومخططاتها إلى زوال، طال الوقت أم قصر. وقال في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري في دورته العادية (153) انه في الثاني والعشرين من هذا الشهر منذ 75 عامًا خرجت منظمتنا العريقة إلى حيز الوجود، كأول منظمة إقليمية في العالم.. لتعبر عن روحٍ عامة جديدة سرت في أوصال هذه المنطقة العربية من أقصاها إلى أقصاها بأن ما يجمع أبناءها، من أواصر اللغة والحضارة والتاريخ المشترك، جديرٌ بأن يُترجم في صورة مؤسسية وخرجت هذه الجامعة، جامعتكم، لتُجسد هذا الوعي الجديد ومن أجل.. (وأنا أقتبس هنا من المادة الثانية من ميثاق الجامعة الذي تحرر في 22 مارس 1945).. من أجل "توثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها، وتنسيق خططها السياسية، تحقيقًا للتعاون بينها، وصيانةً لاستقلالها وسيادتها، والنظر بصفةٍ عامة في شئون البلاد العربية ومصالحها". وأضاف أبو الغيط "لقد وصلت الأزماتُ العربية المُشتعلة منذ 2011 إلى منعطفات خطيرة.. وتجاوزت كلفتها البشرية أي حدود متصورة.. وأصبحت عامل استنزاف للمُقدرات والموارد العربية.. وتهديدًا ماثلًا للنظام العربي في مجموعه، وليس فقط للدول التي تواجه هذه الأزمات وليس هناك ما هو أثقل على الضمير العربي من أن نُشاهد أهلًا لنا في سوريا.. وهم يُشردون بمئات الآلاف ويقبعون في مخيماتٍ لا تحمي من برد الشتاء القارس أو يطرقون أبواب اللجوء في بلدان غريبة وقد صارت مأساتهم الإنسانية مجرد ورقة ضغط ومساومة تتلاعب بها هذه القوة أو تلك.. وليس هناك ما هو أثقل على الضمير العربي من أن نرى الصراعات وهي تمزق أوطانًا مثل اليمن وليبيا، إلى حد يُهدد وحدتهما واستقلالهما، بل ويُشكل أخطارًا حقيقية على جيرانهما. وتابع أن الحلول العسكرية لن تحسم هذه النزاعات.. وجميعنا يعلم أنه لا رابح في الحروب الأهلية.. فالخاسر مهزوم.. والمنتصر مهزوم لقد آن الأوان أن تسكت المدافع.. فالخطوة الأولى نحو حلول سياسية هي وقف شامل وفوري لإطلاق النار على كافة الجبهات العربية المشتعلة.وأوضح أنه في سوريا.. يظل الحل السياسي، على أساس قرار مجلس الأمن 2254، هو المخرج الوحيد لعلاج جراح هذا البلد، الذي ندعو جميع الأطراف الخارجية أن ترفع أيديها عنه.. وأن تتوقف عن إدارة معاركها بدماء سورية.. وعلى حساب مئات الآلاف من اللاجئين، أغلبهم من النساء والأطفال.وأشار إلى أنه في اليمن يظل الحل السياسي على أساس قرار مجلس الأمن 2216 هو السبيل إلى تسوية في الداخل تضمن للجميع تمثيلًا في السلطة.. كما تضمن لجيران اليمن الأمن.. وتُعيد لهذا البلد العربي المهم استقلاله عن القوى الخارجية. وحول الوضع في ليبيا قال: " وضع المجتمع الدولي خارطة طريق في مؤتمر برلين وعلينا متابعة تنفيذ مخرجات هذا المسار الخطوة الأولى هي تثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار.. واستكمال مسارات التسوية التي ترعاها الأمم المتحدة.. وأغتنم هذه الفرصة لكي أتقدم بخالص التحية والتقدير للدكتور غسان سلامة.. الذي أدى مهمته عبر السنوات الثلاث الماضية كمبعوث أممي إلى ليبيا بكل اقتدار وتجرد ورغبة صادقة في جمع شمل الليبيين على كلمة سواء.. وأرجو مُخلصًا أن يكون خلفه في هذا المنصب المهم على ذات القدر من الدراية والمعرفة بهذه المنطقة، ومجتمعها وثقافتها وتاريخها.. حتى يتسنى له النجاح في مهمته".ودعا أبو الغيط إلى حلول عربية للمشكلات العربية.. وأزعم أننا، بإرادتنا الجماعية، قادرون على الوصول إلى هذه الحلول... وأن هذه الجامعة العربية تستطيع القيام بأدوار مفيدة ومقبولة، جنبًا إلى جنب مع الجهود الإقليمية والدولية الأخرى، من أجل الوصول إلى التسويات اللازمة لإنهاء هذه الأزمات.واستطرد: "لقد أنهكت الصراعات الدامية العالم العربي.. وفتحت شهية الجيران للتمدد والتغول.. وحاول البعض، في غمرة هذه الأحداث العاصفة، الترويج لفكرة مغلوطة وخطيرة.. مؤداها أن العرب ما عادوا يهتمون بفلسطين.. فلسطين الشعب.. وفلسطين القضية.. أقول إنها فكرة مغلوطة لأن العرب يعتبرون القضية الفلسطينية جُزءًا من شخصيتهم الحضارية.. ويرون الدفاع عنها والنضال من أجلها دفاعًا عن وجودهم وثقافتهم وهويتهم الجامعة.. وهي أيضًا فكرة خطيرة لأنها أوحت للبعض أن يستغل الاضطراب الحالي لمحاولة سرقة القضية.. وتثبيت وضع الاحتلال القائم باعتباره الحل الدائم.. ليس عبر مفاوضات أو اتفاق أو تسوية سياسية.. ولكن من خلال مذكرة تفاهم بين الدولة العظمى الراعي لعملية السلام.. والقوة القائمة بالاحتلال".واستكمل أبو الغيط: "لقد رفض الفلسطينيون خطة السلام الأمريكية.. ورفضها هذا المجلس الموقر في اجتماع طارئ عُقد في الأول من فبراير الماضي.. بعد أيام معدودة من إطلاقها.. وما نتأكد منه اليوم هو أن هذه الخطة ما هي إلا رخصة لإسرائيل من أجل تسريع الاستيطان وضم الأرض الفلسطينية والقضاء على حل الدولتين قضاء مبرمًا.. وشهدنا خلال الأيام الفائتة الإعلان عن خطط لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية.. وفي 25 فبراير أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي عن خطط لبناء 3500 وحدة استيطانية في منطقة E1 التي نعرف جميعًا أنها تقسم الضفة إلى شطرين.. بما يقضي على أي إمكانية لدولة متواصلة في المستقبل.. إنها خطة واضحة بخلق واقع جديد على الأرض، بضوء أخضر -للأسف- من الولايات المتحدة.. ومن واجب المجتمع الدولي كله أن يتصدى لإنقاذ ما تبقى من حل الدولتين.. إذ أن بديله المنطقي الوحيد -أي الدولة الواحدة- لن يكون مقبولًا من أحد لو اقترن بمنظومة للفصل العنصري".
مشاركة :