صندوق النقد: على لبنان التحرك بسرعة لوقف الركود الاقتصادي

  • 3/13/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

حض صندوق النقد الدولي أمس لبنان على تنفيذ سلسلة إصلاحات بسرعة لوقف الركود الاقتصادي. وبحسب "الفرنسية"، قال جيري رايس المتحدث باسم الصندوق "نظرا إلى خطورة الظروف الاقتصادية في لبنان، من المهم أن تضع الحكومة وتنفذ بسرعة مجموعة كاملة من الإصلاحات للتصدي بفاعلية للتحديات الاقتصادية وتحسين آفاق لبنان الاقتصادية". وأعلن حسان دياب رئيس الوزراء اللبناني أن لبنان لن يكون قادرا على سداد 1.2 مليار دولار من سندات اليوروبوند، وهي عبارة عن سندات خزينة صادرة بالدولار، وتحوز المصارف الخاصة والمصرف المركزي جزءا منها وكانت تستحق الإثنين الماضي. ومع أول تخلف عن السداد في تاريخ البلاد، كشف دياب أيضا السعي إلى إعادة هيكلة الدين عبر خوض مفاوضات مع الدائنين. ويرزح لبنان تحت ديون تصل قيمتها إلى 92 مليار دولار، ما يشكل نحو 170 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز"، وتعد هذه النسبة من الأعلى في العالم. وأشار جيري رايس إلى أن السلطات اللبنانية لم تطلب حتى الآن مساعدة مالية من صندوق النقد الدولي، وذكّر بأن وفدا من صندوق النقد زار قبل بضعة أسابيع لبنان. وأضاف أن "أعضاء الوفد عادوا إلى واشنطن. وننتظر أن تسلم السلطات اللبنانية خطتها بشأن طريقة مواجهة التحديات الاقتصادية". وأوضح أخيرا أن صندوق النقد "مستعد لمساعدة السلطات اللبنانية في جهودها، لكن مرة جديدة ليس هناك أي طلب لدعم مالي من جانبها". وظل حسن حمدان يستورد إمدادات طبية من الخارج في لبنان لمدة 20 عاما لكنه اضطر إلى إغلاق شركته في ديسمبر، فالمبيعات كانت في تراجع والزبائن لا يقدرون على الدفع، كما نضب معين الدولارات التي يحتاج إليها لشراء الواردات، والآن أصبح يعمل سائقا لحساب شركة أوبر. واتجهت شركات مثل شركة حمدان إلى إغلاق أبوابها بوتيرة سريعة، منذ تسببت أزمة مالية في توقف قطاع كبير من الاقتصاد اللبناني وفاقمتها اضطرابات سياسية على مدار شهور. وقال حمدان "37 عاما"، "الكل مدين حتى أنا بسبب ما يحصل، لكني قادر على جلب الطعام إلى البيت وسداد بضعة فواتير، ولولا "أوبر" لكنت استجدي". وفي حين إن لبنان لا يصدر بيانات اقتصادية مهمة حديثة تذكر، ترسم لقاءات مع أكثر من 20 من أصحاب الشركات والقيادات النقابية والاتحادات الصناعية والتجار صورة لأزمة اقتصادية ومالية ليس لها مثيل من قبل منذ استقلال البلاد في 1943. ويبين مسح أجري في فبراير أن أكثر من 220 ألفا من العاملين فقدوا وظائفهم في القطاع الخاص منذ منتصف أكتوبرالماضي عندما تفجرت مظاهرات، غذتها الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، احتجاجا على النخب السياسية. وذكر رمزي الحافظ المدير العام في شركة إنفوبرو وهي شركة الأبحاث التي أجرت المسح أن "هذه كارثة اجتماعية. فهذا أكبر هبوط دفعة واحدة منذ نهاية الحرب الأهلية.. ولا نهاية تلوح في الأفق. هذه أزمة مفتوحة". واستُغني عن خمس العاملين في المجال الفندقي الذي يعد من المحركات التقليدية للاقتصاد، وفي مدينة صيدا الجنوبية أغلق 20 في المائة من المتاجر أبوابه. وتعد الخسائر في الوظائف منذ أكتوبر لطمة كبرى لقوة العمل في لبنان التي قدرت منظمة العمل