شارابوفا شخصية مثيرة للجدل صنعت علامة تجارية تستمر مدى الحياة

  • 3/11/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في المرة الأولى التي وصلت فيها لاعبة التنس الروسية ماريا شارابوفا إلى القمة في كرة المضرب للمحترفين، تم وصفها بأنها «فاتنة». كان من المقرر أن تلعب شارابوفا أمام آشلي هاركيلارود، وهي فتاة شقراء أخرى صعدت إلى دائرة الأضواء والشهرة بسبب جمالها، في الجولة الأولى من بطولة ويمبلدون في عام 2003. وهنا، ركزت الصحف الشعبية على هذه المواجهة المرتقبة بين اللاعبتين الفاتنتين.لم تكن شارابوفا قد تجاوزت السادسة عشرة من عمرها آنذاك، لكن هذه المباراة وصفت بأنها «صراع الفاتنات»، ثم جلست شارابوفا لاحقاً في مؤتمر صحافي، وبدأ الإعلاميون يطرحون عليها الأسئلة، كأنهم يُملون أفكارهم الخاصة على طفلة صغيرة، وسألها أحد المراسلين: «كيف ستشغلين الدور الذي تركته آنا كورنيكوفا؟ وما الصعوبة في التوفيق بين الظهور بالتألق والتركيز على الرياضة؟».قبل نهاية فبراير (شباط) الماضي، أعلنت شارابوفا اعتزالها لعبة التنس بسبب تقدمها في السن (32 عاماً)، ومعاناتها من إصابة في الكتف. وخلال مسيرتها الطويلة، حصلت اللاعبة الروسية على 5 ألقاب للبطولات الأربع الكبرى، و36 بطولة بشكل عام، لكن الشيء المؤكد هو أن مسيرتها في عالم التنس كانت بمثابة رد على السؤال الأخير الذي طرح عليها في المؤتمر الصحافي الذي أشرت إليه سابقاً، خصوصاً أن اللاعبة الروسية قد أعلنت خبر اعتزالها اللعبة من خلال مقال كتبته هي شخصياً لكل من مجلتي «فوغ» و«فانيتي فير»، وهو الأمر الذي يعكس رغبتها في أن يتم ذكرها بطريقة مختلفة، أو بمعنى آخر فهي تريد أن يتم ذكرها بأنها اللاعبة التي تجاوزت شهرتها حدود اللعبة التي تمارسها.وكتبت شارابوفا كلمات مؤثرة قالت فيها: «كيف تتركين خلفك الحياة التي لم تعرفي غيرها؟ كيف تبتعدين عن الملاعب التي تدربت عليها منذ كنتِ طفلة، اللعبة التي تحبينها، التي تسببت لك بدموع وأفراح لا توصف، رياضة عثرتِ فيها على عائلة ومشجعين وقفوا خلفك لأكثر من 28 عاماً؟ هذا جديد بالنسبة إلي، لذا اعذروني. وداعاً لعالم التنس، كان جبلاً بالنسبة إلي قمت بتسلقه، لكن المشاهد من القمة كانت مذهلة، بعد 28 عاماً و5 ألقاب في الغراند سلام، أنا مستعدة لتسلق جبل آخر، للمنافسة على أرضية مختلفة».وأضافت: «وهبت حياتي للتنس، وأعطاني التنس الحياة. سأشتاق للتمرين وجدولي اليومي، الاستيقاظ عند الفجر، ربط شريط حذائي الأيسر قبل الأيمن، وإقفال بوابة الملعب قبل أن أضرب الكرة الأولى. سأشتاق إلى فريقي، إلى مدربي وكل الرياضيين، سواء عرفتهم أم لا، الذين دفعوني لتقديم أفضل ما لدي».وفي الحقيقة، كان هذا هو ما يحدث بالفعل منذ فترة طويلة، فحتى عندما كانت في أوج تألقها وكانت لا تزال تفوز بلقب البطولات الأربع الكبرى، كان يتم إلقاء الضوء على مسيرتها من خلال الإعلان السنوي عن تصدرها قائمة الأغنى في مجلة «فوربس». وفي الحقيقة، لم يتحول أي لاعب تنس في التاريخ إلى علامة تجارية خاصة به، مثلما حدث مع شارابوفا، للدرجة التي جعلت الصربي نوفاك ديوكوفيتش، اللاعب رقم واحد في عالم التنس، يقول عنها: «لقد كان تأثيرها هائلاً في الرياضة، ليس فقط في لعبة التنس للسيدات، ولكن أيضاً في تنس للرجال، واللعبة بشكل عام. وسوف تظل موجودة دائماً، نظراً لأن علامتها التجارية، كما أعتقد، تتجاوز إنجازاتها في عالم التنس».ودائماً ما كانت هناك حالة من الفضول بشأن الحديث عن الأموال التي تحصل عليها شارابوفا، فكما أوضحت مشاركتها الأولى في بطولة ويمبلدون، فإن كثيراً من هذه الأموال يعد انعكاساً بسيطاً لمجتمع يُقدر مظهراً معيناً ويروج له. وبعدما تألقت شارابوفا في عالم التنس، أنشأت علامة تجارية خاصة بها وسخرتها في افتتاح مشروعات جديدة ستعمل بها بعد اعتزالها، لكن الحقيقة تتمثل في أن شارابوفا قد أتيحت لها فرص لم تُتَحْ لكثير من اللاعبات الأخريات.