قال البطريرك ساكو بمرور الذكرى السابعة لتنصيبه 6 مارس 2013: بلدي العراق. لقد أتيتُ في زمن صعب ومُعقَّد، حيث الاحداثُ والازماتُ متسارعة في العراق الذي تحوَّل وللأسف إلى ساحة للنزاعات والتجاذبات الاقليمية والدولية، وتصفية الحسابات. لقد نخره فيروس المحاصصة والفساد مما أفقر البلد، واستهلاك الخدمات، كالمياه والكهرباء والمؤسسات الصحية والتعليمية.يعتريني ويعتري غالبيّةَ العراقيين قلق وحزنٌ عميقٌ أمام الحالة البائسة التي وصلنا إليها بسبب غياب المصلحة الوطنية والعجز في تقديم الخدمات العامة، إذ تُشير الاحصائيات حاليًا إلى 30% من المواطنين هم تحت خط الفقر، والاُميّة والبطالة والأمراض متفشية، فضلًا عن خطر فيروس كورونا الذي نجهل مدى انتشاره. لكن لي أمل كبير بشباب التظاهرات حاملي العَلَم العراقي، والمطالبين بإصلاحات سياسيّة، واجتماعيّة، واقتصاديّة وبوطنٍ… وغدٍ أفضل. إني أُحيّ فيهم الإصرار واستمرارهم بشجاعة منذ شهر أكتوبر 2019 وحتى اليوم بالرغم من ارتفاع عدد الشهداء والجرحى. ولا تفوتني الإشادة وبافتخار بدور المرأة العراقية في مشاركتها ودعمها لهذه المطاليب المشروعة.أجدد اليوم دعوتي إلى جميع الفرقاء العراقيين المعنيّين لوقفة وطنية مسئولة، والتكاتف من أجل بناء دولة مدنية قوية ذات سيادة، دولة مواطنة تعترف بجميع مواطنيها، وتحترم خصوصياتهم، ولا تُقصيهم. فما يملكه العراق من الخيرات يكفي لكي يكون دولة متقدمة! كما ادعو المجتمع الدولي، وبخاصة الدول الكبرى إلى مدّ يدها لانهاض العراق على كافة الأصعدة الاقتصادية والعمرانية والثقافية والصحية، وفي مجال احترام حقوق الإنسان، ولا تبحث عن مصالحها “فقط”.أما عن الكنيسة، فاشكر الله على أنها واقفة على رجلَيها برؤيتها الواضحة، ووعيها برسالتها ودورها. لقد وقفنا كفريق واحد أمام أزمة تهجير المسيحيين وغيرهم من الموصل وبلدات سهل نينوى، واستقبالهم من دون استثناء. وفَّرنا لهم السكن والطعام والدواء، وضمان إكمال الشباب دراستهم، لمدة تجاوزت الثلاث سنوات. كما قمنا بعد عمليات التحرير، بإصلاح بيوتهم وتهيئة عودتهم.وبالرغم من كل هذه الظروف الصعبة لم ينقطع انعقاد (السينودس) السنوي، وانتخاب كوكبة من الأساقفة الجدد، وتأوين طقوسنا التي صادق عليها الكرسي الرسولي، واستمرار لقاءاتنا ونشاطات الأبرشيات، وإنشاء عدة مؤسّسات انسانيّة وخيريّة وصحية وتعليمية، وترميم معظم كنائسنا في بغداد، بفضل دعم الكنائس في الخارج والمنظمات الخيرية مما قوّى حضورنا في داخل العراق واستعاد هيبة الكنيسة. كما كان للكنيسة دور بارز في المحافل الدولية لحمل معاناة شعبنا وتطلعاته. وهنا لا بد ان أشكر أصحاب الغبطة والنيافة والسيادة، البطاركة والكرادلة ورؤساء المجالس الاُسقفية الذين زارونا ووقفوا معنا في محنتنا.في نهاية العام السابع، اُقدم الشكر لكل من صلّى من أجل خدمتي وشجَّعني ورافقني وعاونني. ومع بداية عام جديد من خدمتي، اُعاهدكم على أن أكون على اُهبة الاستعداد لإكمال رحلتي – رسالتي بكثير من المحبة والعزم والتعاون، لذا أطلب صلاة الجميع من أجل أن تحافظ كنيستنا على أمانتها لرسالتها وديناميتها "بتجرد" في خدمة المحبة والوحدة والأصالة والتجدد
مشاركة :