ميسون صقر في «الثقافة والعلوم»: الرواية نَفَسُ أجدادنا المتقطّع بحثاً عن اللؤلؤ

  • 3/11/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

«هذه الرواية، كانت جزءاً من سؤال جوهري حول كيف أعرف وطني، كيف أعرف هذا التاريخ، كيف أتواصل مع شخص له هذه الذاكرة في المكان، وليست معي»، من هنا انطلقت الشاعرة والروائية ميسون صقر القاسمي، في حديثها عن تجربتها الروائية الثانية «في فمي لؤلؤة»، مساء أول من أمس في صالون القراءة بندوة الثقافة والعلوم بدبي، وأدارتها الكاتبة عائشة سلطان، واستمعت مع جمهور الأمسية، إلى تفاصيل وأبعاد البحث العميق للروائية ميسون صقر في الجذور، كونها تسرد الحكاية من بعيد، وليست مشاركة كبيرة داخل النص، شبَّهتها بالنفس المتقطع لأجدادنا وهم يغوصون بحثاً عن اللؤلؤ، تلك اللحظة التي تكتم فيها الأنفاس للغوص في البحر والعودة بالذاكرة واللؤلؤ وبالتعب، فيها أرادت الروائية الانتصار للإنسان الضعيف الذي جازف بحياته لصالح المكان. ورغم الألم -كما أوضحت ميسون القاسمي- إلا أنه يبقى تاريخنا العميق الذي كوَّن ذاكرتنا سواء كنا مشاركين فيه أو مستمعين له أو قارئين. سعة معرفيّة تمركزت مداخلة الباحث عبدالغفار حسين، حول موسوعية محتوى الرواية، ما يجعلها أفضل رواية كتبها خليجي عن اللؤلؤ، وهي تُظهر سعة اطلاع الروائية ميسون حول كل ما قيل في اللؤلؤ، وهذا ما اعتبر الناقد والدكتور شكري مبخوت، أنه يمنح «في فمي لؤلؤة» حس الرواية المثقفة والمُثقِّفة، كونها نصاً سردياً مركباً ومتعدد المرجعيات والمستويات وإشكالياً بحد ذاته، فالأبطال فيه يبحثون عن ما هو أصيل، إلا أن بحثهم يصل بهم إلى الشعور بالخيبة، ولذا فهي، بحسب تعبير مبخوت، رواية خيبات فرضها الزمن، مبيناً أن الرواية جاءت مقاومة للزمن وفهمه، عبر إدانة القيم الجديدة. وهو ما يصنع الطابع الإشكالي للنص. ولفت إلى 3 مسارات كبرى في الرواية، تربط بين الأجيال، واتسم النص فيها بالتعدد، متضمناً الشعر والنصوص الدينية وحكايات الجدات، ونصوص الرحالة والرسائل وأحلام اليقظة، ما يمنح النص الروائي زخماً وتنويعاً للإيقاع السردي، حول أبرز مواضيعها الإنسانية التي قد تختفي ولا يُرى منها سوى اللؤلؤ، وقتها أشار مبخوت كيف أنه لا ينتمي إلى بيئة تعرف اللؤلؤ، ولكنه شعر بعذابات الغواصين، انطلاقاً من الرواية التي تستمد قوتها في كونها إماراتية من خلال معطياتها الأنثروبولوجية، حول الإنسان الإماراتي وعلاقته بالمكان وبالأشياء وبالبحر. إشارات الغلاف أثار غلاف «في فمي لؤلؤة» الذي حضرت فيه الممثلة والمغنية الأميركية مارلين مونرو وهي تتقلد اللؤلؤ الصناعي، تساؤلات عدة لدى جمهور الندوة، لتوضح ميسون بأنه يمثل الفن الموازي للنص في داخل الرواية التي بدأت وانتهت بحكاية انهيار الغوص على اللؤلؤ، المرتبطة بظهور اللؤلؤ الصناعي. وفي تفسير ذلك، قالت الأكاديمية والإعلامية الدكتورة حصة لوتاه إن الشكل الزائف للؤلؤ، يمثل الدخول إلى مرحلة زائفة من الحياة، طارحةً سؤالاً نوعياً: هل استعادة التاريخ يبنينا من الداخل عندما نكون خارج المكان، هل نحن بحاجة إلى أن نصطدم بالخارج حتى تتجلى صورنا عبر المرآة الداخلية وتظهر فيه حقيقتنا التي مرت عبر الزمن ونحاول استعادتها عبر أشكال جمالية كالرواية؟ من جهتها، أوضحت ميسون صقر، أن الرواية لها شقان: الأول مرتبط بالحالة الإبداعية نفسها والثاني مرتبط بالشخص وماذا يريد سرده في الرواية، وقالت: «لابد أن ننفصل عن ذواتنا، ولكن يصعب ذلك أحياناً، فلابد للكاتب أن ينظر بعين الراوي، ولا أظن أنني أكتب بشكل مفصول تماماً عما أبحث عنه، عن انتمائي لهذا الجزء، وكيف أنظر للتاريخ، وبالطبع فإن نظرتي له من الخارج تختلف عن من ينظر إليه من الداخل». وأضافت: الرواية تمنحنا فهماً لطبيعة العلاقات في المكان وشكل تطورها، وهي ما تجعلنا نكتشف أنفسنا أكثر ونكتشف الآخر، إلى جانب أننا نتعرف على النص الروائي، الذي يسيطر على الكاتب في مواضع مختلفة ويدخله في أماكن لا يريد الدخول إليها، ولكنه يستمر في اكتشاف عوالمها، ومعرفة العالم من خلالها.

مشاركة :