قالت وكالة الطاقة الدولية أمس، إن الطلب العالمي على النفط يتجه للانكماش في عام 2020 للمرة الأولى منذ أكثر من عشر سنوات في ظل تعثر النشاط الاقتصادي العالمي بسبب فيروس كورونا. تأتي المراجعة التي انطوت على خفض مع تراجع أسعار النفط بمقدار الثلث تقريباً في أكبر انخفاض لها خلال يوم واحد منذ حرب الخليج في 1991 بعد أن بدأ بعض المنتجين مسعى لزيادة حصصهم السوقية بعد انهيار اتفاق للإنتاج مع روسيا. وقالت الوكالة إنها تتوقع أن يبلغ الطلب على النفط 99.9 مليون برميل يومياً في 2020 لتخفض بذلك توقعاتها السنوية بقرابة مليون برميل يومياً، وتشير إلى انكماش قدره 90 ألف برميل يومياً في أول تراجع للطلب منذ عام 2009. وتابعت الوكالة التي تتخذ من باريس مقراً لها، في تقرير توقعاتها متوسطة الأجل، أنه في حال فشل الحكومات في احتواء تفشي فيروس كورونا فإن الاستهلاك قد ينخفض بما يصل إلى 730 ألف برميل يومياً. وأدى تفشي الفيروس إلى تراجع حاد في النشاط الصناعي خاصة في الصين واقتصادات آسيوية أخرى وكذلك إيطاليا وهي إحدى المناطق الأكثر تضرراً خارج الصين. وأدى التفشي إلى تباطؤ في الطلب على النقل البري والجوي. النمو العالمي وتراجع استهلاك النفط في فبراير بشكل كبير، وقدرت الوكالة هذا الانخفاض بـ4.2 مليون برميل يومياً بالمقارنة مع الشهر نفسه العام الماضي، و3.6 مليون برميل من هذا الانخفاض في الاستهلاك يرجع إلى الصين. وأضافت: «هذا ينطبق بشكل خاص على الصين، أكبر مستهلك للطاقة في العالم، التي يعود إليها أكثر من 80% من النمو العالمي للطلب على النفط العام الماضي». وفرضت الصين حجراً صحياً على مناطق واسعة من البلاد، وأغلقت مصانع وعزلت ملايين الأشخاص تخوفاً من تفشي فيروس كورونا المستجد. وفيما استأنفت بعض المصانع عمليات الإنتاج فيها، إلا أن سلاسل الإمداد العالمية تعرقلت بشدة في بعض القطاعات الصناعية. وكذلك تعرض قطاع الطيران لضربة قاسية، مع تعليق شركات الطيران الدولية حول العالم رحلاتها إلى المناطق المتأثرة بتفشي الفيروس، نتيجة لتراجع عدد الزبائن وفرض الدول قيوداً على السفر. الاستهلاك الشهري ولم توفر الوكالة الدولية للطاقة أرقاماً محددة للاستهلاك الشهري للنفط، ولكن من المتوقع أن يتراجع بنحو 4.5%. وناشد فاتح بيرول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية المنتجين «التصرف بعقلانية» في مواجهة أزمة فيروس كورونا بعد انهيار اتفاق للحد من الإنتاج بين «أوبك» وروسيا ومنتجين آخرين الأسبوع الماضي، ما دفع أسعار النفط للهبوط. وقال بيرول للصحفيين: «في مثل هذا الوقت من الضبابية والضعف المحتمل في الاقتصاد العالمي... لعب الروليت الروسي في أسواق النفط ربما تكون له عواقب وخيمة». ضغوط مالية وقال بيرول إن انخفاض أسعار النفط قد يضع العديد من الدول الرئيسة المنتجة للخام مثل العراق وأنجولا ونيجيريا تحت ضغط مالي «هائل» ويتسبب في ضغوط اجتماعية. وقالت الوكالة إنه بعد الصدمة التي مُني بها الطلب في 2020، من المتوقع تعافي استهلاك النفط بقوة وارتفاعه بواقع 2.1 مليون برميل يومياً في عام 2021. وقالت إنه من المقرر بعد ذلك أن يتباطأ النمو ويرتفع بواقع 800 ألف برميل يومياً فقط بحلول عام 2025 بسبب نمو أبطأ في الطلب على وقود النقل في ظل تطبيق الحكومات لسياسات تحسن من كفاءة محركات السيارات وتخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وقال بيرول إن «أزمة فيروس كورونا تضيف إلى الغموض الذي تواجهه صناعة النفط العالمية في وقت تبحث فيه استثمارات واستراتيجيات أعمال جديدة». وعلى الرغم من أن الطلب على النفط سيغير اتجاهه كثيراً، فإن الوكالة أبقت على توقعاتها لإمدادات النفط العالمية كما هي إلى حد بعيد، حيث من المقرر أن تنمو الطاقة الإنتاجية بواقع 5.9 مليون برميل يومياً بحلول عام 2025 لتتجاوز بذلك الطلب قليلاً. نمو الإنتاج وقالت الوكالة إنه من المقرر أن يأتي معظم النمو في الإنتاج من توسع في النفط الصخري الأميركي وكذلك زيادة الإنتاج في البرازيل وجويانا وكندا. ويعني التوسع في إنتاج العراق، بما يعوض انخفاض الإنتاج في ليبيا وفنزويلا، أن إنتاج دول منظمة «أوبك» سيرتفع بواقع 1.2 مليون برميل يومياً بحلول عام 2025.
مشاركة :