إنشاء مركز للأبحاث والدراسات الجينية حُلم طال انتظاره

  • 6/8/2015
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

دبي أمين الجمال: حُلم طال انتظاره.. يرى النور برؤية قيادة تضع صحة الإنسان في طليعة الأولويات، بهذه الكلمات عبر مختصون في مجال علم الوراثة بالدولة عن الحاجة الملحة لإنشاء مركز يعنى بالدراسات والأبحاث الجينية داخل الإمارات، معتبرين أن الوقت الراهن أكثر حاجةً، والظروف الراهنة التي تشهد تزايداً في أعداد الحالات التي تحمل أمراضاً وراثية أشد إلحاحاً لسرعة إنشاء هذا المركز. لفت المختصون إلى أن المتهم الأول في زيادة عدد حالات الأمراض الجينية هو زواج الأقارب، مضيفين: على الرغم من أن الحكومة الرشيدة أصدرت في عام 2006 قراراً يقضي بضرورة إجراء الفحوص اللازمة للمقبلين على الزواج، إلا أن ذلك لم يحقق المأمول في الحد بشكل كبير من الحالات المريضة. وعلى الرغم من زيادة الوعي بهذه الأمراض إلا أن الساحة الطبية لم تشهد تراجعاً في أعدادها، وعليه فإن وجود الدراسات حول هذه الأمراض، وإجراء الأبحاث حولها بات أولوية في هذه المرحلة. ونوهوا إلى أن الدولة لا تفتقر إلى الدراسات، فالمركز العربي للدراسات الجينية التابع لجائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم الطبية يعنى بها بشكل كبير، كما أنه لا ينقص الدولة أيضاً الأبحاث حول هذه الأمراض، فجامعاتها الوطنية تولي هذا الأمر عناية فائقة، ولكن ما تتطلبه الظروف حتى يكون العمل ذا فاعلية ويؤدي الغرض المرجو منه على أكمل صورة، أن يوجد مكان واحد أو مركز مستقل يعنى بالدراسات والأبحاث في آن واحد، ويكون المصدر المركزي الذي يمد الجهات الأخرى بنتائج أبحاثه ودراساته. وذكروا أنه ليس من الجيد وجود مركز واحد يعنى بالدراسات والأبحاث الجينية في عدد من الدول، فلكل جماعة بشرية خصائصها الجينية التي تختلف عن غيرها، ومن ثم تتأكد ضرورة إنشاء مركز متخصص في هذا الشأن داخل الدولة، لافتين إلى توافر الكوادر البشرية المؤهلة والإمكانات المادية والفنية والتقنية وكذلك البيئة أو الظروف التي تتطلب وجود مثل هذا المركز. الاختلاف الجيني للبشر أكدت الدكتورة كريمة العريض مديرة مركز دبي لدم الحبل السري والأبحاث بمستشفى لطيفة التابع لهيئة الصحة بدبي، أن أهمية إنشاء مركز بحثي متخصص في الأمراض الوراثية في الإمارات مركز أبحاث ودراسات الجينات، حيث إن التسلسل الجيني لسكان المنطقة خاص جداً بها، بمعنى أن كل منطقة مأهولة لها خريطتها الجينية، وعليه فالأمراض الوراثية الناتجة عنها لها نوع من الخصوصية ناتجة بالتبعية، موضحةً أن الخريطة الجينية الوراثية لمنطقة دولة الإمارات، حيث تكثر عملية زواج الأقارب، تختلف عن التسلسل الجيني لدى الغرب مثلاً. وأضافت أن وجود المركز في دبي والإمارات سوف يكون له مردود إيجابي نوعي، لأن اكتشاف الأمراض على مستوى الخريطة الجينية، يساعد على التنبؤ بحدوث المرض وأخذ الحيطة والحذر منه، كما تساعد معرفة الخريطة الجينية على القيام والنهوض بالعمل البحثي للحصول على علاجات مختلفة لها نتائج إيجابية في علاج هذه الأمراض على المستوى الجيني. ولفتت إلى أن الدول الغربية تمتلك خرائطها الجينية التي تبني عليها أبحاثها، وعليه فإن ما تتوصل إليه هذه الدول من دراسات واكتشافات علمية في هذا المجال يضاف إلى مخزونها، وليس من الضروري أن تنطبق نظرياتها على مواطني دولة الإمارات أو على أي مجموعة سكانية أخرى. الخريطة الجينية مختلفة ومتفاوتة ومن الضروري أن يكون لمواطني هذه المنطقة من العالم خريطتها الجينية الخاصة بها. السائد والمتنحي وميزت بين الصفات الوراثية السائد والمتنحي، موضحةً أن السائد من الصفات الوراثية لا يستلزم ظهوره على أن يرث الشخص هذه الصفة من الوالدين، حيث يكفي أن يحمل أحد الوالدين هذه الصفة حتى تنتقل إلى المولود، أما المتنحي من الصفات الوراثية فيجب توريث الصفة من كلا الوالدين لظهورها في الجيل الثاني. ومعرفة التسلسل أو الخريطة الجينية سوف يساعد على توقع حدوث المرض، وبالتالي يمكن التحذير من حدوثه، وكذلك يقلل من حدوث الحالات المرضية التي تنقلها الصفات الوراثية المتنحية، حيث يُنصح الحاملون لهذه الصفات بعدم الإقدام على الزواج من حامليها، حتي لا يولد منهم مرضى، ومن ثم فإن العلم والتقدم في