أدانت اللجنة الوزارية العربية الرباعية المعنية بتطورات الأزمة مع إيران، استمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، مستنكرة في ذات الوقت التصريحات الاستفزازية المستمرة من قبل المسؤولين الإيرانيين ضد الدول العربية. جاء ذلك في بيان أصدرته اللجنة، اليوم الأربعاء، في ختام اجتماعها الثالث عشر برئاسة معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، في مقر الأمانة العامة للجامعة العربية، بمشاركة وزراء خارجية مصر، ومملكة البحرين، والمملكة العربية السعودية، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط. وأعربت اللجنة عن قلقها البالغ إزاء ما تقوم به إيران من تأجيج مذهبي وطائفي في الدول العربية، بما في ذلك دعمها وتسليحها للميليشيات الإرهابية في بعض الدول العربية وما ينتج عن ذلك من فوضى وعدم استقرار في المنطقة يُهدد الأمن القومي العربي. ونبهت اللجنة إلى أن هذا الأمر يُعيق الجهود الإقليمية والدولية لحل قضايا وأزمات المنطقة بالطرق السلمية وطالبتها بالكف عن ذلك. وأدانت اللجنة مواصلة دعم إيران للأعمال الإرهابية والتخريبية في الدول العربية، بما في ذلك استمرار عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية إيرانية الصنع من داخل الأراضي اليمنية على المملكة العربية السعودية، والذي يشكل خرقا سافراً لقرار مجلس الأمن رقم 2216 لعام 2015، مؤكدة على دعمها للإجراءات التي تتخذها المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين من أجل التصدي لهذه الأعمال العدوانية حماية لأمنها واستقرارها. كما أدانت اللجنة الأعمال التي قامت بها ميلشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران والمتمثلة في الهجوم بالطائرات المسيرة على محطتين لضخ النفط داخل المملكة العربية السعودية. كما أدانت الأعمال التخريبية التي طالت السفن التجارية في المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وفي بحر عُمان. وأكدت اللجنة الوزارية على استنكارها وإدانتها للزيارات والتصريحات الاستفزازية للمسؤولين الإيرانيين تجاه الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة (طنب الكبرى - طنب الصغرى - وأبو موسى)، بما في ذلك الزيارة التي قام بها القائد العام لقوات الحرس الثوري الإيراني إلى جزيرة أبو موسى يوم 30 يناير 2019. وأدانت اللجنة ما يصدر عن الأمين العام لحزب الله الإرهابي من إساءات مرفوضة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين والجمهورية اليمنية، الأمر الذي يشكل تدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية يقصد به إثارة الفتنة والحض على الكراهية، ويعتبر امتداداً للدور الخطير الذي يقوم به هذا الحزب الذي يعد أحد أذرع إيران والمزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، مؤكدة أن هذا الحزب يشكل مصدراً رئيساً للتوتر مما يستوجب ضرورة ردعه والتصدي له ولمن يدعمه، وداعية إلى ضرورة إلزامه بالكف الفوري عن هذه التصريحات وكافة الممارسات التي تعرقل جهود إحلال السلام في المنطقة. إلى ذلك، أكد قرقاش أن اجتماع وزراء الخارجية العرب يعقد في ظل حالٍ عربية مثقلة بالتحديات، وحالٍ دولية تعصف بها بواعث قلق جراء انتشار فيروس «كوفيد-19» وأن هذا العاملُ المستجدُّ سيزيد من وطأة هذه التحديات وذلك بإضافة تأثيرات وتداعيات على صعد مختلفة تستوجب من حكوماتنا المزيد من التواصل والتنسيق والتفاعل الإيجابي. جاء ذلك خلال ترؤس معالي الدكتور أنور قرقاش وفد الدولة في اجتماع الدورة 153 لمجلس وزراء الخارجية العرب. وقال معاليه إنّ تزايد التحديات التي تواجه المنطقة العربية، ومنها التدخلات الإقليمية في الشؤون الداخلية للدول العربية، أدى إلى بروز أزمات جديدة عملت على زيادة وتيرة التطرف والإرهاب ووفّرت بيئة خصبة للجماعات الإرهابية والمتطرفة ومن يدعمها لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة. وأضاف "وفي خضم هذا الكم الهائل من التحديات التي تواجه العالم