إفلاس اليونان .. وحتمية الانعتاق من السجن الاقتصادي

  • 6/8/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ترجمة: وائل بدر الدين قالت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية: يبدو أن الوقت أصبح مناسباً الآن للاعتراف بحقيقة إفلاس اليونان، على الرغم من انخفاض معدل دينها القومي وإن كان بنسب ضئيلة، إلا أن اقتصادها ينكمش بخطىً سريعة. كان ذلك الأمر معلوما حتى قبل أن تتخلف عن سداد دفعة صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي، حيث تقبع الآن عالقة في محيط معقد لا سبيل للخروج منه سوى التحرر من العملة الأوروبية الموحدة. وأضافت أن الأرقام الواردة من ستاندارد آند بورز تظهر كامل تلك التفاصيل، التي أبرزت أنه في عام 2013 بلغ حجم الناتج اليوناني 182 مليار يورو مقابل 327 كإجمالي ديون الحكومة المركزية، وهو الأمر الذي لم يكن مقبولاً على الإطلاق. وفي عام 2014 انخفض الدين اليوناني العام بنحو مليار يورو، وهو الأمر الذي اعتبره الخبراء الاقتصاديون تحسناً في مؤشرات أداء الاقتصاد، ولكن ولسوء الحظ انخفض الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لليونان بسرعة كبيرة بنحو 3 مليارات يورو. وفي هذا العام، توقعت مصادر أن ينخفض الدين القومي بمقدار 4 مليارات يورو ليصل إلى 322 مليار يورو، وأن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بمقدار 5 مليارات يورو ليصل إلى 174 مليار يورو. وتتمثل المحصلة في أن الدين القومي لليونان سوف يصل إلى 185 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015، مقارنة ب 182 في المئة العام الماضي و180 في المئة في 2013. وتشير بعض التحليلات والتوقعات إلى أن أرقام هذه السنة ستكون مختلفة قليلاً، إلا أن الجانب الأهم هو أن عبء الديون ينخفض على نحو أقل من الوتيرة التي ينخفض بها الناتج المحلي الإجمالي من حيث الأموال النقدية، وهو الأمر المفجع الذي يعني أن اليونان حققت فشلاً ذريعاً في النمو باقتصادها وسداد التزاماتها. وتلوح في الأفق بعض الحلول الصعبة، التي يمكن أن يكون بعضها مستحيل التطبيق بالنظر إلى الظروف الحالية المحيطة بالأزمة اليونانية. حيث يمكن الاستعانة بانخفاض الناتج المحلي الإجمالي الاسمي عبر تسريع وتيرة معدلات التضخم أو عبر تحقيق نمو حقيقي في الناتج المحلي الإجمالي أو الجمع بينهما وتحقيقهما معاً. ولسوء الحظ وبالنظر إلى عدم قدرة اليونان على إدارة سياساتها النقدية، فإنه يترتب عليها تقبل الضغط المفروض عليها من شركائها في الاتحاد الأوروبي والإذعان لكافة مطالبهم بدون قيد أو شرط. وبالنظر إلى نسبة الانخفاض السنوية في الأسعار الاستهلاكية التي تبلغ 2 في المئة، فقد تمثلت النتيجة المباشرة لذلك في أن هنالك وفرة في الأموال ونقصاً كبيراً في السلع والخدمات. وهو ما يعني أن القيمة الفعلية للدين العام تسير صعوداً. وفضلاً عن سياستها النقدية غير الفعالة، فإن اليونان تقبع أيضا في مستنقع من السياسات الحمقاء التي تدعم جوانب العرض وإغفال عنصر الطلب، علاوة على عدم ارتقاء مستويات تنافسيتها إلى المدى المطلوب، وهي العوامل التي تصيب الاقتصاد اليوناني في مقتل وتمنعه من تحقيق النمو المطلوب. ويبرز السؤال الذي يطرحه العديد من الخبراء الاقتصاديين المتمثل في تأثير خفض الإنفاق على عنصر الطلب المتباطىء، وهو الأمر الذي يبدو أن السياسة النقدية التي تتبناها اليونان تقف وراءه. الحلول المتاحة تشير البيانات الواردة إلى أن مساهمة اليونان في الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي تبلغ 1.7 في المئة فقط. ولاتزال وتيرة انخفاضه متسارعة حتى الآن، حتى أن الظروف الاقتصادية الداخلية الحالكة التي يمر بها اليونان لم يكن لها تأثير يذكر في القرارات التي يتبناها البنك المركزي الأوروبي، وهو ما بدا جلياً في حقيقة أن ثلة من الأعضاء الآخرين في الاتحاد الأوروبي بدأوا فعلاً مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي خلافاً لما يحدث في اليونان التي تسير عكس الاتجاه الصعودي السائد في الكتلة الأوروبية الموحدة. ويبدو جلياً الآن أن اليونان تسير في الاتجاه المعاكس لبقية دول الاتحاد الأوروبي، حيث لم يبلغ الناتج المحلي الإجمالي فيها معدلاته الطبيعية منذ العام 2003، وهي الحجة التي أدت إلى تصنيف الاقتصاد على أنه ناشئ عوضاً عن تصنيفه كاقتصاد متطور. وبالنظر إلى الحلول المتاحة، فقد أشار بعض الخبراء الاقتصاديين الموثوقين إلى أن الدواء الوحيد لأزمة اليونان يتمثل في التحرر من قبضة اليورو التي تلقي عليها عبئا إضافياً وقيوداً كبيرة على الرغم من خطورة الخطوة، بيد أن البقاء بين براثن العملة الموحدة سيكون له أثر أكبر من الخروج.

مشاركة :