هذا المجال سوف يمنحنا حياة أكثر صحة. وأضافت: المشاريع الضخمة مثل هذا المشروع بما له من خصوصية في توفير البيئة المناسبة لنجاحه يحتاج إقراره إلى قيادة حكيمة رشيدة مصممة وعازمة على توفير لوازمه من أحدث ما توصل إليه العلم من تقنيات، وأحدث ما توصل له العقل البشري من اختراعات متمثلة في الأجهزة والمعدات وخلافه. وأشارت إلى أن المشروع يحتاج، إضافة إلى المعدات والأجهزة، إلى الفنيين المحترفين المتعلمين ذوي الخبرة، وكذلك يحتاج الإنسان العالم ذي الخبرة الطويلة في قراءة النتائج وترجمتها إلى قراءة مفيدة وتحويل معانيها إلى تطبيقات تفيد المجتمع. وفيما يخص الكوادر المواطنة من أطباء وفنيين وعلماء، تؤكد مديرة مركز دبي لدم الحبل السري والأبحاث، أنها متوافرة، ومنها ما استنبطته الجامعات الأجنبية التي تعلم بها، فالآن حان وقت الرجوع إلى حضن الوطن وتقديم العطاء لمن أعطى، منوهةً بأنه ربما لا يتوافر العدد الكافي الآن من هؤلاء العلماء من أبناء وبنات الوطن، لكن هذا العدد يعد كافياً للبدء بالمشروع، وإلا ليس هناك مانع من إضافة الخبرات الأجنبية، حسب الحاجة والضرورة. وأكدت أن تكاتف كل مؤسسات الدولة مع هذا المشروع لهو أمر مهم وتوفير كامل الاحتياجات من توفير لملفات المرضى أو تسهيل وضع آليات لجمع العينات له من أساسيات نجاح هذا المشروع. مكان يوحد الجهود من جانبه أفاد الدكتور محمود أبو طالب المدير التنفيذي لمؤسسة سلطان بن خليفة العلمية، بتوافر الأبحاث الجينية داخل الدولة في الجامعات، إضافة إلى توافر الدراسات الجينية في أماكن أخرى مثل المركز العربي للدراسات الجينية، إلا أنه لا يوجد مكان واحد يجمع بين الأمرين، ومن ثم فإن إنشاء مركز للأبحاث والدراسات الجينية يعد ضرورة ومطلباً ملحاً، مؤكداً أن إنشاء هذا المركز تأخر إلى حد ما. وأوضح أن مركز الأبحاث بشكل عام يحتاج إلى ثلاثة محاور أساسية، تضم الكوادر العاملة بها، والبنية التحتية المجتمع أو ما يعرف بدوافع إنشائه، وكذلك التقنية المستخدمة، متابعاً: وهذه المحاور جميعها متوافرة في الدولة، فالدوافع لإنشاء مركز أبحاث ودراسات جينية متعددة داخل الدولة، حيث تشهد الدولة نسبة كبيرة من الأمراض الوراثية، إضافة إلى ذلك فإن الإمارات تتمتع بتوافر الكادر المؤهل والتقنية الحديثة، ولكن يبقى العائق الوحيد في جمع هذه العناصر الثلاثة في مكان واحد أو مركز واحد يقوم بمهمة الدراسات والأبحاث. وأضاف: كل هذه الأسباب والدوافع تجعل من مركز الدراسات والأبحاث الجينية المقترح إنشاؤه ضرورة ملحة، وحتى يتمكن المركز من أداء رسالته بشكل جيد لابد من تحديد أولوياته عن طريق إيجاد قاعدة بيانات للأمراض المنتشرة بالدولة، إضافة إلى وجود لجنة علمية للبحث في هذا المجال، حيث يتم عرض قاعد البيانات عليها لإعطاء دراسة شاملة حول كيفية إنشاء مركز للدراسات الجينية، فتحديد الأولويات يكون بناء على توافر الإمكانات، حسب خطة عمل يتم تحديدها للمركز بالتنسيق مع الجهات المختلفة، ويتم قياس نتائج العمل كل مدة لتحديد مساره إذا كان في الاتجاه الصحيح أم لا، ثم تقوم اللجنة ببحث كيفية ترجمة النتائج إلى واقع. الحالات في تزايد ومركز الأبحاث ضروري اعتبر الدكتور عبدالرزاق حمزة المنسق العلمي الأول بالمركز العربي للدراسات الجينية، أن إنشاء مركز أبحاث ودراسات الجينات أمر ضروري لأي دولة، لما لكل جماعة سكانية من خصائص تختلف عن غيرها من الشعوب والجماعات السكانية الأخرى. وأضاف أنه على الرغم من زيادة الوعي بالأمراض الجينية، إلا أن أعداد الحالات المرضية المكتشفة في حالة تزايد، موضحاً أن عدداً من الحالات التي تُكتشف بصورة مبكرة بعد الولادة يتم تفاديها. وذكر أن الإمارات تشهد زيادة في أعداد زيجات الأقارب التي تعد مسبباً رئيسياً في ظهور وانتشار الأمراض الجينية، مشيراً إلى أن أعداد الأمراض الجينية المسجلة في الدولة بلغ 321 مرضاً وراثياً، إضافة إلى 135 جيناً مسبباً للأمراض، وهذه الأعداد تعتبر مرتفعة جداً بالمقارنة مع نظيراتها في الدول الخليجية، فعلى سبيل المثال في المملكة العربية السعودية ما تم تسجيله من أمراض جينية، حتى الآن في المركز العربي للدراسات الجينية، بلغ 369 مرضاً وراثياً، و181 جيناً مسبباً، وفي دولة الكويت بلغ العدد 330 مرضاً وراثياً، و88 جيناً مسبباً.

مشاركة :