كثرت الأحاديث والكتابات عن الأعداد المهولة من السعوديين الذين ما يصدقون على الله أن تبدأ إجازة حتى لو كانت مدتها أقل من أسبوع حتى يتراكضوا للسفر لدول الخليج المجاورة أو غيرها من البلاد. والغالبية العظمى هم من العوائل المحترمة التي لا تنشد المتعة المحرمة، وإنما تنشد تنفس (الأوكسجين) النقي بحرية، وتنشد ــ إلى جانب ذلك ــ القليل من البهجة، التي يحاول هؤلاء (المحتسبون) مصادرتها بشتى الوسائل. حتى اليوم الوطني سفهوه، والنشيد الوطني حرموه، ولم تسلم من (خزعبلاتهم) حتى نافورة منتزه الملك عبدالله في الرياض، اعتبروها (يا للهول) نافورة راقصة، ونكدوا كذلك على أطفال المنطقة الشرقية الذين يريدون ليسعدوا بالاحتفال (بالقريقعان). فالبهجة والمرح واللعب، كلها ــ من وجهة نظرهم ــ لا فائدة منها، وهي تلهي الناس عن عبادتهم، والفرحة كلها يجب أن تكون مؤجلة، لأن الدنيا ما هي إلا ممر. وليس هناك من حافز ولا تشجيع لديهم إلا بترديدهم للحديث الذي أورده (ابن ماجة) بسنده عن (أبي أمامة) الذي جاء فيه: ما من أحد يدخله الله الجنة إلا زوجه الله ــ عز وجل ــ اثنتين وسبعين زوجة، اثنتين من الحور العين، وسبعين من ميراثه من أهل النار، ما منهن واحدة إلا لها قبل شهي وله ذكر لا ينثني!! مع أنه حديث آحاد، واعتبره (الألباني) حديثا ضعيفا ومشكوكا به، واستند في حجته على أن الرسول ــ عليه أفضل الصلاة والسلام ــ كان أشد حياء من العذراء في خدرها. وهذا الحديث هو الذي غسلوا به أدمغة بعض الشباب الجاهل المتحمس، إلى أن جعلوهم يرمون بأنفسهم في أتون العمليات الجهادية الإرهابية، على أمل الحصول على هذا العدد المغري من النساء. متناسين أن الرسول الكريم لم يسكت بنات النجار عندما استقبلوه وهن يغنين، وأنه قال وهو خير من قائل: يا حنظلة ساعة وساعة، الهوا والعبوا فإني أكره أن يرى في دينكم غلظة. أين هم من علي ــ رضي الله عنه ــ عندما قال: الناس في سجن ما لم يتمازحوا؟!، بل أين هم من قول المولى ــ عز وجل ــ عندما قال في محكم كتابه: (وأنه أضحك وأبكى وأنه أمات وأحيا)؟! قتأملوا كيف أنه وضع الضحك بمنزلة الحياة، ووضع البكاء بمنزلة الموت. فقد ذكر لي أحدهم أنه قرأ أن أحد الأشخاص قال: إنني سمعت أن هناك فيلا في حديقة الحيوان بالرياض يعزف بالمزمار بواسطة خرطومه، فذهبت مع زوجتي وأطفالي لمشاهدته، فوجدنا الفيل ولم نجد المزمار، فسألت المدرب الآسيوي عن ذلك، فأجابني: (المطوع قال شيل) هذا من مزامير الشيطان، وعندما قلت له: هذا يا شيخ مزمار فيل وليس مزمار شيطان، عندها أخذ يوبخني وهو يكسر المزمار ويهددني قائلا: إن أتيت بمزمار مرة أخرى كسرته على ظهرك. وختم العامل كلامه قائلا: أنا والله خفت، المطوع هذا جبار.
مشاركة :