تشهد اقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية كثيرا من هذه التغييرات: ففي الصين: اضطلعت شنغهاي وهي أكبر المدن التجارية في الصين، بتنفيذ إصلاح متعدد الأبعاد في الرعاية الصحية بهدف الحد من نفقات الرعاية الصحية التي يتحملها المواطن وتحسين قطاع الصحة وبتكلفة أقل (فعلى سبيل المثال، كانت مستوصفات الصحة المجتمعية في شنغهاي تصرف للمواطنين 1000 دواء في إطار قائمة الأدوية الأساسية -حتى قبل أن تبدأ الصين تنفيذ إصلاحات الصحة الوطنية عام 2009 التي أتاحت صرف 307 أدوية لجميع المواطنين في شتى أنحاء البلاد. ومدينة شنغهاي لديها على الأرجح أحدث نظم تكنولوجيا المعلومات الصحية في البلاد وأكثرها تكاملا، حيث يتم ربط شبكة المستشفيات والأطباء بالملفات الطبية للمرضى، الأمر الذي يساعد الجهات التنظيمية على متابعة سلوكيات الأطباء، ومراقبة التكاليف، وتحسين المخرجات الصحية في نهاية المطاف. وتشغل المدينة أيضا موقع الصدارة في تطوير نظام متكامل لإيصال الخدمة إلى المواطنين عبر مختلف درجات الرعاية الصحية الأولية والثانوية والرعاية من المستوى الثالث. وتتابع أقاليم الصين الأخرى حاليا الإجراءات المتخذة في شنغهاي عن كثب. كولومبيا: بدأت الحكومة في مدينة ميديلين، ثاني أكبر مدن هذا البلد الواقع في أمريكا اللاتينية، بتشغيل شبكة موحدة لتقديم الرعاية الصحية للحد من التباين في جودة الرعاية الصحية في مختلف أنحاء المدينة. باكستان: في إقليم البنجاب، وضعت الحكومة نموذجا يسمح بتخصيص الموارد على أساس الأداء بغرض الربط مباشرة بين التمويل المتاح لكل منطقة واحتياجاتها الصحية. وفي ظل هذا النموذج تحصل كل منطقة في البنجاب تلقائيا على 70 في المائة من مخصصاتها الأساسية. وحتى تحصل على النسبة المتبقية التي تبلغ 30 في المائة، يجب أن تقوم بتحسين أدائها وفق مؤشرات محددة مثل نسبة الولادات في المرافق الصحية أو تحت إشراف طبي ماهر ونسبة الأطفال الذين أتموا تحصيناتهم بين عمر 18 و30 شهرا. ويتيح هذا المنهج القائم على الأداء حافزا واضحا لإقليم البنجاب لتحسين المخرجات الصحية. البرازيل: تنظم مدينة ساو باولو البرازيلية "برنامج أجيتاساو باولو" الذي يروج لاتباع أسلوب حياة مفعم بالنشاط من خلال رسالتها للتوعية بأن 30 دقيقة من النشاط البدني يوميا هي هدف صحي ممتع وسهل التحقيق. وتعقد مدينة ساو باولو أيضا فعاليات كبيرة لتشجيع المواطنين على تغيير سلوكياتهم وتحسين أحوالهم الصحية عموما. وقام عديد من المدن البرازيلية الأخرى بمحاكاة هذه الحملات .لكن حتى مع انتقال الإنفاق والابتكار إلى الحكومات الإقليمية فإن الحكومة الوطنية لها دور حيوي في الإشراف على الكيانات دون المركزية وإدارتها واستخدام الأموال التي تحولها الحكومات المركزية إليها لدعم أنشطتها الصحية. ويمكن للحكومات المركزية أن تقرر كيفية تحويل الأموال إلى الحكومات الإقليمية أو أداء المدفوعات لمقدمي الرعاية الصحية للتحفيز على تحسين الأداء في الولايات والأقاليم حتى في المستويات الأدنى، كالبلديات. وفي رواندا، على سبيل المثال، استحدثت الحكومة الوطنية نظاما لمدفوعات الحوافز لمقدمي الخدمات الصحية من القطاع العام والمؤسسات العقائدية في الكيانات دون المركزية، وغيرها. وهذه المدفوعات مشروطة بتحقيق تحسينات في حجم الخدمات وجودة الرعاية المقدمة لمرضى فيروس نقص المناعة البشرية الإيدز والأمهات والأطفال. وتصدر الموافقة على المدفوعات على أساس المراجعات المستقلة والممثلة لتقارير الأداء. ونتيجة لهذا البرنامج تحسنت تغذية الأطفال بدرجة ملحوظة وزادت مستويات تقديم خدمات الرعاية الصحية بنسبة 20 في المائة. وفي الأرجنتين، تستخدم الحكومة الفيدرالية الحوافز لتشجيع أقاليم الدولة على تحسين نتائج عمليات الولادة. وتستند الحكومة الوطنية في تقديم الحوافز إلى التحاق الأسر غير المؤمن عليها ببرنامج المواليد الذي وضعته الحكومة، وانخفاض الوفيات بين المواليد، وتوفير الجودة العالية من الرعاية في مرحلة ما قبل الولادة. ويصرف البرنامج للأقاليم مبلغ خمسة دولارات شهريا للفرد عن كل شخص يلتحق بالبرنامج ومبلغ ثلاثة دولارات إضافية شهريا لبلوغ أهداف محددة مثل تحسین وزن المواليد وتوسيع نطاق تغطية التحصينات. وبعبارة أخرى، تستند نسبة 60 في المائة من المكافأة المقدمة إلى عدد الأشخاص الملتحقين بالبرنامج بينما تستند نسبة 40 في المائة من المكافأة إلى توسيع نطاق تغطية الصحة ومخرجاتها. وتمثلت محصلة هذا الأمر في تحقيق انخفاض بنسبة 22 في المائة في معدل وفيات المواليد بين عامي 2004 و2008 غير أن برنامج التأمين الصحي الوطني في الهند، حدد الحوافز المقدمة لولايات الدولة من أجل تأييد البرنامج. وتتنافس شركات التأمين الخاصة سنويا في كل ولاية حسب كل منطقة على حدة. وتتولى هيئة محددة في كل ولاية عملية اختيار اشتراكات التأمين الأكثر تنافسية والأفضل قيمة بالنسبة لكل منطقة، ثم تدفع الولايات نسبة 25 في المائة من قيمة الاشتراكات لكل شخص يشمله التأمين وتدفع الحكومة المركزية الجزء المتبقي. ولا تقدم أي مدفوعات نظير الأداء. ومن ثم يكون لدى شركات التأمين على مستوى المناطق الدافع لتشجيع أكبر عدد من المواطنين للالتحاق بالبرنامج رغبة منها في تعظيم إيراداتها. وفي الوقت الراهن، يغطي البرنامج، الذي بدأ عام 2007، أكثر من 100 مليون مواطن للحصول على مجموعة خدمات سخية نسبيا للعلاج في المستشفيات. غير أن النتائج الأولية تشير إلى انخفاض دخل عدد محدود من المواطنين بشدة نتيجة المدفوعات التي يتحملها الفرد للحصول على الرعاية الصحية. ويعد برنامج التأمين الصحي الوطني برنامجا غير مكلف نسبيا ولا يمثل إلا جزءا صغيرا من مجموع الإنفاق العام على الصحة في الهند... يتبع.
مشاركة :