أبو الغيط يدعو إلى ضرورة إيجاد حلول عربية للأزمات في المنطقة

  • 3/4/2020
  • 00:00
  • 96
  • 0
  • 0
news-picture

دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إلى ضرورة إيجاد حلول عربية للمشكلات والأزمات العربية، مؤكدا أن الجامعة العربية تستطيع القيام بأدوار مفيدة ومقبولة من أجل الوصول للتسويات اللازمة لإنهاء هذه الأزمات .وقال أبو الغيط، في كلمته اليوم الأربعاء أمام الجلسة الافتتاحية للدورة 153 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري برئاسة الوزير المسئول عن الشئون الخارجية في سلطنة عمان يوسف بن علوي: "إنني أدعو بعد ما يقرب من العقد من الصراع والاحتراب،  إلى حلول عربية للمشكلات العربية، وأزعم أننا، بإرادتنا الجماعية، قادرون على الوصول إلى هذه الحلول، وأن الجامعة العربية تستطيع القيام بأدوار مفيدة ومقبولة، جنبًا إلى جنب مع الجهود الإقليمية والدولية الأخرى، من أجل الوصول إلى التسويات اللازمة لإنهاء هذه الأزمات".وحذر" أبو الغيط" من أن القوى الخارجية لعبت دورًا سلبيًا فاقم من النزاعات في سوريا واليمن وليبيا، وأدى إلى إطالة أمدها وفتح جبهات إضافية فيها حيث زرعت هذه القوى جرثومة الميليشيات التي تُحارب بالوكالة وتتبنى أجندات غير متسقة، بل حتى معادية للدولة الوطنية من حيث المبدأ.وأضاف "أبو الغيط": "لقد آن لهذه القوى أن ترفع أيديها عن الأراضي العربية"، مؤكدا أنه في نهاية المطاف، لن تستطيع هذه القوى غير العربية أن تحفر لنفسها وجودًا دائمًا على الأراضي العربية  وكل مشروعاتها ومخططاتها إلى زوال، طال الوقت أم قصر".وأضاف "جميعنا يعلم أن الحلول العسكرية لن تحسم هذه النزاعات، وجميعنا يعلم ألا رابح في الحروب الأهلية، فالخاسر مهزوم، والمنتصر مهزوم"، مؤكدا أنه قد آن الأوان أن تسكت المدافع، فالخطوة الأولى نحو حلول سياسية هي وقف شامل وفوري لإطلاق النار على كافة الجبهات العربية المشتعلة.وأكد أن الحل السياسي في سوريا، على أساس قرار مجلس الأمن 2254، يظل هو المخرج الوحيد لعلاج جراح هذا البلد، داعيا جميع الأطراف الخارجية أن ترفع أيديها عنه وأن تتوقف عن إدارة معاركها بدماء سورية وعلى حساب مئات الآلاف من اللاجئين، أغلبهم من النساء والأطفال.كما شدد أن الحل السياسي في اليمن، على أساس قرار مجلس الأمن 2216، يظل هو السبيل إلى تسوية في الداخل تضمن للجميع تمثيلًا في السلطة، كما تضمن لجيران اليمن الأمن، وتُعيد لهذا البلد العربي المهم استقلاله عن القوى الخارجية.وبالنسبة للأزمة في ليبيا، أشار أبو الغيط إلى أن المجتمع الدولي وضع خارطة طريق في مؤتمر برلين  "وعلينا متابعة تنفيذ مخرجات هذا المسار"، لافتا إلى أن الخطوة الأولى هي تثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار واستكمال مسارات التسوية التي ترعاها الأمم المتحدة .