العربي، لابد لنا من التأكيد على أهمية العمل العربي المشترك وعلى دور جامعة الدول العربية في التعامل مع هذه التحديات؛ فلا يمكن تهميش أو إلغاء هذا الدور خاصةً فيما يتعلق بقضايا الأمن القومي العربي"، داعياً مجدّداً إلى "أولوية تفعيل العمل العربي من خلال خطةٍ واضحةِ الملامح لا تقبل بتهميش الدور العربي في قضايا العرب، خطةٍ تحترمُ الاختلافَ وتتضامنُ حول المشتركِ بما يضمن أن يكون الصوتً العربيًّ واضحاً ومهاباً ومؤثراً". وأكد معاليه أن دولة الإمارات تدعم جهود الأمم المتحدة لحل الأزمة التي يعيشها اليمن الشقيق، وهي إذ تشيد بمبادرة المملكة العربية السعودية للتوصل إلى اتفاق الرياض، والذي جاء لتوحيد الصف اليمني ضد الانقلاب الحوثي، فإنّ دولة الإمارات تشدد على ضرورة التعاطي مع هذه المبادرة بمسؤولية كاملة لتجاوز هذه الأزمة. وأكد معاليه إدانة دولة الإمارات وبشدة الهجمات الإرهابية الحوثية على المملكة العربية السعودية الشقيقة والاعتداء على منشآتها المدنية والحيوية ما يُعدّ انتهاكاً صارخا للقانون الدولي الإنساني، مؤكداً على ضرورة العمل معاً لتأمين حركة الملاحة الدولية وإمدادات الطاقة، والتصدي للتطرف والإرهاب، والبحث عن حلول سياسية للأزمة اليمنية تقوم على استعادة الدولة. وقال: «نظراً إلى محورية منطقتنا في منظومة الأمن العالمي، فإنّ تغليب الحلول الحكيمة وتخفيف حدة التوتر هو الخيار الأنجع»، مؤكداً أن تحقيق الاستقرار لا يتأتّى إلاّ بالمسار السياسي والحوار البناء. وأكد معاليه أن الممارسات الإيرانية وتدخلَها في الشؤون الداخلية العربية أمر مرفوض، وهو نقيضٌ لمساعي تحقيقِ الاستقرار، بل يعتبرُ المهدّد الأول للأمن، مضيفاً "وللوصول إلى الغايات التي يرجوها الجميع، يجب التوصّل إلى حلول مستدامة تجنّب المنطقة التوتر والمواجهة الذي هو بالتأكيد ليس من مصلحة المنطقة وشعوبها. ولا شكّ أنّ الظروفَ الحساسة المحيطة تتطلّبُ مقاربةً عقلانيةً وعاقلةً بعيداً عن التصعيد والشحن". وأكد أنّ احترام الدول لالتزاماتها القانونية ومبادئ حسن الجوار سيظل المطلب الأساسي لدولة الإمارات، مضيفاً أن "الإمارات تجدد دعوة إيران إلى الرد الإيجابي على دعواتها المتكررة للحل السلمي لقضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة: «طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى»، سواء من خلال المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية". وقال معاليه «إنّ القضية الفلسطينية ستبقى قضيةَ العرب المركزية، فلا يمكن ترسيخ الاستقرار في المنطقة من دون حل عادلٍ وشاملٍ ودائمٍ يُمَكّن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية»، مشيراً إلى أن دولة الإمارات تؤكد على ضرورة استئناف الحوار عبر المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين لضمان عدم حدوث تغييرات على الأرض تقوض عملية السلام. كما تعرب دولة الإمارات عن تقديرها للجهود الجادة التي تبذلها الولايات المتحدة الأميركية للدفع بعملية السلام قدماً، مع اعتبار أن هذه الجهود لا تمثل التصور النهائي الذي يتطلب أساساً موافقة الطرفين. وقال معاليه إن دولة الإمارات تؤكد على أن الحل السياسي هو الحل الوحيد لإنهاء الأزمة في سوريا، مشيراً إلى أن الإمارات تواصل دعمها لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا السيد «جير بيدرسون»، ومؤكداً ضرورة وجود دورٍ عربي فاعلٍ في هذه الأزمة التي باتت مدخلاً للتدخلات الدولية والأطماع الإقليمية، ويتبيّن هذا بشكلٍ جليٍّ في تطور الأحداث الأخيرة في إدلب التي باتت تهدد الأمن القومي العربي. وأكد أنّ تهميشَ الدور العربي لصالح الانخراط الإقليمي والدولي في الصراع عمّقَ الأزمة والعنف على حساب أرواح الأبرياء السوريين، مؤكداً أن دولة الإمارات تعبر عن رفضها الشديد لأي تدخلات إقليمية في الشأن العربي بشكل عام، والشأن السوري على وجه الخصوص، وتحذر من عواقب تلك التدخلات على وحدة وسلامة الأراضي السورية، ومن تأثيراتها السلبية