على جمعة يحذر من فعل شائع يتسبب في خسارة الدنيا والآخرة

  • 3/8/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قال الدكتور على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، مفتى الجمهورية السابق، إن الله - سبحانه وتعالى - طرد الشيطان من رحمته، ومن كان مطرودا من رحمة الله؛ فهو منبوذ وينبغي علينا أن نبتعد عنه ولا نتخذه وليًا ولا حميمًا ولا حبيبًا. واستشهد «جمعة» في منشور له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعى « فيسبوك» بقوله – تعالى-: « إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا* لَّعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا* وَلأضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ الاَْنْعَامِ ولآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا* يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا»، ( سورة النساء: الآيات 117- 120). وتابع عضو هيئة كبار العلماء أنه ينبغي على كل مسلم ألا يتبع هذا الشيطان المنبوذ والمطرود في لعنة الله - سبحانه وتعالى-؛ لأن الجميع يعرف جيدًا أنه لم ولن يريد يومًا ما خيرًا للإنسان؛ فهو يجعله فقط من الخاسرين للدنيا والآخرة. علي جمعة يحذر من 4 كلمات شائعة بين الكثيرين تلقي بهم في التهلكة وفي سياق متصل، أوضح الدكتور علي جمعة، أنه فيما ورد عن السلف الصالح، أن التهلكة التي وردت بقول الله تعالى: « وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» لها تفسير آخر دون تعريض النفس لما فيه هلاك لها. وأفاد «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن كثير من الناس يفهمون قول الله تعالى: «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ » فهمًا خاطئًا باعتبارها تعريض الشخص نفسه لأمور فيها خطورة عليه، منوهًا بأن السلف الصالح قد صححوا هذا الفهم لنا ، حيث أن المراد بالآية الكريمة ألا يُحسن الإنسان الظن بالله عز وجل، فيرتكب المعصية ويقول إن الله تعالى لن يغفر ذنبي. واستدل بما ورد في شعب الإيمان، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عُمَارَةَ: «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ»، أَهُوَ الرَّجُلُ يَلْقَى الْعَدُوَّ فَيُقَاتِلُ حَتَّى يُقْتَلَ ؟، قَالَ : لَا، وَلَكِنْ هُوَ الرَّجُلُ يُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيَقُولُ: لَا يَغْفِرُهُ اللهُ لِي» . وأضاف أن قوله تعالى : «وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» الآية 195 من سورة البقرة، جاء فيها النهي عن الإلقاء بالأيدي إلى التهلكة، وفي الإلْقاء بالأيْدي إلى التَّهْلُكَة ففي تفسيره عدة أقوال: لا تَتْركوا النفقة ولا تَخْرجوا إلى الجهاد بغير زاد ولا تتركوا الجهاد، ولا تَدخلوا على العدو الذي لا طاقة لكم به ولا تَيْأسوا من المغفرة. وواصل: وقد قال الطبري: هو عامٌّ في جميعها، كما ذكره ابن العربي في أحكام القرآن، ومِن الوارد في ذلك ما رواه البخاري عن حذيفة أن الآية نزلت في النفقة، وكذلك قال ابن عباس وعكرمة وعطاء ومجاهد وجمهور الناس كما ذكر القرطبي، وقال المعنى لا تُلْقوا بأيديكم بأن تَتْركوا النَّفقة، في سبيل الله وتخافوا العيلة، فيقول الرجل ليس عندي ما أُنفقه، وذكر القرطبي خمسة أقوال في تفسير هذه الآية. واستند لما رَوى التِّرمذي عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران أنهم في غزو القسطنطينية حمل رجل من المسلمين على صف الروم حتَّى دخل فيهم فصاح الناس: إنه يُلْقي بيديه إلى التَّهْلُكة، فصحَّح لهم أبو أيوب الأنصاري معنى الآية بأنَّها نزلت في الأنصار لما نصر الله نبيَّه وأظهر دينه قالوا: هَلُمَّ نُقيم في أموالنا ونُصلحها؛ لأنَّها ضَاعَتْ فالتَّهلكة هي الإقامة على الأموال وإصلاحها وترك الغزو. ثم تحدَّث القرطبي عن حكم اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدو وحده. وأردف بأن بعض العلماء المالكية أجازوا أن يحمل الرجل وحده على الجيش العظيم إذا كان فيه قوة وكان لله بنية خالصة، فإن لم تكن فيه قوة فذلك من التهلكة، وقيل: إذا طلب الشهادة وخَلُصَت النية فليحْمل؛ لأن مقصودة واحد منهم، كما قال تعالى: (ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ)، وقال ابن خويز منداد: فأما أن يَحمل الرجل على مائة أو على جملة العسكر أو جماعة اللصوص والمحاربين والخوارج فلذلك حالتان: إن عَلِمَ وَغَلَبَ على ظنه أنه سيقتل مَن حَمَل عليه، وينجو هو فحسن، وكذلك لو علم وغلب على ظنه أنه يقتل ولكن سيُنْكَى نِكَايةً أو سيُبْلَى أو يُؤْثِرُ أَثَرًا ينتفع به المسلمون فجائز أيضًا، وقد بلغني أن عسكر المسلمين لما لقِيَ الفرس نفرت خيل المسلمين من الفيلة، فعمد رجل منهم فصنع فيلًا من طين وأَنِسَ به فرسه حتى أَلِفَهنُّ فلما أصبح لم ينفر فرسه من الفيل، فحمل على الفيل الذي كان يقدمها فقيل له: إنه قاتلك، فقال لا ضير أن أُقْتَلَ ويُفتح للمسلمين، وفعل البراء بن مالك حيلة في حرب بنى حنيفة حتى دخل حصنهم وفتح الباب فدخل المسلمون. وأكمل:  كما ذكر القرطبي ما رواه مسلم في دفاع رجل من الأنصار عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم أحد فقاتل العدو حتى قُتل، وفعل مثله العدد القليل الذين أحاطوا بالرسول، وهذا دليل على أن المخاطرة التي فيها منفعة للمسلمين لا بأس بها ولا تُعدُّ مِن الإلقاء باليد إلى التهلكة، كما ذكر القرطبي عن محمد بن الحسن أن المخاطرة بالنفس إذا كان فيها طمع في النجاة أو النِّكاية في العدو لا بأس بها، وإلا كانت مكروهة؛ لأنه عرَّض نفسه للتَّلَف في غير مَنْعَة للمسلمين إلا إذا قصد تشجيع المسلمين أن يصنعوا مثله فلا بأس بها؛ لأنَّ فيها منفعة لهم على بعض الوجوه. ثُمَّ تتطرَّقَ القرطبي من حُكم المُخاطرة في الجهاد إلى المُخاطرة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال: إنه متى رجَا نفْعًا في الدِّين فبذَل نفسه حتى قُتل كان في أعْلى درجات الشهداء قال تعالى: «وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ المُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ» الآية 17 من سورة لقمان، وفي حديث النسائي وابن ماجة بسند صحيح « أفْضل الجهاد كلمة حقٍّ عند سلطان جائر»، وجاء مثل ذلك في أحكام القرآن لابن العربي.

مشاركة :