أكد خبراء في الشؤون السياسية والعسكرية أن هناك العديد من الأسباب وراء عدم إنجاز التسوية السياسية في اليمن، على رأسها تعدد مسارات الحل وعدم وجود إرادة حقيقية من الأطراف اليمنية نفسها للوصول إلى حل. وأشاروا في تصريحات لـ«الاتحاد» إلى أن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث نفسه، استبعد إمكانية تحقيق السلام المستدام في اليمن إلا من خلال حل شامل وجامع بين كل الأطراف، وأكدوا أن بناء الثقة لا يكون مستداماً دون عملية سياسية، في وقت يواصل فيه الحوثيون انتهاكاتهم بحق الاتفاقيات الدولية. وأعلن المبعوث الأممي للسلام في اليمن، أن السلام في اليمن لن يتحقق إلا بحل شامل عبر التفاوض، مؤكداً أن الأطراف تتحمل مسؤولية العواقب الإنسانية الوخيمة التي يتسبب فيها التصعيد العسكري في اليمن. ودعا جريفيث كل الجهات المعنية لوقف كل الأنشطة العسكرية في الجوف ومأرب ونهم، وللعمل مع مكتب المبعوث لتحقيق هذا الهدف، معبراً عن انزعاجه من الموقف العسكري المتهور الذي يتعارض مع رغبة الأطراف المعلنة في التوصل لحل سياسي. غياب الرؤية الدولية وفي هذا الإطار، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن تعدد مسارات الحل والتسوية في اليمن سبب رئيس في عدم التوصل إلى حل حتى الآن، مؤكداً أن هناك تسوية من خلال مجلس الأمن والمبعوث الأممي الذي بذل مجهودات مكثفة لكن هناك عدم وجود اتفاق على أسس الحل. وأشار فهمي لـ «الاتحاد» إلى أن هناك مخرجات الرياض والحوار الوطني وقراري الأمم المتحدة والتي تضمن تسوية الحل، لكن يواجه ذلك غياب الرؤية الدولية والإقليمية للتسوية، لافتاً أيضاً إلى تعثر مفاوضات التسوية لغياب الإرادة السياسية. وأوضح أن تشعب المسارات وعدم احتكامها للمقررات الدولية باعتبارها أفق التسوية والحل أساس عدم التسوية، مشدداً على ضرورة وجود تنفيذ فعلي للقرار الأممي مع إدارة سياسية تشمل الأطراف كافة، مؤكداً ضرورة أن يباشر المبعوث الأممي تكليفات الأمين العام للأمم المتحدة لكن تغيير المبعوث الأممي أكثر من مرة تسبب في عدم تواصل الجهود، مشدداً على ضرورة العودة إلى المرجعيات الدولية ومقررات الرياض ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس التعاون الخاصة باليمن. وشدد طارق فهمي على أن هناك قرارين أمميين بشأن اليمن، الأول قبل استعادة الشرعية في اليمن وقبل تشكيل التحالف والذي أكد ضرورة أن يكون هناك حل سياسي وعدم عسكرة الأزمة، والقرار الثاني بعد ثاني مبعوث أممي لليمن والذي أكد أيضاً أن لا حل عسكرياً في اليمن. التكتلات القبلية من جانبه، أكد الدكتور معتوق الشريف، المحلل السياسي السعودي، أن القضية اليمنية معقدة جداً بسبب مكونات المجتمع اليمني، موضحاً أن التكتلات القبلية أبرز معوق يعوق حل القضية اليمنية. وأشار الشريف لـ«الاتحاد» إلى أن هناك أيضاً دول ومصالح لأشخاص نافذين في اليمن ومهربي أسلحة لهم مصالح في أن تظل القضية اليمنية مشتعلة، مشدداً على أن الشعب اليمني لم يتنبه إلى أنه بهذا الوضع سيمكن الأعداء من تفريغ اليمن من مكوناته ولحمته الأساسية. ولفت المحلل السياسي السعودي إلى أنه منذ أن تمت الوحدة كان هناك من يبث في اليمنيين روح الفرقة، مشيراً إلى أن قرارات مجلس الأمن ومخرجات الحوار الوطني واتفاق الرياض وغيرها من القرارات هي مجرد تنظيم ومعايير وإجراءات إذا اتبعها اليمنيون وجدوا الحل، وإذا لم يبادر اليمنيون بأنفسهم بحل قضيتهم، فإن هذه القرارات لن تكون ذات جدوى. الواقع السياسي وفي الإطار نفسه، أكد إسماعيل أحمد، المحلل السياسي اليمني، أن التسوية في اليمن بوصفها خياراً أممياً وتوجهاً إقليمياً وتعبيراً عن رغبة محلية، هي واقع سياسي يجب أن تعمل الأدوات العسكرية على إحلاله قبل توقيع الاتفاقات، لافتاً إلى أن العملية العسكرية على الأرض بوصفها رافعة السلام ما زالت بحاجة لنقلة تؤهل الأطراف للقبول بالحل. وقال المحلل