في الواقع، هناك ازدواجية في التعامل مع شارابوفا، لأنه بعيداً عن جمالها واستغلالها هذا الأمر جيداً، فإن ما قدمته في ملاعب التنس يعد محدوداً للغاية بالمقارنة بالآخرين. لقد فازت بلقب بطولة ويمبلدون عام 2004 وبطولة أميركا المفتوحة للتنس عام 2006 وبطولة أستراليا المفتوحة للتنس عام 2008 عندما كانت في الحادية والعشرين من عمرها. ورغم أن فوزها المفاجئ على سيرينا ويليامز في نهائي بطولة ويمبلدون يعد دائماً الانتصار الأكثر إثارة للإعجاب في تاريخها، فإن نقطة قوتها الأبرز كانت تتمثل في الثبات على المستوى لفترات طويلة، وكيف قامت بالتغلب على اللاعبة البلجيكية جوستين هينن مرتين في وقت لاحق.لقد عرفت شارابوفا كيف تصنع اسماً كبيراً لنفسها في عالم التنس، لكن مسيرتها كانت محدودة بالفعل قبل أن تعود للملاعب في عام 2009 بعد خضوعها لجراحة في الكتف. في الحقيقة، من الصعب أن نتذكر كثيراً من اللاعبين الذين بإمكانهم الاستمرار في اللعب بعد الخضوع لجراحة في الكتف بشكل يؤثر كثيراً على الأداء في المباريات. وبعد هذه الإصابة، لم تعد شارابوفا قادرة على ضرب الكرة بشكل قوي، وكانت تعتمد بشدة على عشقها للعبة وعزيمتها التي مكنتها من العودة لكي تصبح اللاعبة رقم واحد في اللعبة بعد الفوز ببطولة فرنسا المفتوحة للتنس عام 2012.وبعد أن تعرضت لصافرات الاستهجان من دون سبب في بطولة فرنسا المفتوحة للتنس عام 2008، حققت الفوز وجلست على إحدى قدميها ووجهت عبارات مسيئة للجمهور الذي كان ينتقدها. إن ما قدمته هذه اللاعبة لكرة المضرب قد يجعل البعض يشعر بالحماس والإثارة، ويجعل آخرين يشعرون بالكراهية، لكنها على أي حال جعلت معظم الناس يشعرون بشيء ما في هذه اللعبة.كانت سيرينا ويليامز تتفوق بشكل كاسح على شارابوفا، حيث فازت اللاعبة الأميركية على نظيرتها الروسية في 20 مواجهة مقابل هزيمتين فقط. ومع ذلك، كانت شارابوفا لاعبة استثنائية، كما كان مجرد وجودها في المباريات يزيدها متعة وإثارة.لقد كانت شارابوفا دائماً شخصية مثيرة للجدل والانقسام، لكن إيقافها بسبب تناول المنشطات قد ألقى بظلاله على مسيرتها المهنية. لكن هذه القضية برمتها تقع ضمن «المناطق الرمادية» للرياضة، إن جاز التعبير، حيث كانت اللاعبة الروسية تتناول الميلدونيوم بشكل قانوني لمدة 10 سنوات عندما تمت إضافة هذه المادة إلى المواد المحظور تناولها في عام 2016. وبالتالي أخفت شارابوفا في تجاوز اختبار المنشطات مع خضوعها لأول اختبار في بطولة أستراليا المفتوحة للتنس عام 2016.وأشار وكيل أعمالها، ماكس إيزنبود، إلى أنه كان عادة ما يتحقق من قائمة المواد المحظورة أثناء إجازته السنوية خلال الفترة التي لا تقام فيها البطولات، لكنه وبسبب طلاقه نسي القيام بذلك الأمر في هذه الإجازة، وبالتالي لم يتحقق من قائمة المواد المحظور تناولها. وبعد أن حاولت شارابوفا التقليل من حجم الأضرار الواقعة عليها من خلال قيامها بنفسها بالإعلان عن الحظر المفروض عليها وإظهار الندم على عدم تحققها من حظر تلك المادة، لكنها لم تعترف أبداً بأنها استخدمت تلك المادة بشكل قانوني لمساعدتها في تقديم أداء أفضل. وفي النهاية، ورغم إيقاف أكثر من 170 رياضياً بسبب تناول مادة الميلدونيوم، فإن شارابوفا كانت واحدة من اللاعبين القلائل الذين تعرضوا لعقوبات قاسية بسبب ذلك.إن هذا الخطأ الفادح الذي أدى إلى إيقافها كان بمثابة كشف مهم، لأنه كشف بعد 10 سنوات من الحديث عن حجم علامتها التجارية والماكينة التي تقف وراء الترويج لها أنها مجرد شخص قد يتخذ قرارات حمقاء ويصدر أحكاماً سيئة. وبدلاً من الحديث عن الأموال التي كانت تحصل عليها أو العلامة التجارية التي كونتها، ربما كان من الأفضل الحديث عنها كمجرد شخص به كثير من العيوب، مثل أي شخص آخر.

مشاركة :