رأت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في أحدث تقاريرها الصادرة اليوم الخميس، أن قادة العديد من دول العالم أصبحوا يقفون على حقول ألغام سياسية بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) الذي أعطى تعبيرًا بليغًا عن الحقيقة القاسية المتمثلة في ضرورة الترابط الدولي من أجل مكافحته.وأوضحت الصحيفة - في تقريرها الذي نشرته على موقعها الإلكتروني - أن سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي جاءت تحت مسمى "أمريكا أولا" فشلت في توفير الحماية ضد تفشي الفيروس، وها هو أيضا الرئيس نفسه الذي ضغط من أجل تخفيض التمويل الأمريكي لمنظمة الصحة العالمية، حتى أثبت للجميع ضعف محاولاته لتجاهل الأزمة باعتبارها "مشكلة ستزول".وقالت الصحيفة: "إنه مع حلول الأسبوع الماضي، ظل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ينتهج نفس السياسية غير الواضحة، وبدا مشغولا بمحاولات قطع علاقات بلاده مع الاتحاد الأوروبي.. ولكن ما غاب عن ذهن جونسون حقيقة أن مساعيه لإخراج بلاده من الكتلة الأوروبية - أو ما يعرف باسم بريكست - لن يبقي الفيروس خارج الحدود البريطانية، كما أن الجدار الطويل الذي يُشيده ترامب على طول الحدود الأمريكية المكسيكية، ووعد جونسون "لاستعادة السيطرة" من الاتحاد الأوروبي سرعان ما تحولا إلى أعمال لا طائل من ورائها، ورغم ذلك، ربما يكون جونسون الأكثر حظاً، بفضل التخطيط الذكي وجهود وزير الصحة مات هانكوك، على عكس ترامب الذي قد يعاني من مشكلة أعمق".وأوضحت الصحيفة أن الفيروس وصل إلى أكثر من 60 دولة، وأصبح من المستحيل الآن تتبع مصدر كل إصابة، وقد صنفت الهيئة الصحية الوطنية في بريطانيا تفشي المرض كأعلى مستوى من حالات الطوارئ الطبية، وبينما تشير الدلائل حتى الآن إلى أن معدل الوفيات ربما ينخفض - لأقل من 1% - لكن النظم الصحية في العديد من الدول قد تصبح غارقة في محاولات احتواءه.وأبرزت الصحيفة "أن الآثار الاقتصادية واضحة بما فيه الكفاية، فالصدمة المتزامنة بشأن العرض والطلب سوف تضر معدلات النمو العالمية بشكل خطير (فجميع المصانع الصينية مغلقة وأصبح المواطنين أكثر أمانا من خلال البقاء في المنزل بدلا من الذهاب للتسوق)، فيما أعلنت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن تفشي المرض لفترة طويلة وحادة قد يُخفض معدل النمو العالمي المتوقع لعام 2020 إلى 1.5%، وسيكون لخفض أسعار الفائدة كتلك التي أقرها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تأثير تعويضي محدود. لذا، يجب أن تكون الحكومات مستعدة لتخفيف السياسات المالية".وتابعت "فاينانشيال تايمز" تقول: "إن تحول التباطؤ إلى ركود سيعتمد على مدى سرعة انتشار الفيروس خلال الأشهر المقبلة.. ففي البلدان التي تفشى فيها الفيروس، سيتحول تركيز الحكومات سريعًا من جهد الاحتواء الحالي إلى جهود تخفيف آثار المرض، على أمل أن يُخفف الطقس الصيفي في نصف الكرة الشمالي من خطورة المرض.. رغم ذلك، فالعلماء غير متأكدين مما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستُساعد في إنتاج لقاح قبل فصل الشتاء المقبل أم لا".عموما، تظل النتيجة في ذلك - حسبما اعتبرت الصحيفة البريطانية - تتمحور حول كيفية تعامل قادة الدول مع حقول الألغام التي تسبب فيها كورونا؟!.. ففي حال اتبع الفيروس مساره المفترض، فقد يؤدي ذلك إلى انفجارات مدوية لدى الرأي العام.. وفي مثل هذه الحالات الطارئة، فإن مشاعر العامة غالبا ما تكون غاضبة.. ومن منطلق إدراك الجميع أن واجب الدولة الأول هو حماية أمن مواطنيها.. فإن الطريقة التي تستجيب بها الحكومات لهذه الأزمة سوف تُشكل رأي شعوبها خلال المرحلة المقبلة.. وغالبا ما تُحسب هذه التصورات على قدر الواقع.وأخيرا، رأت "فاينانشيال تايمز" أن أفضل سلاح للسياسيين يمكن استخدامه للنجاة من هذه الحقول السياسية هو الصدق.. حتى أن جميع التجارب السياسية الماضية حول العالم تؤكد أن الناخبين مستعدون تمامًا لقبول المشقة والخسارة التي تسببها ما يمكن أن يصفه الكثيرون بقدر الله.. في مقابل إنهم ينتظرون أن يُظهر قادتهم السياسيين قبضتهم وكفاءتهم وصدقهم في جميع القضايا.
مشاركة :