قال مسؤولون كبار ومستوردون للمستلزمات الطبية إن الأزمة المالية التي يرزح تحتها لبنان قد تشكل خطراً جسيماً على مساعي احتواء فيروس كورونا المستجد الذي لا يزال انتشاره محدوداً وإن كان من المتوقع أن يتسع نطاقه. ويواجه لبنان نقصاً حاداً في الدولار أثّر على الواردات منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما تفجرت احتجاجات شعبية مناهضة للحكومة وفرضت البنوك قيوداً على سحب النقد، الأمر الذي جعل المستشفيات عرضة لنقص كل شيء من معدات الغسيل الكلوي إلى المحاقن. ولم يؤثر هذا النقص حتى الآن على انتشار الفيروس الذي لا يزال محدوداً نسبياً في لبنان إذ لم تتأكد سوى 15 حالة منذ 21 فبراير/شباط الماضي بعد وصول مسافرين مصابين قادمين من إيران. لكن من المتوقع أن يزداد عدد حالات الإصابة مما يفرض تحدياً على المنشآت الطبية المنهكة. وقالت إيمان الشنقيطي ممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان: "لا أعتقد أن الأمر وقف عند هذا الحد. أعتقد أننا في البداية وأن الحالات ستزداد. لكني أعتقد أن السؤال المهم هو: ما مدى استعدادنا؟". وأضافت أن المنظمة مدت المستشفيات اللبنانية بأدوات لكي يستخدمها الأطباء في الوقاية الشخصية، غير أن المخزونات محدودة وسط نقص عالمي لهذه المواد. وأضافت: "إذا أصبح لدينا زيادة في عدد المرضى وأصبح المستشفى يعمل بكامل طاقته، فلن نتمكن من الحفاظ على الوضع لفترة طويلة".الإمدادات الأساسية أوشكت على النفاد والارتياب شديد في الحكومة في لبنان، حيث استهدفت الاحتجاجات النخبة السياسية التي يرى كثيرون أنها غارقة في الفساد كما أن كثيرين من اللبنانيين يتشككون في قدرة الحكومة على كبح تفشي المرض بدرجة خطيرة. من جهتها، قالت منظمة الصحة العالمية إن مراقبة الحالات في بيروت وخطوات الحجر الصحي تفي بالمعايير الدولية. وقد أغلق لبنان المدارس وألغى بعض المناسبات العامة وأوقف الرحلات الجوية لغير المقيمين من مراكز انتشار الفيروس مثل إيران. لكن ندى ملحم أستاذة الأمراض المعدية في الجامعة الأميركية في بيروت قالت إنها تتوقع انتشار الفيروس بشكل أكبر. لكنها طمأنت قائلةً: "نحن نستعد ولدينا كل أنواع خطط الاستعداد بداية من الحجر الصحي في مراكز المستشفيات وغرف الطوارئ وما نفعله في المختبرات". لكن المستوردين للمستلزمات الطبية يقولون إنه حتى الإمدادات الأساسية أوشكت على النفاد في الأشهر الماضية بسبب عدم الوفاء بطلبات توريد متأخرة بالعملة الأجنبية في البنوك التجارية التي عانت من شح في الدولار. وفي هذا السياق، قالت سلمى عاصي المتحدثة باسم مستوردي المعدات الطبية في لبنان: "إذا كنا نتحدث عن الكمامات والقفازات، فليس لدينا أي منها. لقد نفدت منا المخزونات بالكامل وتلك المشكلة بسبب عدم قدرتنا على الاستيراد منذ خمسة أشهر". وأضافت أن المستوردين تمكنوا من جلب ما قيمته 10 ملايين دولار فقط من السلع، مشيرةً إلى شحنات قيمتها 120 مليون دولار سعوا لجلبها منذ أكتوبر/تشرين لكنهم فشلوا. من جهتها، قالت إيمان الشنقيطي: "القطاع الخاص تأثر بالفعل خلال الأشهر القليلة الماضية، خاصةً فيما يتعلق باستيراد المعدات والصيانة والإمداد. النظام الصحي تأثر بشكل بالغ.. وفوق كل ذلك أصبح الآن لدينا كورونا".
مشاركة :