في دراسة مثيرة أجرتها العالمة البريطانية الدكتورة كارولين باركنسون بكلية «دارتموث» في نيو هامبشاير، تبيّن أنه عند إجراء مسح بالرنين المغناطيسي على أمخاخ الأصدقاء المقربين والحقيقيين سجل لديهم نشاط عصبي مماثل في الأفعال أو ردودها بخلاف المزيفين فنشاطهم العصبي مختلف تمامًا. ودراسة أخرى بجامعة كنساس الأمريكية أشارت إلى أن الصداقة الحقيقية تكون بعد قضاء من 100 إلى 140 ساعة بين الأصدقاء معًا، وهذا يدل على أن الصداقة الحقيقية لا تحتاج إلى عشرة طويلة، فقد نكتشف -أحيانًا- بعد سنوات أن الشخص لم يكن صديقًا حقيقيًا، وقد نكتشف بعد علاقة قصيرة أنه شخص لك وللعمر. الدراسة نفسها أيضًا بينت أن عدم وجود أصدقاء يصيب الإنسان بأمراض عضوية ونفسية عديدة منها الزهايمر والاكتئاب. واتفق مع هذه الفكرة، لأن الصديق الحقيقي هو من يُعمر الحياة بالسعادة. الصداقة زهرة بذورها الصدق وماؤها الوفاء وترابها الإخلاص والتضحية وإذا كانت ثمار الأرض تُجني كل موسم، فالصداقة الحقيقة حصادها كل لحظة. والصديقة الحقيقية ينبغي أن تكون حاضرة في دمي ودموعي وشدتي قبل فرحي، وليس مطلوبًا منها عندما تكون معي أن تمشي خلفي فلست قائدة ولا أمامي فلست بتابعة، فقط تكون بجانبي تشد من أزري وتشاركني في أمري، وخلال عمري كلّه أيقنت أن كنزي الحقيقي ليس في رصيد البنك ولا اقتناء المجوهرات، بل العثور على صديقة وفية تشبهني في أشياء وتختلف عني في أشياء أخرى. وأتصور أن الإنسان ربما يعيش عمره كله ولا يجد صديقًا حقيقيًا ولا أتحدث عن مئات الصداقات الزائفة المبنية على أساس هش قوامه النميمة والحقد والأنانية أو التملّك فهذه لا تستحق أن يُطلق عليها صداقات! والإنسان قد لا يمتلك بوصلة تجعله قادرًا على كشف فيروس الصداقة المزيفة التي تسعى للمصلحة الشخصية، فقد يتعرّض لكثير من علاقات من هذا النوع، إلا أن الخبرة في الحياة تأتي بالفراسة والقدرة على وضع الناس في قالبها الصحيح. وهناك أشخاص مهم جدًا أن نضعها تحت ميكروسكوب الاحتكاك والعشرة وسنفاجئ بعشرات النتائج المذهلة، ونصنف المسمين كذبًا بالأصدقاء. وليس مطلوبًا أن يكون صديقك نسخة منك، فالاختلاف جمالياته في أن يكون مكملاً وليس منفرًا. الصداقة الحقيقة تضحية متبادلة وإحساس دائم أن هناك صديقًا أشبه بواحة الأمان تسكن إليه عندما يشتد هجير صحراء حياتك. وإذا وجدت أنك بصحبة هذا الشخص غير راضٍ عن نفسك وأنك اكتسبت سلوكيات سيئة معه، قد تقذفك إلى موارد التهلكة فتخسر حياتك ونفسك فلا داع لأن تخدع نفسك أكثر، وأفصم عُرى هذه العلاقات فورًا برغم صعوبة ذلك، فقد تحاصر بإلحاح من أشباه الأصدقاء فالفظها جميعًا من أجل صحتك وسعادتك، وفتش عن الأصدقاء الحقيقيين ولو بالرنين المغناطيسي!
مشاركة :