الدولية أنها مؤلفة من 1.59 مليون فرد في تقريرها عن عام 2019. ويقول مستوردو السلع الأساسية مثل الإمدادات الطبية "إن طلباتهم للحصول على الدولار لم تلب بالكامل تقريبا منذ شهر شباط (فبراير)، الأمر الذي أدى إلى انخفاض خطير في كل شيء في المستشفيات، من دعامات القلب إلى معدات غسل الكلى". ونوه محمد سكر الذي يملك شركة للمقاولات بأن "كل الشغل توقف تقريبا. نحن عاجزون عن عمل أي شيء"، وقد تجمد نشاطه بين البنوك التي لا تسدد شيكاته والموردين المطالبين بالدفع بالدولار، الذي يعجز عن الحصول عليه. وقال سكر "اضطررنا إلى وقف كل أعمالنا، ولا نقبل أي عمل جديد". وتعرضت الشركات المتضررة لضربة جديدة هذا الأسبوع، إذ أمر لبنان المراكز التجارية والمطاعم وغيرها بإغلاق أبوابها لوقف انتشار فيروس كورونا، كما أوقف الرحلات الجوية من أشد الدول تضررا بالمرض. وظلت البنوك اللبنانية تجتذب تدفقات هائلة من الخارج لأعوام، بعرض بعض من أعلى أسعار الفائدة في المنطقة، الأمر الذي سمح للبنان بسداد قيمة الواردات رغم صادراته المنخفضة. غير أن التدفقات انخفضت بشدة في الأعوام الأخيرة مع تراجع النمو الاقتصادي بفعل اضطرابات إقليمية والحرب الدائرة منذ تسعة أعوام في سورية. وفي الوقت نفسه، بدأ اللبنانيون في المهجر الذين كانوا يدعمون الاقتصاد بتحويلاتهم يحجبون أموالهم، إذ بدأت البنوك تفرض قيودا مشددة تحد في الوقت الحالي من سحب العملاء العاديين الأموال على ما يصل إلى 100 دولار فقط في الأسبوع. وتدهور الوضع منذ الأزمة السياسية إلى حد دفع لبنان هذا الشهر إلى إعلان عدم قدرته على الوفاء بالدين السيادي وسداد قيمة الواردات الأساسية. وجاهد المستوردون، الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن الاستفادة من الجهاز المصرفي، لمواكبة ارتفاع سعر الدولار. وانخفضت قيمة الليرة اللبنانية نحو 40 في المائة منذ تشرين الأول (أكتوبر)، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع اليومية المستوردة، ومع تزايد ندرة الدولار، تباطأت سلسلة الإمدادات المعتمدة على الاستيراد في لبنان وكادت تتوقف. ويقول متعاملون في المواد الغذائية "إنهم خفضوا حجم الواردات بما بين 30 و40 في المائة"، ويرى رجال الصناعة أنهم يكافحون للحصول على المواد الخام. ويشكو المستهلكون والشركات من ارتفاع الأسعار وانخفاض المبيعات. وقال محمد يعقوب الذي يورد مستلزمات المطاعم "إن الأمر وصل إلى حد الخوف من جلب البضائع". وقد تراجعت مبيعاته بنسبة 70 في المائة منذ تشرين الأول (أكتوبر) مع تأثر زبائنه بالأزمة الاقتصادية. وتذكر النقابة الرئيسة التي تمثل أصحاب المطاعم والمقاهي أن 785 مطعما ومقهى على الأقل أفلست من سبتمبر حتى فبراير، وأن 240 منها أغلقت أبوابها في شهر يناير وحده. وقالت مايا بخازي الأمين العام للنقابة "سيحدث مزيد من البطالة، ستحدث هجرة كبيرة، وسيبحث الناس عن العمل في الخارج، وبدأنا بالفعل نشهد ذلك، سنخسر دفعة ثانية من العمال المهرة الذين كنا نود الاحتفاظ بهم في البلاد". ومن بين المؤشرات الكاشفة لتزايد الوضع الحرج للتدفقات الدولارية، ما يصفه التجار بأنه توقف شبه تام في التدابير التي بدأ المصرف المركزي العمل بها في سبتمبر، لضمان توفير النقد الأجنبي لتمويل السلع الأساسية مثل الدواء والوقود والقمح.

مشاركة :