ووجه "أبو الغيط" خالص التحية والتقدير للدكتور غسان سلامة، الذي أدى مهمته عبر السنوات الثلاث الماضية كمبعوث أممي إلى ليبيا بكل اقتدار وتجرد ورغبة صادقة في جمع شمل الليبيين على كلمة سواء، معربا عن أمله في أن يكون خلفه في هذا المنصب المهم على ذات القدر من الدراية والمعرفة بهذه المنطقة، ومجتمعها وثقافتها وتاريخها حتى يتسنى له النجاح في مهمته.ونبه "أبو الغيط" إلى أن الصراعات الدامية أنهكت العالم العربي، وفتحت شهية الجيران للتمدد والتغول، وحاول البعض، في غمرة هذه الأحداث العاصفة، الترويج لفكرة مغلوطة وخطيرة مؤداها أن العرب ما عادوا يهتمون بفلسطين، فلسطين الشعب، وفلسطين القضية، مؤكدا إنها فكرة مغلوطة لأن العرب يعتبرون القضية الفلسطينية جُزءًا من شخصيتهم الحضارية ويرون الدفاع عنها والنضال من أجلها دفاعًا عن وجودهم وثقافتهم وهويتهم الجامعة،محذرا من أنها أيضًا فكرة خطيرة لأنها أوحت للبعض أن يستغل الاضطراب الحالي لمحاولة سرقة القضية وتثبيت وضع الاحتلال القائم باعتباره الحل الدائم ليس عبر مفاوضات أو اتفاق أو تسوية سياسية ولكن من خلال مذكرة تفاهم بين الدولة العظمى الراعي لعملية السلام، والقوة القائمة بالاحتلال.وتابع: "الفلسطينيين رفضوا خطة السلام الأمريكية، ورفضها مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في اجتماع طارئ عُقد في الأول من فبراير الماضي بعد أيام معدودة من إطلاقها وما نتأكد منه اليوم هو أن هذه الخطة ما هي إلا رخصة لإسرائيل من أجل تسريع الاستيطان وضم الأرض الفلسطينية والقضاء على حل الدولتين قضاء مبرمًا.وذكر "أبو الغيط": "لقد شهدنا خلال الأيام الفائتة الإعلان عن خطط لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية، وفي 25 فبراير الماضي أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي عن خطط لبناء 3500 وحدة استيطانية في منطقة E1  التي نعرف جميعًا أنها تقسم الضفة إلى شطرين بما يقضي على أي إمكانية لدولة متواصلة في المستقبل، محذرا من أنها خطة واضحة بخلق واقع جديد على الأرض، بضوء أخضر -للأسف- من الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدا أنه من واجب المجتمع الدولي كله أن يتصدى لإنقاذ ما تبقى من حل الدولتين، إذ أن بديله المنطقي الوحيد -أي الدولة الواحدة- لن يكون مقبولًا من أحد لو اقترن بمنظومة للفصل العنصري.وأشار أبو الغيط إلى"أنه في الثاني والعشرين من شهر مارس منذ 75 عامًا خرجت منظمتنا العريقة إلى حيز الوجود، كأول منظمة إقليمية في العالم لتعبر عن روحٍ عامة جديدة سرت في أوصال هذه المنطقة العربية من أقصاها إلى أقصاها بأن ما يجمع أبناءها، من أواصر اللغة والحضارة والتاريخ المشترك، جديرٌ بأن يُترجم في صورة مؤسسية، وخرجت الجامعة العربية لتُجسد هذا الوعي الجديد، من أجل "توثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها، وتنسيق خططها السياسية، تحقيقًا للتعاون بينها، وصيانةً لاستقلالها وسيادتها، والنظر بصفةٍ عامة في شئون البلاد العربية ومصالحها"، كما ورد في المادة الثانية من ميثاق الجامعة العربية الذي تحرر في 22 مارس 1945.