وضعت لجنة التجارة الدولية في البرلمان الأوروبي توقيعها على سلسلة توصيات متعلقة بما يمكن أن يكون أساسا للاتفاقية التجارية المقترحة بين أوروبا والولايات المتحدة، أو لأضخم اتفاقية للتجارة الحرة في العالم. وضمت مسودات التوصيات العناصر المتعلقة بحماية الاستثمار، وهو ما يعد خطوة كبيرة نحو تسهيل المحادثات بين الطرفين، لكن ما زالت هناك خلافات عميقة حول ما ستكون عليه قضايا الطاقة بين الطرفين. ورغم أن التوصيات التي وافقت عليها اللجنة أخيرا ليست ملزمة، إلا أنها تعطي مؤشرا لما يمكن لبرلمانيي الاتحاد الأوروبي أن يروه مقبولا في اتفاق تجاري نهائي مع الولايات المتحدة، سيطلق عليه اسم "شراكة التجارة والاستثمار عبر الأطلسي". والتوصيات لا تزال تحتاج إلى موافقة هيئة اقتصادية وتجارية أكثر سعة من داخل البرلمان الأوربي يتم الانضمام لها طوعا بين النواب الأوربيين، ولا مانع حتى لو انضم إليها أعضاء البرلمان الأوروبي كافة. وستنظر هذه الهيئة الموسعة في التوصيات الأسبوع المقبل، أو قبل بدء عطلة البرلمان الصيفية في الأول من آب (أغسطس) في كل الأحوال. بعد ذلك سيكون لزاما طرح الصيغة النهائية للتوصيات إلى موافقة البرلمان الأوروبي بكامل أعضائه الـ751، حيث يمكن إدخال تعديلات على التوصيات أثناء عملية مناقشة عامة. ويدخل الاتفاق المقترح، الذي تتوقع بعض التقديرات أنه يمكن أن يضيف أكثر من 200 مليار يورو سنويا إلى اقتصادات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، عامه الثالث من المفاوضات. وغذت القضايا المتشعبة التي يضمها الاتفاق مزيدا من الجدل على جانبي المحيط الأطلسي، وجلب إلى الصدارة خلافات طويلة الأمد كالتدفق الحر للمواد الثقافية والفنية السمعية والبصرية، وأفلام السينما والمسلسلات التلفزيونية، من بين مجالات أخرى. وهذا الهاجس فرنسي بحت، إذ تخشى بلاد الغال على لغة موليير مزيدا من التراجع. ووسط تقارير بأن المفاوضات ما زالت تجر أقدامها بصعوبة، اعتبرت البعثة التجارية الأوربية في جنيف هذا العام أنه فرصة لإعطاء "انطلاقة جديدة" للمحادثات. وعقدت أحدث جولة من المفاوضات في نيسان (أبريل) الماضي، في حين من المقرر عقد الاجتماع المقبل في تموز (يوليو). بعد ذلك ستجري لجنة سياسية مشتركة استعراضا شاملا للاتفاقية بعد فصل الصيف. وقالت لـ "الاقتصادية" لويز فاجنر، عضو البعثة التجارية الأوروبية "إن اللجنة المشتركة تهدف إلى إحراز مزيد من التقدم قبل نهاية عام 2015"، بينما كان الإقرار حتى الآن بأن من المرجح تذهب اللجنة المشتركة إلى عام 2016. ونظرا لبطء وتيرة المحادثات، توقعت، فاجنر، أن موقف البرلمان الأوروبي بتسريع الإجراءات يمكن أن يساعد على حفز المفاوضات إلى الأمام. وقالت "إن عملية مماثلة تجري في واشنطن، إذ إن نواب الكونجرس دخلوا في عملية مناقشة الاتفاق". وتم تعليق المحادثات المتصلة بـ "حماية المستثمر، وآلية تسوية المنازعات بين المستثمرين والدول" في إطار اتفاق شراكة التجارة والاستثمار عبر الأطلسي لما يقرب من 18 شهرا، قبل أن تتخذ المفوضية الأوروبية قرارا بعقد مشاورات عامة. وتم الإفراج عن نتائج تلك المشاورات في وقت سابق من هذه السنة، وفي الشهر قدمت المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي، سيسيليا مالمستروم، ورقة مفاهيم تضمنت سلسلة من الإصلاحات المقترحة في آلية حماية المستثمر وتسوية المنازعات بين المستثمرين والدول.
مشاركة :