الأخبار الزائفة وأمن المجتمع

  • 3/9/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

اصدرت  كلية الإعلام مؤخرا كتاب الإعلام والأخبار الزائفة وتحتوى صفحاته فعاليات ندوة موسعة نظمتها الكلية بالتعاون مع جمعية كليات الإعلام باتحاد الجامعات العربية ونظمتها جمعية اصدقاء الجودة بالكلية وحضرها عدد كبير من الاكاديميين والباحثين والخبراء الاعلاميين.فقد أصبح مصطلح الاخبار الزاءفة والشائعات مثارا في الفترة الأخيرة لما يواجهه المجتمع من قضية شائكة، وهي قضية "فبركة الأخبار"، وتزييفها وترويج الأخبار الكاذبة والشائعات، مما يؤثر على أمن المجتمع المصرى والعربى. من خلال مناقشة "آليات تزييف الأخبار"، وارتباطها وتأثيرها على أمن المجتمع سواء فيما يتعلق بالأمن الاجتماعي أو الأمن السياسي، أو أمن المعلومات أيضا، وهذه كلها محاور تحملها الجلسات الثلاثة بهذه الندوة.فمصطلح "الأخبار المزيفة" مثير للجدل، فقد تم استخدامه لوصف مشكلة التضليل الإعلامي في عالمنا الرقمي. ويشمل هذا المصطلح مجموعة من القضايا الأخرى، كالأخبار المزيفة عن الأحوال الصحية للمشاهير أو حتى شائعات عن وفاتهم، إضافة إلى الاتهامات الكاذبة لأنشطة إجرامية يمكن أن تثير توترات عرقية تؤدي بدورها  إلى العنف بين المجتمعات المختلفة. حيث تنشر هذه الأخبار بشكل سريع. حيث أظهر بحث من معهد "ام اي تي" MIT للتكنولوجيا أن الأخبار المزيفة تتداول بمعدل أعلى من الأخبار الحقيقية. ووجد الباحثون أن الإعلاميين والصحفيين وكذلك المواطنين هم من يقومون بإعادة نشر الأخبار غير الدقيقة ونشر معلومات خاطئة دون التحقق منها.لا شك أن الذكاء الاصطناعي له تأثير أيضا،  فقد تم تطوير وسائل جديدة في هذا المجال يمكن بواسطتها تزييف فيديو وصوت مركب تمامًا، وإنتاج مقاطع فيديو مزيفة لشخصيات عامة ومشاهير يقولون ويفعلون فيها أشياء لا يمكن أن يفعلوها في الحياة الواقعية . وتعرف مقاطع الفيديو هذه باسم "deepfakes".ولا يمكن التقليل من أهمية قدرة هذه التقنية على تشويه سمعة وسائل الإعلام فهي ليست مجرد أداة لخلق قصص كاذبة فحسب، ولكنها قد تؤثر على الثقة  بمحتواها الذي ربما لم يكن موضع شك في السابق.لذلك فإن ثقة الجمهور بوسائل الإعلام فيما يتعلق بالتأكد من صحة القصة أو الأخبار أصبح أكثر أهمية، مع تصاعد التحديات وصعوبة المحافظة على هذا النهج.ولمواجهة الأخبار الزائفة تبرز أهمية اتباع آليات محددة من أهمها  التحقق من المعلومات والمصادر، كشف القصص المزيفة، الشفافية وتعزيز ثقافة الإعلاميين ومواجهة الأمية الرقميه للمحافظة على الثقة والمصداقية فى وسائل الإعلام ، وهذا يتطلب من الصحافيين اتخاذ خطوات للتحقق من  القصص المزيفة. كالتحقق من أي محتوى يعثرون عليه في  وسائل التواصل الاجتماعي.كذلك التأكد من الصور والأفلام المنشورة المتداولة عن هذه المواقع بالعثور على المصدر الأصلي للقصة أو الفيديو أو الصورة والتحدث إلى الشخص الذي نشرها وهى خطوة أولى مهمة. إضافة إلى التحقق من المصدر، كذلك هناك العديد من الأدوات المتاحة للتحقق من مصداقية المحتوى. منها أسلوب البحث العكسي للصور وأدوات تحديد مواقعها الجغرافية بالإضافة إلى أساليب التحقق الأخرى، وكذلك فحص البيانات الوصفية للفيديو أو الصورة، وكشف تفاصيل المكان الذي تم التصوير فيه، كما يمكن مقارنة الصور المتقاطعة مع زاوية الشمس أو الطقس مع  الموقع في نفس اليوم الذي تم تسجيل الصور فيه وبالتالي توثيق مصداقية المحتوى عن طريق تلك المقارنة.