زين ربيع شحاتة يكتب: بين إرهاب العقل وعقل الإرهاب

  • 3/7/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

الإرهاب الوسيلة التى اختارتها الجماعات الأصولية لتحقيق غايتها الحقيقة فى الوصول إلى السلطة و الحكم وغايتها الظاهرية فى مواجهة العولمة والهيمنة الرأسمالية التى سحقت بمؤسساتها الاقتصادية والثقافية الدول الصغرى.وادعت هذه الجماعات أنها تكون بأفكارها التى يترجمها عناصرها إلى سلوك عنيف درع واق للشعوب العربية والأمريكية  ضد آثار العولمة التى منحت بمفهومها حرية تدفق السلع والأفكار والبشر دون قيود، وهذا التعريف الجديد للعولمة أضاف معنى جديد للأمن القومى يتخطى المفهوم التقليدى المقتصر على حماية الحدود وسيادة الدولة إلى مواجهة الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعى، وبذلك تحول الإرهاب من وسيلة لمواجهة العولمة إلى أداة للعولمة تسقط بها الأنظمة وتسحق مستقبل الدول.وبالعودة إلى الإرهاب الذى ظل وسيظل إلى أمد ليس بطويل آفة حالت بين الدول العربية وبين تقدمها بل بينها وبين بقائها، لا يستقيم فى العقل أن نرجع أسباب وجوده إلى الفقر المدقع أو القهر السياسي فبن لادن كان من أثرياء الأرض و الظواهرى ينحدر من أسرة ثرية ماديًا و مهنيًا، ومعنى ذلك أيضًا أن كل عربى يتعرض للقهر السياسي يتحول ببساطة إلى إرهابى، لذلك فالعقل الإرهابى هو إمتداد للعقل التقليدى الذى يعتمد على خطاب تقليدى يتشبث بالماضى ويختار منه ما يتوافق و هوية منتج الخطاب ويهرب من مواجهة الواقع و لا يعترف بالتغيرات العالمية بل ويهون من شأنها ويلقى بالمسئولية على الأخرين ويختلق عوالم مثالية يدعو أنصاره إلى تطبيقها بغض النظر عن أمكانية تطبيقها أو بعدها عن الواقع، لذلك فالإرهاب يعتمد على محدودى الثقافة والفكر، وليس دائمًا محدود الثقافة والفكر محدود فى الدرجة العلمية بل قد يحمل أعلى مراتبها ، لذلك تتولى الجماعات غسيل مخ الشباب وتمدهم برؤية مشوهة متعمدة للواقع بالإضافة إلى بعض الأفكار الدينية التى ترهب العقل.وبالنظر إلى تعريف الإرهاب فى ألمانيا وبريطانيا وأمريكا والتى انبثقت من قوانين خصصت لمواجهة هذه الظاهرة و تم تطبيقها سنجد أنها أتفقت جميعًا على أن الإرهاب هو كل فعل عنف موجه لتحقيق أهداف سياسية بواسطة فاعلين أقل من مستوى الدولة أو بواسطة عملاء سريين لدول ضد أشخاص غير محاربين بغرض التأثير فى الناس، ومن هذا التعريف النصى يمكننا ببساطة نعت كل العاملين فى قنوات الفتنة بالإرهابيين و أن كانوا عملاء غير سريين ولكنهم يتقاضوا الأموال و التعليمات من السريين الذين تم تجنيدهم و إرهاب عقولهم بفكر معلب لا صلة بينه وبين الواقع ، والإرهاب قبل أن يكون ظاهرة سياسية هو ظاهرة ثقافية ودليل ذلك الجماعات الإرهابية التى تشكلت فى إيطاليا أواخر الستينات مثل جماعة ( الألوية الحمراء ) التى قادها مثقفون ماركسيون أرادوا القضاء على النظام الرأسمالى باستخدام العنف وكان على رأسها " تونى نيجرى" أستاذ الفلسفة.مما سبق يتضح لنا أن الجماعات الإرهابية أداة للعولمة و أن مصر وضعت يدها على أسبابها الحقيقة و بدأت الخطوات لاستئصالها فالصورة التى تجمع المشروع القومى للقراءة و مفهوم الدعم الجديد الذى تمثله برامج الحماية الإجتماعية من تكافل وكرامة وغيرها من المبادرات الرئيسية التى تستهدف القضاء على الفقر وعدم توريثه، السبيل إلى مواكبة العولمة الرأسمالية بمفهوم مصرى خالص يجمع بين الإشتراكية ودعم محدودى الدخل  والليبرالية الاقتصادية والثقافية والانفتاح سياسيًا على الآخرين لتحيا مصر.

مشاركة :