على مسار العملية السياسية في هذا البلد العربي. وأكد معاليه أن دولة الإمارات تؤكد على أهمية دعم المجتمع الدولي لمخرجات قمة برلين فيما يتعلق بالشأن الليبي، ولجهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص للتوصل إلى حل سياسي للأزمة بين المؤسسات الشرعية الليبية؛ حكومة الوفاق والجيش الوطني ومجلس النواب، عبر خطوات عمليةٍ وجادة داعمةٍ لمخرجات هذه القمة للمساهمة في إعادة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، مضيفاً "وقد اتخذنا خطواتٍ عملية على الأرض لدعم مسار برلين إيماناً منّا بأولوية الحل السياسي، ولتفادي تعميق التدخل الإقليمي في ليبيا". وأشار معالي الدكتور أنور قرقاش إلى أن دولة الإمارات تعرب عن قلقها العميقِ إزاءَ استمرارِ الاقتتال الدائر في ليبيا، وتحدي التطرف والإرهاب، واستمرارِ التدخلات التي تقوض جهودَ إيجاد تسويةٍ سياسيةٍ، مبدياً القلق الشديد من إرسال ميليشيات ومرتزقة في تصعيدٍ خطيرٍ غير محسوب العواقب، ومؤكداً أنه يجب أن تكون مواجهةُ هذا التدفق للمرتزقة والمتطرفين على ليبيا أولويةً عربيةً جامعة، فنجاح هذه الجماعات الإرهابية في استغلال الفراغ سيهدّدُ شمال أفريقيا بأكمله. ولهذا، فالأولوية يجب أن تكون لمكافحة التطرف والإرهاب وتفكيك الميليشيات التي تضع بعض المؤسسات الحكومية تحت رحمتها. وأكد أنّ دولة الإمارات تدعم جهود التوصل إلى استقرار صلب ومستدام يلم شمل الليبيين، مع التشديد على ضرورة الحضور العربي الفاعل في هذا الملف. ولفت إلى أن دولة الإمارات تجدد تأكيدَها على دعم كافةِ الجهود الرامية إلى تحقيق أمنِ واستقرار السودان الشقيق لضمان نجاح المرحلة الانتقالية في تحقيق التنمية والازدهار، مؤكداً على أهمية دور جامعة الدول العربية في مسيرة الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتنموي في هذا البلد الشقيق، داعياً الدولَ الأعضاء للمساهمة في تقديم جميع أشكال الدعم للسودان لتمكينه من تجـاوز هذه المرحلة وتحدياتها. وقال معاليه «بالرغم من التحديات التي تمر بها عموم المنطقة، إلا أنّ دولة الإمارات وهي على أبواب العام الخمسين لقيام الاتحاد تفخر بمسيرتِها وانجازِها، وتمضي في نهجِها بثبات وصلابة؛ فالإمارات تستضيف العالم خلال شهور «في أكتوبر 2020» في معرض إكسبو العالمي، الأول في المنطقة العربية، تحت شعار «تواصل العقول وصنع المستقبل». وأضاف "تحتفل الإمارات، خلال أيام، بتشغيل مشروع براكة للطاقة النووية للأغراض السلمية، والذي يُعد إنجازاً مُلهماً، ليس على المستوى المحلي فحسب وإنما إنجاز عربي تفخر به جميع الدول العربية، وهي بذلك أصبحت أول دولة عربية تشغّل الطاقة النووية السلمية. كما أنّ أبناء وبنات الإمارات يقدمون كل يوم بصمةَ جدارة تؤكّد انطلاقَتَهم المثابرة في ريادة مسيرة التطوير، ويثبتون حماسهم تجاه تحقيق قفزاتٍ نوعية في صناعات المستقبل. فبعد الرحلةِ الناجحة إلى محطة الفضاء الدولية لرائد الفضاء هزاع المنصوري، ها هي الإماراتُ تخطو خطوةً جديدة تقرّبُها من تحقيق حُلْمِها لاكتشاف المريخ، إذ أنجز قبلَ أسابيعَ تركيبُ القطعة الأخيرة في مسبار الأمل". وأضاف معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية "لا تنفصل هذه الإنجازات العملاقة عن برنامج الاستعداد للخمسين وعن التحضير لـ «المئوية» مئوية الاتحاد في 2071، وهي رؤية تستهدف أن تكون دولة الإمارات في مقدمة دول العالم، عبر إعداد جيل يتمتع بأعلى مستويات التأهيل العلمي والتكوين الاحترافي، معزّزاً بالقيم الإيجابية"، مؤكداً على أنّ الإمارات تعمل بلا كلل، وفي كل مجال يخدم الإنسانية، فالنجاحات تهدف في المقام الأول إلى أن تضمن مستقبلاً أفْضَلَ لشعب الإمارات، وللشعوب العربية، وكل شعوب الأرض. وقال "وبناء على هذه المعطيات، تؤكد دولة الإمارات ضرورة تعزيز العمل العربي المُشترك في الجوانب غير السياسية؛ كالاقتصاد، والعلوم، والطاقة، وهي ترحب بكل مساعي تعزيز التكامل الاقتصادي العربي وتفعيل السوق المشتركة".
مشاركة :