السياسي لـ«الاتحاد»: «بنظرة عميقة يمكن القول إن التسوية لم تعد بوصفها تسوية بين شرعية وانقلاب، بقدر ما أصبحت تسوية شاملة لأطراف أفرزتها الحرب». وأضاف أن القرار الجمهوري الذي صدر مؤخراً بتعيين صغير بن عزيز رئيساً لهيئة أركان الجيش اليمني، يعد جزءاً من تلك التدابير التي وصفناها بالعسكرية والسياسية اللازمة لتهيئة الأجواء لحل الأزمة. وأوضح أن التسوية هي واقع قبل كونه إجراء بروتوكولياً يتطلب الوصول إليه مزيداً من التدابير المكثفة لتحرير معسكر الشرعية من تناقضاته وتنظيف الجيوب الحوثية. ترتيب البيت اليمني وشدد وضاح عبد القادر المحلل السياسي اليمني على أن بلاده في حاجة إلى رؤية سياسية واضحة لعملية انتقال سياسي سلمي خلال الفترة المقبلة، إذ لم يتم طرح هذه الرؤية حتى هذه اللحظة على الرغم من المشاركة الفعالة على المستوى الإقليمي، والتي أكملتها الإمارات العربية المتحدة بالجانب الإغاثي والذي يساعد الآلاف من أبناء الشعب اليمني في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي تعانيها أماكن كاملة، مشيراً إلى أن هناك حاجة ماسة لطرح دولي وإقليمي لحلول سياسية ماسة في اليمن، وهو الأمر الغائب إلى هذه اللحظة عن الأجواء. وأضاف عبد القادر أن الشعب اليمني في حاجة ضرورية لعملية انتقال سياسي تسمح بإعادة ترتيب البيت اليمني، خاصة مع الظروف كافة التي تعرض لها خلال السنوات العشر الأخيرة والتي أدت إلى هدم الدولة ومرافقها، وانتظار العمل الإنساني لتوفير حياة كريمة للأطفال والنساء، وهو الأمر الذي في استمراره عاملاً رئيساً للتمزق بعد الهدم الذي شهده اليمن، وجعله يتحول من السعيد للحزين، ويهدد في أن يتحول إلى ممزق، مؤكداً أن الطرح السياسي يعد الأهم خلال الفترة المقبلة، وذلك عبر المؤتمرات الدولية المجمعة لأصدقاء الشعب اليمني. منظمات الإرهاب النقيب محمد النقيب، المتحدث باسم المنطقة العسكرية الرابعة، أشار إلى أن القتال العسكري لا يفيد أي أحد بالتأكيد، ولا حاجة لأحد في أن يستمر على الجبهة العسكرية لسنوات متتالية، ولا يمكن أن يكون هذا الأمر فيه فائدة أي طرف من الأطراف التي تهمها مصلحة الشعب اليمني، مؤكداً أن وضع خطة سياسية أمر في منتهى الأهمية للانتهاء من مرحلة الصراع العسكري. وأضاف أن الطرح السياسي غائب خلال الفترة الماضية، ما أدى إلى استمرار عمليات القتال الدائر على الأرض، مؤكداً أنه في حال التوافق بين جميع الأطراف والجهات بالتأكيد الوضع العسكري على الأرض سيكون متغيراً بطبيعة الحال، ولكن حتى هذه اللحظة لا وجود لهذه الأطروحات، ما يجعل الوضع العسكري على ما هو عليه. وأشار إلى أن ذلك بالتأكيد في مصلحة المنظمات الإرهابية فقط، بينما لا يمكن أن تكون الجماعة الوطنية والمحبة لليمن على توافق مع هذا الأمر، وتطالب بشكل دائم بوجود هذه الأطروحات. استمرار تفاقم الأوضاع لن يكون في مصلحة أحد أكد بسام القاضي المحلل السياسي اليمني أن المشاركة الدولية ضرورية في وجود حل سياسي للأزمة في اليمن، وهو الأمر الطبيعي وتطلبه العديد من الدول التي هي في وضع أقل سوءاً من اليمن، وبالتالي يجب على الشركاء الدوليين العمل على هذه الأزمة، خصوصاً أن استمرار تفاقم الأوضاع لن يكون في مصلحة أي من أطراف المعادلة السياسية، إلى جانب تحول الأزمة في اليمن إلى أزمة إقليمية واضحة، ومع تردي الأوضاع الطبية ونقص الرعاية الصحية التي تهدمت مؤسساتها بسبب الحرب، فوجود وباء صحي على سبيل المثال ينذر بكارثة كبرى. وأضاف القاضي أن جهود الإمارات العربية المتحدة واضحة في العمل على دعم وجود حل سياسي للأزمة اليمنية، والمستمرة منذ سنوات، في ظل غياب الدعم الدولي للانتقال الديمقراطي الذي كان من المفترض أن يكون بديلاً للحلول العسكرية التي تسببت في وفاة الآلاف وتدمير البنية التحتية في الأراضي اليمنية، وإحلال الخراب وسيطرة الميليشيات المسلحة وغياب الديمقراطية والحلول السلمية.
مشاركة :