واستطرد "أبو الغيط ":" لستُ هنا في معرض تقييم التجربة، أو تقديم كشف حساب، ولكن أُشير فقط إلى أن ما تحقق ليس قليلًا بدليل أننا نجتمع اليوم، وبعد 75 عامًا، ولا زال سقف هذه المنظمة يُظللنا، ولا زال الشعور العربي الجامع حاضرًا في وعي أبناء أمتنا،  ولا زال إيماننا بوحدة مصيرنا راسخًا قويًا".واستكمل: " لقد قطعنا أشواطًا طيبة في تحقيق التعاون والتنسيق العربي في مجالات عديدة منذ إنشاء الجامعة حتى الآن، ولا يزال أمامنا الكثير والكثير لنحققه حتى نكون على مستوى تطلعات وطموحات الرأي العام العربي".ورأى أن الجامعة العربية لا تُعاني من أزمة وجود، كما نسمع بين الحين والحين، فوجودها وفعاليتها لم يكونا ضروريين في أي وقتٍ أكثر مما هما الآن،  ذلك أن الدولة الوطنية العربية، التي نشأت هذه المنظمة على أساس صيانة استقلالها ووجودها، لم تكن مهددة في تاريخها أكثر مما هي الآن.ولفت إلى أن الأزماتُ العربية المُشتعلة منذ 2011 وصلت إلى منعطفات خطيرة وتجاوزت كلفتها البشرية أي حدود متصورة وأصبحت عامل استنزاف للمُقدرات والموارد العربية وتهديدًا ماثلًا للنظام العربي في مجموعه، وليس فقط للدول التي تواجه هذه الأزمات.وذكر "أبو الغيط":" ليس هناك ما هو أثقل على الضمير العربي من أن نُشاهد أهلًا لنا في سوريا،  وهم يُشردون بمئات الآلاف، ويقبعون في مخيماتٍ لا تحمي من برد الشتاء القارس، أو يطرقون أبواب اللجوء في بلدان غريبة وقد صارت مأساتهم الإنسانية مجرد ورقة ضغط ومساومة تتلاعب بها هذه القوة أو تلك، مشيرا إلى أنه ليس هناك ما هو أثقل على الضمير العربي من أن نرى الصراعات وهي تمزق أوطانًا مثل اليمن وليبيا، إلى حد يُهدد وحدتهما واستقلالهما، بل ويُشكل أخطارًا حقيقية على جيرانهما.وأكد أن "الجامعة العربية، تظل، وبعد خمسة وسبعين عامًا على إنشائها، بمؤسساتها ومجالسها ومنظماتها المتخصصة، العنوان الوحيد لوحدة الكلمة، ووحدة الصف العربي وهي الأداة التي تُمكننا من العمل سويًا من أجل الازدهار المشترك،وأيضًا في مواجهة المخاطر والتهديدات"، مشيرا إلى أنه منذ أيام انعقدت دورة عادية لمجلس وزراء الصحة العرب بمقر الأمانة العامة للجامعة بشأن وباء فيروس "كورونا المُستجد" وقرر المجلس عقد اجتماع طارئ واستثنائي على مستوى الخبراء والمتخصصين لمراجعة خطط الاستعداد والرصد وتبادل الخبرات خلال أيام.وأوضح أن ذلك التحرك يمثل نموذجًا على ما توفره هذه المنظمة من وعاء للتحرك الجماعي السريع وآلياته، ومثل ذلك كثير مما يُبذَل على مستويات مختلفة حيال كافة الموضوعات التي تتعلق بالتنمية العربية ورفاهية الإنسان العربي، وتحقيق التكامل بين دول هذه المنطقة.واختتم "أبو الغيط":" ونحن نحيي ذكرى 75 عامًا على إنشاء الجامعة العربية، من واجبنا، أن نحافظ على هذه المنظمة الأم، وأن نصد عنها معاول الهدم التي تسعى للنيل منها، وأن نسعى دومًا لتطوير عملها والارتقاء بأدائها، حتى تظل -كما كانت طيلة هذه العقود- صوتًا لنا جميعًا،وبيتًا يجمعنا تحت سقفه، وآلية عملية ومؤسسية لتحقيق التكامل العربي على أساس المصالح والمنافع.. وليس فقط المشاعر والعواطف".

مشاركة :