وبسبب كثرة المعلومات المغلوطة يتزايد العمل الجماعي للتحقق من تلك المعلومات وكشفها. هناك مجموعات مثل "بيلينغ اكت" و"شارلوك ديجيتال" تعمل على  التحقق من المصدر وتحديد الموقع الجغرافي للحدث وأصبح عمل هذه المجموعات هو عمل يستفيد منه الجميع. لذلك من المهم إيجاد آلية عمل وتعاون فعال بين الصحفيين والمتطوعين للتحقق من المحتوى، ودعم العمل الجماعي وتبادل المعلومات لمكافحة التضليل على نطاق واسع. ومن الأمثلة على هذا النوع من التعاون، التحقيق الذي أجرته مجلة "العين الأفريقية" حول الاشتباه بمسؤولية الجيش الكاميروني عن جريمة مقتل قرويين. حيث تم تحديد موقع عمليات القتل عن طريق القيام  بتحقيق جماعي في مقطع فيديو منشور على الإنترنت باستخدام "جوجل ارث". واتخذت خطوات أخرى لتحديد الأسلحة والثياب والأشخاص الذين ظهروا في الفيديو، في حين استخدمت صور الأقمار الصناعية لتحديد الإطار الزمني الذي كان من الممكن تصوير الفيديو فيه. كل هذا ساعد في تكذيب المزاعم بأن الفيديو كان مزيفا.  إذن فهناك مصلحة عامة تدفع إلى القيام بما يلزم لمكافحة انتشار المعلومات الكاذبة و مناقشة طرق كشفها في غرف الأخبار وتحديد ما إذا كان كشف قصة فردية جديرا بالاهتمام، أو اهتمام الجمهور، وما إذا كانت الأدلة متاحة لكشفها بشكل صحيح. وهذا الأمر دعا بعض وسائل الإعلام  إلى تكوين فريق للتحقق من المعلومات والمحتوى مهمته الرد على أسئلة  الجمهور و يحقق الفريق في كثير من الأحيان في ادعاءات السياسيين التي تتعلق بالانتخابات. كما يركز بحثهم بشكل رئيسى على إساءة استخدام الإحصائيات أو تزييفها و بيان كيفية كشف الإحصائيات الخاطئة وينصح الفريق بإتباع بعض العناصر للتحقق من صدق الأخبار تشمل النصائح التالية: 1- اتبع إحساسك2- احصل على خلفية القصة3- افهم الادعاءات4- ضع الأمور في نصابها5- كن فضوليافتعقب المصدر الأصلي للإحصاء يعد أمرًا ضروريًا لكشف أى قصة مزيفة تروج عبر مواقع التواصل الاجتماعى.وهناك مدققون آخرون مثل فريق "الحقيقة الكاملة" يكشفون قصصا مزيفة في المملكة المتحدة وإفريقيا وكما هو الحال مع التحقق من الصور، فإن مشاركة نتائج التحقيقات مع باقي الصحفيين يعد  أمرا حيويا لمعالجة المشكلة. هنا يمكن القول إن الشفافية هي عنصر أساسى لمواجهة الأخبار الكاذبة من خلال  تنبيه المحرر إذا لزم الأمر وتعديل القصة بشكل صريح والخروج بمعلومات جديدة، وتصحيح الأخطاء والاعتذار علنًا عند ارتكابها، كلها عوامل تساعد دون  شك  في الحفاظ على ثقة الجمهور. من المهم إذن أن نتحلى بالشفافية والمصداقية والتأكد من المصادر والأدلة المستخدمة. لدعم القصة، وهذا بدوره  سيساعد  الجمهور على فهم أفضل لمصدر المعلومة  وتحديد الأخبار ذات الجودة.عنصر آخر مهم فى إطار مواجهة الأخبار الكاذبة وهو الثقافة الإعلامية فهى إحدى أفضل الطرق لوقف انتشار المعلومات المضللة و تتمثل في تثقيف الجمهور حتى يتمكن من تقييم القصص التي يشاهدها على شبكات التواصل  الاجتماعي بشكل نقدي وبناء.إن تفسير الكيفية التي يتم بواسطتها كشف قصة ما، يمكن أن يرفع من وعي الجمهور ويحميه من مخاطر التضليل، والتحديات في الوصول إلى الحقيقة.كل هذه القضايا والإشكاليات كانت مثار نقاش وشرح وتفسير وتعليق لندوة الأخبار الزائفة التى نظمتها كلية الإعلام و إلى تحمل صفحات الكتاب فعاليتها ومحتواها وصولا إلى مجموعة من التوصيات تمثل رؤية المشاركين من الأكاديميين والخبراء لمواجهة الأخبار الزائفة وسبل وآليات تنمية وعى الجمهور بكيفية مواجهتها والتعامل معها.

مشاركة :